هل تصلح الروح الرياضية ما أفسدته السياسة بين الجزائر والمغرب
لم يكن مفاجئًا ذلك الاستقبال الذي خصّ به نادي «نهضة بركان» المغربي لكرة القدم، منذ أيام، ضيوفه من فريق «شباب قسنطينة» الجزائري: زغاريد، هتافات، ورود، تمر، حليب، تصريحات تفيض وُدًّا وتخترق حدودًا. حتى الإعلام الجزائري لم يُخفِ إعجابه، فبثّ المشاهد بكل فخر، من بينها برنامج رياضي على قناة «الشروق»، أشاد بالمشهد وكأن الروح الرياضية استعادت رشدها.
بيد أن «الروح الرقابية» في الجزائر كانت تسير في الاتجاه المعاكس؛ إذ ما أن قال أحد المذيعين «شكرًا للمغاربة على حسن الضيافة» حتى رنّ جرس الإنذار في مكاتب «سلطة ضبط السمعي البصري»، لتُفعّل المادة رقم واحد من قانون الطوارئ العاطفية: «المديح للمغرب يعادل بثَّ الكراهية!» وهكذا، جرى توقيف برنامج «استاد النهار» الشهير لمدة 21 يومًا. السبب الرسمي؟ «خطاب ينطوي على دلالات عنصرية صريحة». والذنب الحقيقي؟ كلمات طيبة قيلت في لحظة صفاء إنسانية.
الواقعة قلبت منصات التواصل الاجتماعي رأساً على عقب، حيث تساءل البعض بسخرية: «هل أصبح امتداح الكرم المغربي جريمة؟ وهل بات التعايش خيانة وطنية؟» وآخرون قالوا: «في الإعلام الرسمي للجزائر الجديدة، الشتم مباح، والمديح مسموح، بشرط ألا يكون موجّهًا للجيران في غرب البلاد»؛ مستحضرين بذلك نماذج من عبارات الذم التي ترِد صباح مساء على لسان إعلاميين جزائريين موالين في حق المغرب والمغاربة.
هيئة «سلطة ضبط السمعي البصري» طالبت القنوات الرياضية بالالتزام بالروح الرياضية، وتجنّب «أي خطاب يمس كرامة الإنسان». والحقيقة أن الكرامة كانت في الاستقبال، والانتهاك وقع في الرقابة… غريب حقا! في زمن صار فيه مدح الأخوّة يُؤوَّل كتحريض، وذِكر الورود والحليب والتمر يُفسَّر على أنه قصف إعلامي، يبدو أن العلاقات المغاربية تحتاج إلى مصل مضاد للمنطق، قبل أي مبادرة للمصالحة!
ومما زاد من رمزية اللقاء الكروي المذكور وأبعاده الإنسانية أن السلطات المغربية ـ رغم الحدود المغلقة منذ سنوات ـ خصصت رحلة جوية «مباشرة»، نقلت فريق شباب قسنطينة من الجزائر إلى مطار مدينة وجدة، في مشهد يُشبه نافذة تُفتح وسط جدار الصمت. خطوة رحّب بها المتابعون، واعتبرها البعض لفتة رياضية راقية تُعبّر عن حسن النية وروح الجوار، معبّرين عن أملهم في أن تبادر السلطات الجزائرية بخطوة مماثلة خلال مقابلة الإياب. لعلّ الرياضة تُعيد ما فرّقته السياسة، وتعيد رسم خارطة الدفء بين الأشقاء بالحليب لا بالبارود!
فرنسا «ضيف شرف»؟
خبر عاجل في نشرات الأخبار: «فرنسا ضيف شرف المعرض الدولي للفلاحة بمكناس».
آه طبعًا، فرنسا! تلك الدولة التي لا تفوّت فرصة لتذكير الشعوب المستعمرة سابقًا بأنها «تحبّها حبا جما»، تمامًا كما يحبّ الراعي نعجته… قبل عيد الأضحى! ولو أن أكباش هذه السنة تعيش فرحة خاصة في المغرب بعدما سلمت من البيع والنحر، رأفةً بجيب المواطن المغلوب على أمره.
فرنسا ضيف شرف؟ تمامًا مثل أن تدعو البنك الذي منحك قرضًا ماليا لجأت إليه اضطرارًا، ليكون ضيف شرف في حفلة تقشّفك!
دعونا نكون أكثر دقّة: فرنسا ليست ضيفًا، بل إنها تَملك نسخة من مفاتيح البيت، تدخل وقتما تشاء، تفتح الثلاجة، وتعلّق على ذوقك في الستائر… مثلاً!
في مكناس، حيث يُفترض أن نحتفي بالفلاحة المغربية، نُكرّم فرنسا… الدولة التي ما زالت تسيطر على شرايين عديدة في الاقتصاد المغربي.
فلاحونا يكدحون تحت الشمس، وفرنسا تأتي لتقصّ الشريط الأحمر وتلتقط الصور. هي تمثّل «شرف الضيافة»، ونحن نمثّل «شرف الخدمة»!
ربما آن الأوان لتحديث مفاهيم المعارض: عوض «ضيف شرف»، نقول «شريك في الأرباح»، وعوض «تبادل الخبرات»، نقول «تصدير العقول واستيراد الفواتير»،
وعوض «معرض فلاحي»، نسمّيه «حفلة ودّ لأصحاب النفوذ».
أما الفلاح المغربي الحقيقي، فقد يكون مشغولاً في الحقل، يسأل نفسه: «هل زرعت قمحًا، أم زرعت شراكة فرنسية من الطراز الفاخر؟»
«نيران صديقة»!
ثمّة مشهد يتكرر في منصات التواصل الاجتماعي، مشهد لا صوت فيه إلا للهمز، ولا صورة إلا للغمز. صحافيون مغاربة شدّوا الرحال ذات يوم إلى قنوات فضائية كبرى، حالمين بكلمة تُنطق من غير مقصّ رقابة، وبميكروفون لا يختنق كلما اقترب من الخطوط الحمراء. غير أن بعض الزملاء الآخرين استحالوا مع الوقت إلى هواة صيد في مستنقعات، يتربصون بهم لا ليسائلوا أداءهم المهني، بل ليفتّشوا عن زلّاتهم كما لو كانت فضائح مدوية، يخرجونها وهم يلوّحون بها كما يُلوَّح بصكّ اتهام في محكمة افتراضية لا قواعد لها.
هكذا، تحوّلت التدوينات إلى كمائن، والتعليقات إلى محاكمات مجانية، تختلط فيها الأهواء بالتصفيات، ويغيب عنها الإنصاف لصالح نزعة تأديبية مبنية على نيات مزعومة أو اجتزاءات مبتورة من سياقاتها.
الأسوأ من كل ذلك، أن بعض الإعلاميين والمدوّنين لا يتورّعون عن لعب أدوار الوشاة، فيخاطبون السلطات بلغة التخوين، ويوشوشون في آذانها بأن فلانًا «خان الوطن»، لمجرد أنه نقل معاناة شعب يُباد، أو وقف ضد حرب طاحنة بصفته صحافيًا شاهدًا لا مرتزقًا، مهنيًا لا مهرّجًا.
واللافت للانتباه أن كثيرًا من هذه الهجمات لا تصدر من منابر إعلامية لها خط تحريري واضح، بل من فضاء مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتكاثر الأصوات المجهولة، وتنتفخ الحسابات المتعطشة للضوء، ولو بشتم الأقمار.
هنا، يستحضر القارئ الحصيف ما قاله المفكر الإيطالي أمبرتو إيكو حين وصف وسائل التواصل الاجتماعي بأنها منحت الكلام «لفيالق من الحمقى، كانوا يتكلمون فقط في الحانات بعد كأس من النبيذ دون أن يتسببوا بأي ضرر، أما الآن فلهم الحق في الكلام مثلهم مثل من يحمل جائزة نوبل… إنه غزو البلهاء». قولة تختزل، في مرارتها، حجم التشوّش الذي أصاب الخطاب العام، حين لم يعد الفارق واضحًا بين صوت عاقل وصرخة غوغائية، بين تعليق نزيه وتحريض أجوف.
هكذا، صار بعض المغاربة، لا الصحافيين فقط، بل بعض من يلبسون عباءة «المدوّن» أو «الناشط» أو «المهتم»، يشنّون حملات تشهيرية ضد إعلاميين مغاربة عاملين في قنوات عربية، لا لشيء سوى لأنهم نقلوا ما لا يُعجب ذوقهم، أو صاغوا خبرًا لا يناسب اصطفافهم اللحظي. تُكال لهم التّهم، وتُفتَح ضدهم أبواب جهنم الإلكترونية، في هجمة لا عقل فيها ولا مرجعية، سوى ما تُمليه لحظة الانفعال وشهوة تصفية الحساب.
فهل بلغت المهنة هذا الحد من التنازع القبلي؟ وهل صار الصحافي يتوجّس من زميله أكثر مما يخاف من الرقيب؟ وهل تحوّلت بعض الأقلام إلى خناجر، لا همّ لها سوى الطعن في الظهر، وتقديم القرابين لمن بيدهم القرار؟
لسنا بحاجة إلى مزيد من الرقابة، حين يتكفّل بعض «الإعلاميين» بمهمة القنص والفرز والتبليغ. لسنا بحاجة إلى قوانين زجرية، حين يصير بعض الزملاء أنفسهم أدوات زجر. في زمن تتساقط فيه الأسوار بين الإعلام والتسلط، كان الأجدر أن نعضّ على حرية الكلمة بالنواجذ، لا أن نصطفّ في طابور المزايدين عليها، نرفع رايات الوطنية كمن يرفع سيفًا للانتقام، لا درعًا للحماية.
فلتكن بيننا مسافة للاختلاف، لا حفرة للتجريح. ولتكن أخلاقيات المهنة رادعًا عن التربص، لا ذريعة للتشهير. ولْنَصُن الكلمة من عبث العيون المتربصة، والأيادي المرتعشة، والنفوس المتقلّبة؛ ففي زمن المزايدات، يضيع الصوت النقي بين ضجيج الأصداء المسمومة!
كاتب من المغرب
السيتي يتفوق بصعوبة على ولفرهامبتون بهدف وحيد
حسام الشواقفة يمثل العرب دوليًا في مبادرات الاتصالات الرقمية
مشاركة أرنولد مع ريال مدريد مشروطة بموافقة ليفربول
حرية الصحافة: صراع مستمر لكشف الحقيقة عالميًا
بديل طبيعي للكافيين غني بالفوائد
أمل كلوني تواجه عقوبات بعد دعمها توقيف نتنياهو
الفيصلي يسحق مغير السرحان بثلاثية ويحسم المركز الثالث
ولادة طفلة بلا دماغ في غزة واتهامات بالأسلحة المحرمة:فيديو
كيف تستعد نفسياً قبل دخول غرفة العمليات
تصاعد العنف في غزة وسط أزمة إنسانية متفاقمة
الفيضانات تضرب الصومال وتفاقم الأزمة الإنسانية
الأردن يعرض تطوير البريد في مؤتمر الدوحة
شاحنة عملات معدنية تنقلب وتغلق طريقًا سريعًا:فيديو
جلسة حاسمة قريباً قد تطيح بــ 4 رؤساء جامعات
الملك يستجيب لنداء الشاعر براش .. توجيه ملكي
مسلسل تحت سابع أرض يتسبّب بإقالة 3 مسؤولين سوريين .. ما القصة
بينهم 33 موظفا بالتربية .. إحالة موظفين حكوميين للتقاعد .. أسماء
المستحقون لقرض الإسكان العسكري .. أسماء
نجاح بني حمد .. رواية لينا عن سنوات المعاناة
معدل الرواتب الشهري للعاملين في الأردن
تصريح مهم حول إسطوانة الغاز البلاستيكية
أمانة عمان تحيل مدراء ورؤساء أقسام وموظفين للتقاعد .. أسماء
انقطاع الكهرباء غداً من 8.30 صباحاً وحتى 4 عصراً بهذه المناطق
أمطار غزيرة مصحوبة بالبرق والرعد في هذه المناطق .. فيديو
بيان من عشيرة الشماسين بعد كشف جريمة قتل ابنها
خبر سار لمتقاعدي الضمان بشأن تأجيل اقتطاع أقساط السلف
الحكومة تخفض بنزين 90 - 95 15 فلساً .. و10 دول تتمتع بأرخص أسعار البنزين