تَغييب للحقيقة .. وخطر على الوطن

تَغييب للحقيقة ..  وخطر على الوطن

22-04-2025 10:35 PM

في الوقت الذي تمر فيه الدولة الأردنية بتحديات اقتصادية وسياسية واجتماعية عميقة تقضّ مضاجعه، يصر الإعلام على المضي في طريق أحادي، لا يرى إلا بعينٍ واحدة، ولا يُسمع فيه إلا صوت واحد. صوت لا يحمل إلا مدائح لمرحلة أرهقت الدولة واضعفتها ، ولا يتسع لوجهات النظر الأخرى، خاصة تلك التي تنبعُ من قلق وحذر حقيقي على الوطن وأبنائه.
الإعلام ، في تناوله للشأن السياسي الداخلي والخارجي، لا يستضيف سوى الوزراء والمسؤولين السابقين المُستهلكين بنظر المواطنيين، الذين لم يترُكوا في مواقعهم السابقة إلا الفشل والخيبات والديون. أشخاص كانوا جزءاً من الأزمة، ومع ذلك يُقدَّمون اليوم كمحللين وخبراء، بينما يُقصى أصحاب الرأي الصادق والبرامج الفاعله والطرح الموضوعي، بحجة "الانتماء" أو "الحفاظ على هيبة الدولة".
حين يُقصى صوت الحق، وتُهمَّش الآراء المختلفة ,تُغييب الحقيقة ، ويختزل الوطن ولا يُصان، بل يُهدد من الداخل ويصبح في خطر . الحقيقة لا تُصنع من التكرار التفث الممجوج، بل من النقاش الحر وإلا يولد الحقد وتنفجر الفتن . والإعلام حين يتحول إلى صدى لأفكارمستنفذة مكررة ونُخب ثقيله على السمع والنظر تُعيد إنتاج فشلها، فإنه يفقد رسالته، ويتحول إلى جزء من الأزمة لا وسيلة لفهمها أو الخروج منها.
الخطورة لا تكمن فقط في تغييب وجهات النظر وانحسارها ، بل في صناعة وعي زائف للناس وانتاج نخب ببغاويه تُردد ماتسمع ،لاتعي ماتقول، وخلق معارك أهليه وهمية باسم الولاء والانتماء ترهق الدوله وتثير المتاعب. فيُخَوَّن المعارض الوطني وتُلصق به التهم ، ويُرفَّع الفاشل السقيم القديم ويُسوّق لأنه "ابن النظام" الذي لا يُفطم ، وتضيع بين هذا وذاك مصلحة المواطن والدولة .
المواطن اليوم يشعرأنه مُهمّش وأن صوته لا يُسمع، وأن الإعلام لا يُمثّل إلا شريحة ضيقة من زبائنه التي لا تعكس واقع الناس ولا همومهم (إعلام يعمّق الفجوة ).
وهذا الشعور بالتهميش يُولِّد نقمة ويخلق فتنه، ويضعف الثقة بالمؤسسات، ويعمّق الفجوة بين الدولة ومواطنيها.
كيف يمكن أن نبني وطنًا موحدًا إذا كانت الآراء المختلفة تُقصى، ويُسْكت صوت من يملك رأيًا وطنيًا لا يُرضي بعض مراكز القوى؟ وكيف نُحافظ على استقرار النظام ونحن نُغلّق أبواب الحوار الحقيقي، ونُصرُّ على إعادة تدوير ذات الوجوه والأفكار التي أوصلتنا إلى ما نحن فيه من السواد وضيف عيش العباد.
الولاء الحقيقي لا يكون بترديد الكلام المنمّق، بل بمُصارحة الذات والنصح والبحث عن الحقيقة والمشاكل وحلولها (فيكون إعلام وطني جامع)يرى بعين الحقيقه لا بعين الزيغ والهوى.
والإعلام الذي لا يعكس هذا التوجّه، يتحوّل من أداة للبناء إلى وسيلة للهدم والفناء. ما نحتاجه اليوم هو إعلام وطني جامع، مهني، حر مستقل، يستمع للجميع، ويمنح مساحة للرأي والرأي الآخر، دون تخوين أو إقصاء.
الأنظمة القوية والدول الرشيده هي التي تستمد قوتها من قدرتها على الاستماع والحوار (وهذا هو نظامنا ودولتنا)، لا من قدرتها على التلميع والتلقين. والوطن لا يُبنى بعين واحدة، بل بنظرة شاملة ترى الحقيقة كما هي وتنشرهاوتُرسخها، وتؤمن أن النقد البنّاء هو أعلى درجات الانتماء والولاء .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد

بطل العالم يحذّر الأرجنتين من الأردن والجزائر في المونديال

تل أبيب تفرض شروطاً صارمة قبل انتقال اتفاق غزة لمرحلته الثانية

انهيار اقتصادي يغزو إسرائيل .. ربع العائلات الإسرائيلية تعيش الجوع

نواب يهاجمون موازنة 2026: غلاء المعيشة وتراجع الدخل في صدارة الانتقادات

ارتفاع قياسي في الطلب على أسطوانات الغاز مع اشتداد المنخفض الجوي

ترامب: أوروبا تمضي في اتجاهات لا تُحمد عقباها

زيلينسكي: لا يجوز لنا التنازل عن أراض لروسيا

السفير البريطاني في عمان وأبو حلتم يبحثان سبل تعزيز الاستثمار والتعاون

استبعاد توني بلير من مجلس السلام الخاص بغزة

السيارات الكهربائية .. تحديات تعرقل انتشارها رغم الإقبال الكبير

انخفاض مؤشرات الأسهم الأميركية ونفط تكساس

النمرات يفوز باكتساح في انتخابات جمعية الدارسين بالروسية

إصابة 10 من عائلة واحدة بتدهور مركبة على طريق الرمثا بشرى

الكرسي الذي يُصمّ الآذان

دعوات لتوفير بدائل اقتصادية للفتيات المعرضات للزواج المبكر