لماذا اشتعل الصراع مجدداً بين الهند وباكستان
وباكستان، والممتد منذ عام 1947 حينما شارفت شمس بريطانيا العظمى على الانحسار، فقسمت شبه القارة الهندية على قاعدة طائفية، يُمْنَحُ المسلمون بموجبها منطقةُ باكستان الغربية، وأخرى في أقصى شرق الباكستان (باكستان الشرقية) التي استعانت بالهند عام 1971 لتستقلّ عن الباكستان تحت اسم بنغلاديش.. وبقيت العقبة الكأداء متمثلة بكشمير المتنازع عليها على صعيد إقليمي.
تحتل كشمير موقعاً جغرافياً إستراتيجياً بين وسط وجنوب آسيا حيث تشترك في الحدود مع أربع دول هي الهند وباكستان وأفغانستان والصين. وتبلغ مساحتها الكلية 86023 ميلاً مربعا، يقسمها خط وقف إطلاق النار منذ عام 1949، ويعرف منذ اتفاقية شملا الموقع عليها عام 1972 بخط الهدنة.
ويسكنها حوالي 22 مليون نسمه مكونة من غالبية مسلمة وأقليات هندوسية وبوذية وغيرها.
وكشمير مقسمه الآن بين ثلاث دول نووية، وهي:
- الهند التي تسيطر على حوالي 46% من مساحه كشمير التاريخيه ويعيش فيها حوالي 15 مليون نسمة (خليط من الغالبية المسلمة والأقلية الهندوسية).
- تليها الباكستان وتسيطر على حوالي 39% ويسكنها حوالي 7 مليون نسمة. - أما الصين فتسيطر على حوالي 15% من مساحه كشمير وهي تضاريس وعرة تسكنها أقلية تقدر ببضعة آلاف.
هذا الصراع المزمن بين الهند والباكستان متشنج وعمره 78 عاماً وتحكمه قاعدة رخوة من التوازن النووي بين البلدين رغم التباين في القوتين العسكرية التقليدية والاقتصادية حيث تميل فيه الكفة إلى الهند.
ولعل من المفارقات التي تعنينا في هذا السياق هي أن الهند حليف استراتيجيٌّ عسكريٌّ وتكنلوجيٌّ لدولةِ الاحتلال الإسرائيلي، وقد اجتمعا على عقيدة العداء للمسلمين، وخاصة الباكستان التي تناصر الحق الفلسطيني ولم تعترف بما يسمى "إسرائيل"؛ لذلك هي مستهدفة من قبلها.
لا بل أن كليهما دولتان دينيتان، (اليهودية لإسرائيل والهندوسية للهند) ويؤمن اليمين المتطرف فيهما بسياسة التطهير العرقي الطائفي، حيث أن بعض الكتاب الهنود يتوعدون كشمير بمصير غزة التي نالها الدمار التام.. فالهند العلمانية في عهد أنديرا غاندي ليست هي الهند الهندوسية في وقتنا الراهن.
وتوصف كشمير ب"فلسطين جنوب آسيا" من حيث الشبه التاريخي في تداعيات الصراع، وجوهر الخلاف القائم على الاحتلال وتجاهل الموقف الأممي، وكون ما تتعرضان له من أزمات من صنع بريطانيا بعد أفول شمسها.
حيث وصف الرئيس الامريكي الأسبق كلينتن القضية الكشميرية بأنها أخطر مكان على وجه الارض وكأن الصراع على كشمير سوف يظل لآخر العمر.
ويبدو أنه كان على حق، فبذار الحرب بين الخصمين التاريخيين تجذرت في حرثها، فتبرعمت مجدداً بين الهند وباكستان على خلفية الحادث "الإرهابي" الذي حدث في 22 أبريل 2025 في وادي (بهلجام ودي) الكشميري السياحي الخاضع للاداره الهنديه.. حيث أوقف خمسةُ مسلحين قيل بأنهم ينتمون لجبهة المقاومة الكشميرية المسلمة، أوقفوا حافلة للركاب كانت تقل عدداً من السائحين معظمهم من الهندوس، وبعد ذلك فتحوا النار عليهم جميعاً بناءً على الهوية الدينية، فقتلوا 26 واصابوا ما يزيد عن 20 آخرين.
ولك أن تتخيل ردّات الفعل إزاء الحادث في دولة تكتسحها المشاعر الدينية الهندوسية ضد المسلمين (والتي درج الحزب الحاكم الحالي باراتيا جاناتا على استثمارها لصالحه باقتدار )؛ لا بل وتناصب العداء التاريخي للباكستان، وتؤمن بقدسية كشمير كأرض هندية يستوجب تحرير ما تبقى منها من الخصميْن اللدودين الصين والباكستان (وهو شعور متبادل بين الأطراف الثلاثة).
فما بالكم وقد ذكّر الهجومُ الأخيرُ الهنودَ بهجماتِ مومباي الشهيره عام
2008 والتي نفذتها جماعه "لوشكر طيبه" او "جيش الطاهرين" واسفرت حينها عن مقتل وإصابه المئات، حتى أنّ الذاكرة الثقافية البصرية وثقتها في عدة أفلام خالدة فأمست جزءاً من الوعي الهندي.
وتعتبر "لوشكر طيبه" الحركة الأم لجبهة المقاومة الكشميرية المسلحة التي تشارك بنشاط في التمرد في جامو وكشمير، وصنفتها الهند كمنظمة إرهابية رغم كونها معترف بها دوليًا كحركة تحرر مشروعة.. حيث وجهت الهند إليها أصابع الاتهام فوراً على اعتبار أنها واجهة لجماعة "لاشكر طيبه" أو "جيش الطيبين" المتمركز في باكستان والتي تطالب بدمج كشمير مع الباكستان. وتاسست الجماعة عام 1985 تحديداً بعد أن قامت نيوديلهي بالغاء الماده 370 من الدستور الهندي الذي كان يمنحُ كشميرَ ذات الاغلبيةِ المسلمةِ الحكمَ الذاتيّ فيها، مأ أثار غضبَ المسلمين في كشمير، من جهتها أدانته باكستان لأنه يمثل تجاوزاً لحقوق المسلمين في كشمير ويأخذهم إلى مصير مجهول.
ومن هذا المنطلق كانت الجبهة تعتبر مبدأ الكفاح المسلح ضد قوات الأمن الهندية حقاً مقدساً لتحرير الإقليم من "الاحتلال الهندي".. وذلك في سياق ايديولوجيةٍ سلفيةٍ جهاديةٍ "تعتبرُ كلاً من أمريكا وإسرائيل والهند اعداء الله على الارض ويجب قتالهم".
وكان من بين مؤسسي جماعة "لوشكر طيبه" الفلسطيني الدكتور عبد الله عزام ، والتي تأسست بتمويل من زعيم القاعدة في أفغانستان أسامة بن لادن.
وما قلناه يفسر تمسك الهند باتهام الباكستان في الوقوف وراء الحادث من منطلق احتضانها لجبهة المقاومة الكشميرية، مستندة على سوابق تاريخيه لدعم باكستان لجماعات مسلحه ضدها وفق اعترافات قيادات باكستانية سابقة، على رأسها الرئيس برويز مشرف الذي قال في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية في 2010 :"إن باكستان قدمت دعماً وتدريباً لمسلحين بغية القتال في الهند وذلك في محاولة لتركيز اهتمام العالم على كشمير".
وخلال وصفه لكشمير كقضية أساسية لباكستان اتهم مشرف الغرب بتجاهل المنطقة الحدودية الجبلية التي خاضت الهند وباكستان حربين بسببها منذ العام 1947.
وبسؤاله عما إذا كان هذا الأمر يعطي باكستان الحق في تدريب مسلحين رد مشرف بالإيجاب، وقال: "إنه من حق أي دولة أن تعزز مصالحها الخاصة، إذا كانت الهند غير مستعدة لمناقشة مسألة كشمير في الأمم المتحدة وكانت غير مستعدة لحل النزاع بطريقة سلمية".
ورغم إنكار الباكستان لمسؤوليتها عن الهجوم الأخير، إلّا أن الهند ردت بتصعيد غير مسبوق منذ سنوات فاعلنت ما يلي:
- تعليق العمل بمعاهده مياه نهر السند المعنية بتنظيم حوالي سته أنهار رئيسية، ينبع بعضُها من كشمير ويمر الآخر عبرها، ما أثار قلق الباكستان التي اعتبرته ما يشبه حالة إعلان حرب.
- أيضاً اغلقت الهند معبراً مهماً جداً بين البلدين ومنعت دخول الباكستانيين وطردت دبلوماسيين منهم، وشنت حملة اعتقالات واسعة، فالقت القبض خلالها على مئات من المواطنين في كشمير، ودمرت بيوتاً لمن تعتقد
أنهم على صلة بالعملية، ورفعت حالة التاهب العسكرية القصوى، وتعهد رئيس الوزراء الهندي مودي علناً أمام التلفزيون بملاحقه الجناة ومن يدعمهم إلى أقاصي الأرض.
باكستان من جانبها نفت أي دور لها في هذا الحادث واعتبرت الاتهامات الهنديه مجرد لعبة سياسية هدفها التغطية على السياسات القمعيه الأمنيه من جانب الهند ضد مسلمي كشمير (ربما تمهيداً لتهجيرهم وفق تحليلات بعض الهنود الذين يذكرون بمصير مشابه بغزة)، ودعت إلى تحقيق دوليّ في الحادث.
في نفس الوقت قابلت الباكستان الإجراءات الهندية بتصعيد مماثل، فعلقت التجاره المحدودة بين الهند وباكستان واغلقت مجالها الجوي أمام الطيران الهندي، ثم طردت الدبلوماسيين الهنود من أراضيها، واعلنت تعليق التزامها باتفاق وقف اطلاق النار على خط السيطره .
في سياق ذلك، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجة محمد آصف يوم الاثنين الماضي: "إن التوغل العسكري الهندي بات وشيكاً وسط تصاعد التوتر بين البلدين اللذين يمتلكان سلاحاً نووياً".
وأكد آصف في مقابلة مع رويترز أن بلاده عززت قواتها تحسباً لتوغل هندي وشيك، مشيراً إلى اتخاذ قرارات إستراتيجية في هذا السياق.. مؤكداً على أن أية مواجهات لن تكون نووية.
واعتبر أن الخطاب الهندي أصبح أكثر تصعيداً، وأن الجيش الباكستاني حذر الحكومة من احتمال توغل وشيك من جانب الهند، دون أن يكشف تفاصيل إضافية بشأن تقديره لقربه.
واجرت باكستان مناورات عسكريه بالذخيره الحية استعداداً لموقف عصيب تسعى لتجنبه، فالواضح حتى الآن أن باكستان تعاني من سلسله أزمات سياسيه واقتصاديه في السنوات الاخيره لذلك يقدر الخبراء بأنها تحاول النأي بنفسها عن أية مواجهة مع الهند التي تمتلك كلّ الدوافع للدخول في حرب محدودة مع الباكستان، لعدة أسباب موضوعية:
- كون موازينُ القوى تميل إلى الجانب الهندي.
- الضغط الجماهيري الهندي بعد الحادث الأخير باتجاه الحرب، مع تنامي المشاعر الدينية الهندوسية والقومية التي تُعْتَبَرُ الرصيدُ الانتخابيُّ الكبيرُ لحكومة الهند الراهنة ما يستوجب إرضاء الشارع الهندي وفق كل الظروف.
- وجود أهداف استراتيجية كبرى تتعلق بتحييد خطر التحالف الصيني الباكستاني، وخاصة في مجال التعاون الاقتصادي، حيث استثمرت الصين حوالي 62 مليار دولار فيما يسمى بالممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.. فإذا استهدفت الهند البنية التحتية الأساسية في حرب خاطفة، فإنها بذلك تزعزع ثقة الصينيين بقدرة الباكستان على توفير الحماية للمنشآت المشتركة.
- أضف إلى كل ذلك توفر الدوافع الدينية والقومية والعداء التاريخي المستحكم بين البلدين في قضية يعتبر فيها كلُّ طرفٍ نفسّهُ صاحبَ الحقِّ الشرعيِّ في أزمةٍ خلقها الاستعمار البريطاني عام 1947 مثلما فعل في فلسطين عام 1948.
فشبه القارة الهندية كانت خاضعة للاحتلال البريطاني، وكان كل إقليم هندي يخضع لسلطان أو مهراجا (أمير).. وعند التقسيم فُرِضَ على كلِّ مهراجا أن يختار ما بين الانتماء إلى الهند أو الباكستان.
وعليه فقد أصبح "سينغ" المهراجا الجديد لجامو وكشمير.
وبعد استقلال الهند عام 1947، أراد سينغ بقاء جامو وكشمير كمملكة موحدة مستقلة.
وكان مطلوبًا من سنغ الانضمام إلى اتحاد الهند للحصول على دعم القوات الهندية ضد غزو رجال القبائل المسلحين والجيش الباكستاني إلى ولايته رغم أن المسلمين كانوا يشكلون الأغلبية الساحقة.
وحصلت مواجهات بين الهند والباكستان عام 1947 انتهت بتدخل الأمم المتحده عام 1949، وأنشأت حينها ما سمي بخط وقف اطلاق النار الذي قسم كشمير فعلياً الى شطرين هندي وباكستاني.. وقتها دعت الأمم المتحده إلى استفتاء عام بين أهل كشمير وهو ما أفشلته الحكومة الموالية للهند فيما وضعته الباكستان على رأس مطالبها حتى وقتنا الراهن.. فَتُرِكَ البركانُ الكشميريُّ يتنفس متهدداً أخْطَرَ مِنْطقةٍ ملتهبةٍ في الخاصرةِ الآسيوية التي تجمع بين أشد القوى النووية عداءً لبعضها.. فهل من عاقل يعيد الموقف إلى منطقة الأمان دون كوارث بدأت تلوح على الأفق!.
بسبب الفضائح .. إطاحة وتعيينات بالدائرة المقربة لترامب
غرامات بانتظار من لا يلتزم بتطبيق الحد الأدنى للأجور
القسام تنفذ عملية عسكرية مركبة ضد قوة للاحتلال بغزة .. بيان
مشاورات إسرائيلية لتوسيع نطاق العمليات العسكرية بغزة
العمل النيابية تهنئ عمال الوطن في عيدهم
عدوان أميركي بـ 5 غارات على محيط صعدة اليمنية
الأهلى يفوز على الأرثوذكسي بدوري السلة
عدد العمال الوافدين بالأردن يتجاوز المليون ونصف عامل
تحذير إسرائيلي شديد اللهجة للشرع
فاعليات تهنئ عمال الوطن بمناسبة عيد العمال
برقية من جوزيف عون لمحمد بن زايد .. صور
الجيش الإسرائيلي يحبط محاولة تهريب أسلحة من مصر
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
خبر سار لأصحاب المركبات الكهربائية في الأردن
الملك يستجيب لنداء الشاعر براش .. توجيه ملكي
مسلسل تحت سابع أرض يتسبّب بإقالة 3 مسؤولين سوريين .. ما القصة
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
أمطار غزيرة مصحوبة بالبرق والرعد في هذه المناطق .. فيديو
أول رد من حماس على الشتائم التي وجهها عباس للحركة
أمانة عمان تحيل مدراء ورؤساء أقسام وموظفين للتقاعد .. أسماء
بيان من عشيرة الشماسين بعد كشف جريمة قتل ابنها
المستحقون لقرض الإسكان العسكري .. أسماء
تقرير إدارة الأرصاد عن طقس الأردن لــ ٤ أيام
منخفض خماسيني الأربعاء وهذا موعد انحساره
مهم من الخدمات الطبية بشأن عطلة عيد العمال
تطورات الحالة الصحية للفنان الأردني يوسف الجمل
انقطاع الكهرباء غداً من 8.30 صباحاً وحتى 4 عصراً بهذه المناطق