ازدواجية الغرب .. شعارات السلام وواقع الدماء

mainThumb

10-12-2024 11:14 PM

عند النظر شرقًا وغربًا، لا نرى سوى سياسات متعطشة لسفك الدماء، مستترة خلف شعارات زائفة تدّعي الإنسانية والسلام. المحزن أن معظم الضحايا هم من العرب، شعوبٌ تُسحق تحت رحى مؤامرات تُحاك بأيدي أعظم القوى العالمية. تلك القوى التي صدّعت رؤوسنا بشعاراتها عن "حقوق الإنسان"، لكنها تطبّقها فقط داخل حدودها، بينما تتعامل مع العالم العربي بازدراء وكأننا "لا نستحق الحياة".

السياسات الغربية تُخضعنا، تلعب بنا كدمى في أيدي لاعبين مهرة، بينما نصفق لهم بحرارة. نحن الجمهور ونحن اللعبة. المأساة أننا من نمنحهم أدوات التلاعب بنا، نصدّق رواياتهم، وننساق وراء دعاياتهم.

من ينسى كذبة أسلحة الدمار الشامل في العراق؟ عامًا كاملًا وأمريكا تروّج لرواية امتلاك العراق لهذه الأسلحة، لتبرر غزوها. العراق الذي دُمّر بالكامل وشعبه الذي شُرّد، بعد أن أطاحت به الحرب. وفي النهاية، يخرج وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول ليعترف في 2005 بأن ما قاله كان وصمة عار في تاريخه.

اليوم، يتكرر المشهد. أمريكا تواصل تمويل الكيان الإسرائيلي، تمده بأحدث الأسلحة لقتل الأبرياء في غزة. قطاعٌ مكتظ بأكثر من مليوني إنسان يعيشون في حصار وظروف إنسانية قاسية، بينما العالم يقف صامتًا. لا صوت من الأمم المتحدة، ولا تحرك من منظمات حقوق الإنسان.

الوضع في سوريا ليس أقل كارثية. الملايين من اللاجئين تركوا ديارهم، هاربين من قصف لا يميز بين مدني ومسلح. نظامٌ فاشي يحظى بدعم روسي وإيراني أنقذه من السقوط، بينما قُتل الآلاف الذين طالبوا بالحرية. المفارقة أن روسيا تلتزم باتفاقيات جنيف حين يتعلق الأمر بأوكرانيا، لكنها تتجاهلها تمامًا عندما تكون الضحية شعبًا عربيًا.

رغم كل هذا البطش، ما زال هناك من العرب من يرى أن خلاصنا بيد الغرب. يلومون أنفسهم وشعوبهم، ويغضون الطرف عن المؤامرات التي تُحاك ضدنا. هؤلاء جزء من المشكلة، أُفرغت هويتهم العربية وأصبحوا عميانًا أمام خطايا الغرب.

أليس هذا وقت التنوير؟ أليس الوقت قد حان لنفهم حقيقة هذه الأنظمة التي تحكمنا من الخارج؟ نحن بحاجة إلى التخلص من التبعية، والوقوف معًا كعرب لنستعيد تاريخنا ومجدنا. مستقبلنا لن يُكتب بأيدٍ غربية، بل بأيدينا نحن. إذا لم نتحرك الآن، فمتى؟

لن يعود للعرب مجدهم إلا بوحدتهم. وحدة قادرة على دحر الهيمنة الغربية وإعادة بناء تاريخنا المشرف. العالم لن يحترمنا حتى نحترم أنفسنا، ولن يعترف بنا حتى نقف متماسكين، نكتب فصول مستقبلنا بأيدينا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد