عابرة كالحلم .. الفصل الثاني

mainThumb

21-10-2025 08:57 PM

موعد عند منتصف الليل

بعد تلك الليلة المريبة، بقيتُ أتأرجح بين الانتظار والخذلان. كنت أترقّب مكالمتها كما يترقب العاشق انبلاج الفجر، لكن الصمت كان يزداد وطأة، كجدارٍ يزداد سُمكًا كلما مرّت الأيام. لم أشأ أن أكون المبادر، فقاعدتي التي لم أخنها يومًا كانت واضحة:
"من أرادك، سيأتيك بنفسه؛ فلا تطرق بابًا لم يُفتح لك."

غير أن الشوق كان ينهشني من الداخل، يكبّل أصابعي عن الاتصال، بينما يتكفّل غرور الرجل ببناء متاريس من الكبرياء. شيئًا فشيئًا، بدت تلك الحكاية كأنها حلم عابر، يتلاشى في ضباب الذاكرة.

حتى جاء ذلك المساء…
كنتُ أحتسي كوب شاي بالنعناع، رفيقي الأبدي في لحظات الوحدة، حين دوّى رنين هاتفي فجأة. رقم مجهول يطفو على الشاشة، لكن إحساس الكاتب داخلي كان يهمس بثقة: إنها هي.

رفعتُ السماعة، فاندفع صوتها المرتبك متلعثمًا، يفضحه الخجل:
"اعذرني أيها الكاتب الشفيف… لم يكن هروبي تلك الليلة بإرادتي. كان (علي) ينتظرني، يهمس في أذني أن أغادر… لم تعجبه الحفلة، ولا جلستي معك."

شهقتُ بدهشة:
"ومن يكون علي؟"

ساد صمت ثقيل، كنت أسمع ارتجاف أنفاسها يتقطّع كأنها تركض وهي ساكنة. فجأةً تسلّل صوت رجالي غامض، يأمرها بصرامة أن تغلق الهاتف. لكنها لم تنصع، بل راحت تتلو آياتٍ من القرآن بصوت مرتجف، كأنها تستدعي بها جدارًا من نور يحميها من شيء يطاردها. ثم انقطع الخط…

لم تمض دقائق حتى عاودت الاتصال، همسها يتقاطر اعتذارًا:
"أنا آسفة جدًا… هل لديك وقت لتسمع قصتي؟"

أجبتها بلهفة يتنازعها الفضول والريبة:
"نعم… لكن أخبريني أولًا، من يكون (علي)؟"

ترددت برهة، ثم لفظت الكلمة كرصاصة تشق صمت الليل:
"علي… هو الرجل الذي يحبني. أمير من أمراء الجن."

وانقطع الاتصال فجأة. بقي الهاتف ساكنًا بين يدي، فيما أذني تطنّ بصدى كلماتها، كطلاسم غامضة تتردّد في جدران قلبي. تساءلت مرتجفًا:
هل أنا أمام قصة حبّ استثنائية؟ أم أنني للتوّ فتحت بابًا نحو لعنة لا خلاص منها؟

وللقصة بقيّة…



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد