سلمان رشدي في غزّة
والحال أنّ الحوار في ذاته هزيل وسطحي واستعراضي، أسهمت الصحافية المحاورة نادين كروزاهلر في تفضيح سطحيته من خلال انبهارها بشخص رشدي أوّلاً؛ ثمّ تحويل المقابلة، ثانياً، إلى ما يشبه تحقيقاً بوليسياً حول واقعة طعن رشدي، وآخر المعلومات عن أوضاعه الصحية (حيث أبلغها أنه يشعر بـ»عافية تثير الدهشة»)، والأسف على «عالم يزداد عنفاً» ويشهد «انحسار الحضارة». وإذْ تباكى على صعود التيارات اليمينية في أوروبا، فإنّ رشدي لم يلفظ كلمة واحدة يتيمة عن الأسباب الجوهرية، الاجتماعية ــ السياسية والاقتصادية والثقافية، التي تفسّر معظم ذلك الصعود، فضلاً عن الإغفال التامّ لمظاهرها العنصرية والانعزالية والشعبوية الأبشع.
الفقرة التي تخصّ ما تسأله عنه المحاورة، أي «التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين والمعادية لإسرائيل جزئياً، خاصة في الجامعات، وإلغاء الدعوات والأحداث الثقافية ذات الإشكالية»؛ يبدأها رشدي من إدانة الحراك الطلابي في الولايات المتحدة (حيث يزعم أنه على اطلاع كافٍ، لأنه يدرّس في جامعة نيويورك!)، فيعيب على الطلاب أنهم لا ينتقدون حركة «حماس»، ولا يسهرون على عدم انجراف الاعتصامات إلى العداء للسامية. ولا يكفيه هذا إشباعاً للرغبة الدفينة، الملحّة الملحاحة كما يلوح، في دغدغة الخطاب اليميني السائد هنا وهناك في الولايات المتحدة والغرب، وفي دولة الاحتلال خصيصاً، بصدد القضية الفلسطينية؛ لأنه يتطوّع تلقائياً بالذهاب إلى الفقرة الأشدّ انتهازية وخسّة وانحطاطاً في الحوار: فكرة دولة فلسطينية مستقلة.
يقول رشدي: «كنتُ خلال الجزء الأكبر من حياتي مؤيداً لدولة فلسطينية مستقلة، ومنذ سنوات الثمانينيات. لكن إذا وُجدت اليوم دولة فلسطينية، فإنها ستكون بقيادة حماس وستكون لدينا دولة شبيهة بالطالبان، دولة جُرُم تابع لإيران. هل هذا ما يريد إنشاءه التقدميون في اليسار الغربي؟». ثمّ يجب، استطراداً، أن يبدي رشدي الأسف «لأنه لا تتوفر تأمّلات عميقة حول هذا الموضوع، مقابل ردّ الفعل العاطفي إزاء الموت في غزّة. لا بأس، ولكن حين ينزلق هذا نحو العداء للسامية، وأحياناً إلى مناصرة حماس، فالأمر عندئذ يصبح إشكالياً».
وهذه سطور لا تتحسّر على رشدي «أيام زمان»، ما قبل الفتوى الظلامية الحمقاء السفيهة أو ما بعدها؛ ولا تسجيل الدهشة إزاء هذا الموقف الانتهازي الرخيص الركيك، من صاحب روايات لامعة فارقة مثل «العار» و»أطفال منتصف الليل»؛ ولا حتى استذكار زمن شهد الحوار الفريد الذي أداره رشدي مع إدوارد سعيد على مسرح معهد لندن للفنون المعاصرة (ICA) في أيلول/سبتمبر 1986، حين أسهب الأوّل في الإعراب عن مساندته التامة للشعب الذي يمثّله الثاني، وتضامنه المطلق مع فلسطين بوصفها التجسيد الأعلى لـ»الاقتلاع، والتجريد من الأرض، والمنفى، والهوية».
ليست غايتها أيضاً تذكير هذا المنافق المخاتل المداهن بمقدار تضامن مثقفين عرب وفلسطينيين كبار، من عيار إدوارد سعيد وعبد الرحمن منيف ومحمود درويش وأنطون مقدسي وهشام جعيط وإميل حبيبي والطيب صالح والياس خوري وأنطون شماس والياس صنبر وفواز طرابلسي، وعشرات سواهم؛ مع رشدي، ضدّ الفتوى الخمينية. كان ذلك التضامن صائباً وصحيحاً ومطلوباً، ليس دفاعاً عن رشدي ضدّ تحريض مفتوح عنوانه التصفية الجسدية فحسب؛ بل، أوّلاً وفي الجوهر، على سبيل الدفاع عن الحقّ في التعبير، ذاك الذي يُنكر على فلسطينيين أمثال درويش وحبيبي وصنبر، من جانب الغرب ذاته الذي ادعى مساندة رشدي.
هي سطور تنذكّر، في المقابل، وإزاء أحدث هبوط من جانب رشدي نحو حضيض أقبح، أنه -في ساحات النفاق للغرب والزلفى لليمين والتعرّي الأخلاقي والفكري- ظلّ يسابق أعتى النماذج ضمن ما أطلقت عليه الدراسات ما بعد الاستعمارية صفة «المخبر المحلي» Native Informant؛ سواء ضمن معانيه الأبسط، التي تتضمن خيانة الذات لصالح السلطة على اختلاف أنماطها؛ أو كما ناقشته غاياتري شاكرافورتي سبيفاك على نحو مستفيض في كتابها الرائد «نقد العلّة ما بعد الاستعمارية: نحو تاريخ لحاضر يتلاشى»، 1999. وإذا كان الأصل في هذه «الوظيفة» يعود إلى الأنثروبولوجيا، حين كان المترجم المحلّي يتطوّع بإشباع رغائب الباحث الأوروبي حتى على حساب تشويه الثقافة الوطنية وتزييف جوهرها؛ فإنّ رشدي في ممارسة هذا الدور حول فكرة الدولة الفلسطينية تحديداً لا يتبارى مع الغربيّ فقط، بل يسابقه ويزاود عليه ويلهث لتجاوزه.
وفي انتظار تصريحات لاحقة أحطّ سويّة وأدنى منطقاً وأسفل لفظاً، ليس رشدي أوّل المتعرّين في ساحات التزلّف للقوّة، ولمجموعات الضغط الإسرائيلية والصهيونية واليمينية والفاشية؛ والغالب أنه لن يكون الأخير، للمرء أن يراهن مغمض العينين!
(القدس العربي)
تسليم الشارات الدولية لعام 2025 لعشرين حكماً
الاحتلال يقتحم منازل أسرى محررين وينفذ اعتقالات
بطولة دبي للسلة .. اتحاد عمان يخسر أمام بيروت
أمين عام وزارة الاقتصاد الرقمي تتفقد مشاريع بالسلط والكرك
غرس 250 من الاشتال الحرجية بمنطقة طريق العارضة
أسير أردني يرفض الإفراج عنه في صفقة التبادل والسبب ..
المجندات الإسرائيليات المحررات يشكرن القسّام باللغة العربية .. فيديو
لماذا يشكل هاتفك تهديدًا أمنيًا لشركتك
ما هي شريحة TPM ولماذا يحتاجها جهازك
وزير الشباب يتفقد مركزي شباب وشابات في المفرق
وصول الأسير الأردني ثائر اللوزي إلى غزة
أردنيون مطلوبون للقضاء .. أسماء
نشرة الطقس في الأردن حتى الأربعاء
القضاء يبرئ د. بني سلامة من قضية رفعها محامي اليرموك
دعوة للمكلفين بضريبة الأبنية والأراضي ومالكي العقارات
الأردن .. إطلاق المرحلة الثانية للتعرفة الكهربائية المرتبطة بالزمن
محافظ البلقاء يستدعي بائع هواء السلط .. فيديو
تخفيضات في المؤسسة الاستهلاكية العسكرية .. رابط
غزيون يرفعون لافتة كتب عليها "الأردن منا ونحن منهم"
مهم للأشخاص الذين يعانون من ارتفاع فواتير الكهرباء
هل يوم الإسراء والمعراج عطلة رسمية في الأردن
إحالة أمين عام وزارة الشباب إلى التقاعد
سابقة تاريخية .. القضاء ينتصر لأستاذ جامعي في اليرموك للمرة الخامسة
الملكة رانيا:الاثنين غاليين على قلبي بس الجاي أغلى