هل انتهى زمن الإيديولوجيا والأحزاب العقائدية
لا نبالغ إذا قلنا إن السياسة والأحزاب العقائدية قد بدأت تختفي من الساحة السياسية، وخاصة في الغرب منذ القرن الخامس عشر وما بعده، عندما بدأ المجتمع الزراعي يتلاشى، ليحل محله العصر الصناعي، حيث حدث الانقلاب الفعلي على الكنيسة ورجال الدين ليبرز مكانهم طبقة جديدة من رجال الأعمال والصناعيين الذين لم يكن همهم وقتها فقط القضاء على الحكم الديني فحسب بل أيضاً التحضير للمرحلة الاستعمارية الغربية، حيث بدأت الطبقة الجديدة من السياسيين تفكر بعلمنة الحياة سياسياً واجتماعياً تمهيداً لتغيير المجتمعات في الداخل وإطلاق الحملات الاستعمارية إلى أفريقيا وغيرها. بعبارة أخرى، يمكن القول إنه منذ ذلك الحين بدأ القضاء على الفكر السياسي الديني وإبعاده عن الساحة، وذلك بفصل الدين عن الدولة، لا بل قفزت أبعد من ذلك ليكون اهتمامها الأساسي والرئيسي منصباً على القضايا المادية بالدرجة الأولى.
وكلما تطورت الحياة السياسية المادية، كنا نرى ظهور العديد من الأعمال الأدبية من روايات ومسرحيات وخاصة في الأدب البريطاني، وكلها كانت تنتقد وتفضح الجنوح الجنوني في اتجاه المادة والتخلي عن الجوانب الروحية والإنسانية للإنسان. وقد شاهدنا ذلك في روايات أرنولد بَنيت، ودي أتش لورانس، وجين أوستين، وتشارلز ديكنز، وغيرهم. ولا شك أن الاتجاه المادي في الحياة والسياسة الغربية قد أصبح فاقعاً جداً خلال القرن العشرين وما تلاه، وذلك بسبب التقدم الصناعي والتكنولوجي المذهل، بحيث بات الناس في الشرق والغرب مهووسين بالمال والتكنولوجيا، وبدأوا يبتعدون أكثر فأكثر عن الحياة الروحية، فالكل اليوم يريد أن يقتني أحدث المنتوجات التكنولوجية من موبايلات وسيارات وتلفزيونات وألعاب وآلات وأدوات لا يمكن للشعوب أن تعيش من دونها، وبالتالي فإن العقل السياسي لا بد أن يساير هذا التحول التكنولوجي الرهيب ويجاريه سياسياً، خاصة إذا ما علمنا أن الواقع الاقتصادي، كما قال كارل ماركس، هو الذي يحدد ويرسم الواقع الاجتماعي، فالاقتصاد والمال هما اللذان يقودان السياسة والمجتمع وليس العكس، وهذا يعني أن السياسة تحولت منذ زمن طويل، وخاصة في البلدان المتقدمة، من سياسة عقائدية إلى سياسة اقتصادية وبالضرورة برامجية ووظيفية، وقد شاهدنا كيف سقطت الأنظمة ذات التوجه العقائدي في الاتحاد السوفياتي والمنظومة الشيوعية الشرقية عموماً، لأنها بالغت في التركيز على العقيدة السياسية بعيداً عن الواقع الاقتصادي والتكنولوجي المتحول بسرعة رهيبة، لهذا مثلاً كنا نرى كيف كان الشعب السوفياتي يتوق لتدخين سيجارة مالبورو أمريكية، أو تناول وجبة ماكدونالد، لأنه كان غارقاً في عالم عقائدي أجوف، سقط كله أخيراً وتوجه في اتجاه الاقتصاد والسياسة الحزبية البرامجية التي تقوم على وضع برامج اقتصادية وتنموية لخدمة المجتمعات بدل الغرق في خزعبلات الأيديولوجيا.
قد يقول قائل: ألا ترى أن المجتمع الأمريكي مثلاً مازال يشارك في الانتخابات على أساس عقائدي؟ ألم يفز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذه المرة بأصوات المعارضين للتحول الجنسي والمثلية؟ لا شك أن شرائح كثيرة من كل الأديان في أمريكا صوتت لترامب لأنه يعارض التحول الجنسي، لكن الذين صوتوا له لم يصوتوا على أساس ديني، بل على أساس اجتماعي، لأن ظاهرة التحول الجنسي باتت تشكل خطراً على المجتمع وحتى على الاقتصاد، وبالتالي فالتصويت لترامب لم يكن على أساس عقائدي محض.
ولو نظرنا اليوم الى الأحزاب المتنافسة في الغرب لوجدنا أن الفروقات العقائدية والأيديولوجية بينها قد بدأت تختفي تدريجياً إن لم تكن قد اختفت تماماً في بعض البلدان، لأن الشعوب باتت تريد أحزاباً برامجية ووظيفية وخدمية أكثر منها عقائدية. الشعوب، وخاصة العربية المسحوقة، تريد اليوم تنمية وخدمات وتطوراً ووضعاً معيشياً مقبولاً، ولم تعد تذهب الى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثلها الروحي. ولو سألت الناخبين في بريطانيا أو أي بلد أوروبي آخر مثلاً ستجد أنهم أدلوا بأصواتهم لصالح هذا الحزب أو ذاك لأنه يقدم خدمات أكثر من غيره، وليس بناء على توجهاته العقدية. ولو قارنت بين حزبي العمال والمحافظين اليوم في بريطانيا ستجد أن خلافاتهما العقائدية قد خفت كثيراً، وصار التنافس على البرامج والتنمية والخدمات أكثر منه على العقيدة السياسية. فإذا كان الوضع هكذا في الغرب المتقدم علينا بأشواط في موضوع الخدمات والتنمية والتطور، فكيف إذاً بمجتمعاتنا العربية المحرومة من أبسط الخدمات؟ الشعوب العربية اليوم تريد تنمية وتطوراً وتحسين أوضاعها المعيشية المزرية، والأحزاب التي تريد أن تنجح في إدارة أي بلد عربي اليوم يجب أن يركز بالدرجة الأولى على برامجها التنموية، فقد فشلت كل الأحزاب العقائدية على الصعيد التنموي، وتحولت إلى عصابات. وقد شاهدنا السقوط المدوي لما يسمى بنظام البعث في سوريا ونظام الإنقاذ في السودان. التنمية ثم التنمية إذاً أولاً وأخيراً. وطوبى للتنمويين الجدد!
كاتب واعلامي سوري
عشرات القتلى بهجوم مسيّرة للدعم السريع في جنوب كردفان
ارتفاع مبيعات الشقق فوق الـ150 م² بنسبة 6%
غارات إسرائيلية عنيفة تضرب رفح وخان يونس جنوب غزة
رئيس الوزراء يفتتح مركز جرش الثقافي
الشرع: نعمل دولياً للضغط على إسرائيل للانسحاب من أراضينا
معان تتصدر كميات الأمطار بـ22.7 ملم
المالية النيابية تستكمل مناقشة مشروع الموازنة اليوم
الصين وروسيا تنفذان ثالث مناورات مضادة للصواريخ
المنطقة العسكرية الشمالية تحبط محاولة تسلل 3 أشخاص
طوكيو تتهم مقاتلات صينية بتوجيه رادارات إطلاق النار
طقس بارد حتى الأربعاء وتحذير من الضباب والانزلاق
ما قصة الحمار السعيد وكيف يعالج الأمراض
عادت للإسلام بعد 33 سنة من الردة .. من هي ناهد متولي
قفزة غير مسبوقة في البحث عن الأردن بعد التأهل للمونديال العالم 2026
وزارة البيئة تعلن عن حاجتها لتعيين موظفين .. التفاصيل
مجلس الوزراء يوافق على تسوية غرامات المبتعثين وفق شروط
الحكومة تعتمد نظاما جديدا للمحكمة الدستورية 2025
مجلس الوزراء يوافق على تعديل رسوم هيئة الأوراق المالية 2025
وظائف حكومية شاغرة ودعوة آخرين للمقابلات الشخصية .. أسماء
ماهي شبكة الذكاء الاصطناعي اللامركزية الجديدة Cocoon
لأول مرة منذ 14 عاما .. "آيفون 17" يعيد آبل إلى الصدارة العالمية
الحكومة تقر نظام وحدة حماية البيانات الشخصية لعام 2025
أوبن إيه آي تعتزم إدخال تحسينات على تشات جي بي تي
وظائف حكومية ومدعوون للمقابلة .. الأسماء والتفاصيل

