صحيفة السوسنة الأردنية

هذا المبني للمجهول كثير الاستعمال، كثير الاستدلال. يتقدم حديثنا ويتوسطه، وما أكثر ما نختم به كلامنا. يستعمله الوزير والنائب والمعلم والطالب والأب والأم، كلنا نستعمله.

شعب يعشق التلميح، ثقافتنا مبنية على التلويح أو العمومية. ولكننا ندس السم ونرمي السهم، نخشى الصراحة والقول المباشر. نختبئ وراء "لم أقصد" أو "أنت فهمت غلط".

بطولاتنا بلا سيوف، وأمجادنا بلا حروف. هذا المبني للمجهول أراحنا من المواجهة، ونحن ظلمناه بسوء النوايا والمقصد. نخشى الصراحة وقول الحق، وإن قال أحدهم "أفهم ما ترمي إليه"، عندها نتبرأ من أقوالنا ونتوضأ بمعسول الكلام.

ونعود نرتدي الدرع ونشهر سيوف الحقيقة فقط أمام المرايا، ونبدأ موشحات لوم الذات: "لو أنني قلت كذا وكذا..." صراخنا لا تسمعه آذاننا.

نحمل أكياس المجاملة ونجر حبال المجادلة في كل مرة، ولا نعرف الفرق بين المجاملة والخداع، ولا نعرف الفرق بين المجادلة وملاقحة الأفكار. شعارنا البراق: "اليد التي لا تقدر عليها، بوسها وادع عليها بالكسر