دماء بريئة على شاطئ غزة
هذا ما يحدث بالضبط في غزة، حيث يدفع أهلها من دمائهم، ولكنَّ هذا الدم النازف لا يكفي لصاحب هذه الشعارات الذي يدعو لمزيد من الدمار بشرط ألا تصل إلى بيته، ولمزيد من التضحيات بشرط ألا تكون بين عائلته، ولمزيد من التحمل والتصبر بشرط أن يكونا بعيداً عنه، فهو لا يتحمل فقدان هاتفه لساعات أو خسارة متابعيه على وسائل التواصل. ما أسهل أن تكون بطلاً على حساب الآخرين وتُظهر الشجاعة وأنت أمام الكيبورد ولست تحت القصف العنيف، وما أسوأ أن تستخدم آلام الضحايا آلية نفسية للتطهر الذاتي وإشباع النفس، أو من أجل الشهرة أو المال أو خدمة عقيدة فكرية ومشروع سياسي.
ونعرف الكثيرين من الذين يطالبون بمزيد من التضحيات وهم يقضون أوقاتهم في اللهو وجمع الأموال والسفر والشهرة ولا تفوتهم آخر الموضات باهظة الثمن. وفي الوقت الذي يتلطخ شاطئ غزة بالدماء البريئة، يقضون هم أوقاتهم على الشواطئ المشمسة الخاصة التي تتعالى فيها الضحكات وأصوات الموسيقى. يعيشون حياة طيبة وسعيدة (وهذا من حقهم)، ولكنهم يرفضونها لأهل غزة.
لماذا؟ هل دماؤهم وجيناتهم أقل من دمائكم وجيناتكم؟ لا. هل حرام عليهم أن يعيشوا حياة طبيعية مثل بقية البشر؟ لا. أليست لديهم أحلام وطموحات لأنفسهم ولأطفالهم؟ بالتأكيد بلى. كل هذه الأشياء الغريزية الطبيعية التي نريدها كلنا وأهل غزة، مثل بقية البشر، يستحقونها.
لكنَّ المزايدين لهم وجهة نظر أخرى. إنهم بحاجة إلى معاناة آخرين بعيدين عنهم حتى يشعروا بأنهم في حال أفضل (حتى لو لم يدركوا ذلك). يستخدمونهم شعاراً كي يشعروا بالرضا عن أنفسهم. لديهم كل شيء ولكنهم يفتقدون شيئاً ما يجعلهم يشعرون بأنهم مناضلون وأصحاب قضية حتى لو كان أصحاب القضية الأصلية نفسها يصرخون ويستغيثون كل يوم ويريدون النجاة بحياتهم ويطالبون بوقف هذه الحرب الإسرائيلية الوحشية الرهيبة رحمةً بهم.
إن نهاية معاناتهم ستجعل المزايدين في حيرة من أمرهم، ولكنها حيرة لن تطول. المزايد بطبيعته سيجد دائماً شيئاً يصور فيه نفسه أنه أفضل من الآخرين الخونة والعملاء. وهم لا يكتفون بطلب من أهل الضحايا أن يصمدوا حتى لو خسروا كل أطفالهم وأموالهم وتهدمت بيوتهم ولكنهم يُلقون التهم على الآخرين لأنهم فقط يطالبون بإنقاذ أهل غزة (أو ما تبقى منهم).
شكوى أي أحد من أهل غزة، ورغبته في إنهاء الحرب والمحافظة على مَن تبقى من أفراد عائلته والعودة إلى منزله بسلام حتى لو كان مهدماً، كأي إنسان، ستجعله عرضةً للهجوم والتخوين من هذا المزايد الذي يعيش بعيداً عنه آلاف الأميال آمناً في منزله وبين أطفاله الذين يدرسون في أفضل المدارس ويحصلون على تأمين صحي شامل. هذه المزايدة في أعلى مستوياتها: مسفوك الدم والمقتول والمشرد أصبحوا خونة وعملاء، والآمن البعيد أصبح النبيل والشريف. ولكنَّ شاباً من غزة يعيش في العراء منذ أشهر ويهجَّر من مكان لآخر لا يستحق أن يحافظ على حياته ولا يُسمح له بأن يطلب أن يعيش بسلام ورخاء مثل غيره. مقتله هو الشيء الذي سيعطيه صك البراءة من الخيانة. حياته تحولت إلى «تريند» يستخدمونه لساعات ثم يستأنفون حياتهم ومتعها التي لا يمكن الاستغناء عنها من متابعة المباريات إلى مشاهدة «نتفليكس». أسهل شيء في الحياة أن تنفق مال الآخرين وتتاجر بدماء الآخرين وتضحّي بأطفال الآخرين. الآخرون مجرد بضاعة وسلعة تُستخدم لوقت قصير ثم تُرمى في سلة المهملات بعد أن تستنفد أغراضها. أصحاب الأجندات يرون أنها تخدم مشروعهم وآيديولوجيتهم، والساسة الشعبويون يعتقدون أنها ترفع من أسهمهم وتحقق لهم مناصب ومكاسب، والمشاهير تحقق لهم مزيداً من الجماهيرية، والمؤثرون تزيد من متابعيهم وترفع قيمة عقودهم، والمحللون العسكريون والإعلاميون تحشو جيوبهم بالمال الملطخ بالدم. وجميعهم سينسون بعد وقت قصير الأم الغزية التي فقدت طفلها بعد أن استثمروا بمعاناتها المؤلمة، كل واحد لهدفه الخاص. وبينما ستعيش مكلومةً على ذكرى وصورة لا تغادر مخيلتها سيتفرقون سريعاً ويبحثون عن ضحية أخرى، وبعضهم سيذهب إلى الشواطئ المشمسة ليكمل الحفلة التي ما زالت في بدايتها.
رجل نام في سرير والدته المتوفاة وما حدث لاحقاً أثار الصدمة
الشرع يعزي ترامب بضحايا الهجوم في ريف حمص
التسلسل الزمني للمنخفض الجوي الذي يبدأ تأثيره على المملكة مساء الإثنين
دراسة حكومية تقدم خريطة طريق لتنمية الاقتصاد الرقمي
تفاصيل مأساوية .. يُنصح بعدم القراءة لذوي القلوب الحساسة
غش في ديزل التدفئة… جريمة صامتة تهدد بيوت الناس
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم سيدني إلى 16 قتيلا
388 عملية تجميل و 8 سنوات بلا طعام .. بلوغر شهيرة تثير الصدمة
النشامى ينهي تحضيراته لمواجهة السعودية بنصف نهائي كأس العرب
الأمن العام يحذر من الصوبات الرخيصة .. ويؤكد: لا تدفئة تستحق المخاطرة بالأرواح
إضاءة شجرة عيد الميلاد في العقبة
بعد سنوات من الغياب .. عبلة كامل توجه رسالة نارية للجميع
ميسي يعلّق على مواجهة الجزائر والأردن في مونديال 2026
إطلاق أطول رحلة طيران تجارية في العالم
وظائف في مؤسسة الاقراض الزراعي .. الشروط والتفاصيل
وظائف شاغرة في وزارة العمل والأحوال المدنية .. تفاصيل
باراماونت تقدم عرضًا نقديًا مضادًا للاستحواذ على وارنر براذرز
المفوضية الأوروبية تحقق مع جوجل بسبب الذكاء الاصطناعي
فصل نهائي ومؤقت بحق 26 طالباً في اليرموك .. التفاصيل
اكتمال ملامح ربع نهائي كأس العرب 2025 .. جدول المباريات إلى النهائي
مدعوون للتعيين في وزارة الأشغال .. أسماء
توضيح حكومي حول أسعار البنزين والديزل
وفاة مشهور التواصل السعودي أبو مرداع بحادث مروع
الخطاطبة رئيسًا لجمعية أطباء العيون
أخطر الكتب في التاريخ .. هل تجرؤ على قراءتها




