كتابة متعددة
كنت قرأت مرة حديثا للروائي السويدي يؤانس يؤنسون، قال فيه حين سئل عن مناسبة كتابة روايته المشهورة «المئوي الذي هبط من النافذة واختفى»، والتي كتبها عام 2009، وصدرت لها ترجمات عديدة بعد ذلك، من بينها الترجمة العربية، وكانت ممتازة وفي غاية الإتقان. قال يؤانس إنه كان يبحث عن رواية يقوم ببطولتها شخص عاش مئة عام، ليرى التغيرات في العالم التي يمكن أن تحدث في زمن ممتد كهذا، لكنه لم يعثر على هذه الرواية، وأيقن أنها لم تكتب، فقرر أن يكتبها بنفسه ويقرأها بعد ذلك.
حقيقة نجحت رواية يؤنسون وقرأها الملايين، وحققت أرباحا لم يكن يتوقعها، ولن يتوقعها أي كاتب لم يكن معروفا آنذاك، ما حدا به إلى كتابة جزء ثان للرواية، ويبدأ فيه من حيث انتهى الجزء الأول، لكن مع الأسف كان نصا باهتا في رأيي، لم يرتق للكتابة الأولى الطازجة، اللاهثة، الغزيرة بالمعلومات في نسق فني متنوع يجعل من ألان العجوز، صاحب المئة عام، أسطورة حية لن تفارق ذهن القراءة بسهولة، ومن شخصيات أخرى التقاها البطل أثناء خوضه في غمار المغامرة، شخصيات مذهلة، ستبقى أيضا في الذهن، لن أقول إنها رواية كوميدية أو ساخرة، لكنها رواية فيها كوميديا سوداء، وفيها سخرية من العالم، وفيها جدية شديدة حين يحصل القارئ على معارف كثيرة متضمنة في النص.
وأعتقد جازما لو بقي الكتاب واحدا فقط من دون محاولة كتابة جزء ثان، لكان أفضل، وهذا بالطبع رأي شخصي، لا علاقة له بما قد يراه الآخرون، ومؤكد هناك من قرأ الجزء الثاني واستمتع به، تماما منذ الأول.
ومذ سنوات قرأت رواية «ظل الريح» للإسباني كارل ويس زافون بترجمة المترجم المتمكن معاوية عبد المجيد، وكنت قرأت جزءا من الترجمة الإنكليزية، وانبهرت بها، وانتظرت حتى تترجم الرواية للعربية، لأنني أحب القراءة باللغة العربية، والمترجمون المتمكنون مثل صالح علماني وخالد الجبيلي، ومعاوية، يضيفون للترجمة أنفاسا إبداعية، فيبدو النص كأنما كتب أصلا بالعربية.
إذن رواية زافون كانت مهمة، وبطله الذي تعرف عليه في مقبرة الكتب المنسية، يبدو رشيقا وهو يتجول بِنَا في برشلونة القديمة، عبر الشوارع والمكتبات، وهو يبحث عن كاتب مغمور، عثر على كتابه مصادفة يوم أخذه أبوه إلى مقبرة الكتب، التي ينبغي أن لا يطّلع عليها أحد. وأعتقد حين تصل لنهاية هذه الرواية، تشعر بالشبع، أنك قرأت نصا مجنونا ليس من السهولة العثور عليه، وأظن أن هذا انطباع كل من قرأ الرواية، على الرغم من أن لغطا كثيرا قد ثار بعد وفاة زافون، ووصف بأنه مجرد كاتب محظوظ، أو كاتب مصنوع، وليس من كتاب الصف الأول الإسبان، وهذا في رأيي غير صحيح.
الكتابة عند زافون سهلة، بينما بعض المثقفين يبحثون دائما عن الكتابة الشائكة، الكتابة الفلسفية الجافة، أو البعيدة عن الشعرية، أنا مثلا قرأت إخوان غوتسلو، ولم أحس بأنني قريب من عالمه، وأود أن أظل في ذلك العالم، كذلك الأمر لميلان كونديرا الذي يحبه كثيرون جدا، وخوليو كرتثنار، المهم عند كثيرين، والذي لم أستطع دخول عالمه قط. زافون إذن كتب رواية مهمة، وأيضا قام بكتابة أجزاء أخرى، لها علاقة بالمقبرة المنسية، لم أقرأ منها مع الأسف سوى رواية واحدة ضخمة، هي «لعنة الملاك»، لكنها فاجأتني حيث لم تكن امتدادا صارخا لـ»ظل الريح»، لكنها رواية أخرى، لها عالمها الخاص ويخوضها العديد من شخوص قدامى، وبطل يكلف بكتابة ديانة جديدة، مع قصص حب وفقد، وتدور الأحداث حول ذلك وأيضا في برشلونة القديمة. زافون إذن نجح في كتابة رواية أخرى، لها علاقة بالرواية الأولى وفي الوقت نفسه، لا تشبهها سوى في الأسلوب الموحي الجميل، وهذه هي الكتابة المحترفة فعلا، حيث يتوهم القارئ أنه سيحصل على الطبق نفسه، ويفاجأ بالطبق مليئا لكن بطعام مختلف.
من الكتب ذات الأجزاء المتعددة، تحضر دائما للذهن ثلاثية نجيب محفوظ، إنها كتاب متعدد مشهور، ومتقن ويتطرق لعالم إحدى العائلات المصرية، مع التطرق بالطبع لتاريخ مصر، والمتغيرات التي حدثت في أزمان مختلفة، وهي كما قلت عمل ناجح، بسبب دأب محفوظ وتفرده في الكتابة الإبداعية.
أخلص إلى أن كتابة جزء ثان أو ثالث لعمل روائي ناجح، ليس جريمة، وقد يكون الجزء الثاني امتدادا للأول بالفعل، ونحتاجه لتكملة بعض الحلقات الناقصة في القراءة، وربما أيضا يكون أنجح من الجزء الأول، ولكن بشرط التريث وعدم الاعتماد على نجاح عمل ما، هو أصلا اكتمل وتمت قراءته بإسهاب، لنقوم بصناعة جزء أو أكثر له. كلنا لدينا أعمال توحي بكتابة أجزاء أخرى لها، وبعض القرّاء يلحون بهذه الكتابة، لكن لن يحدث ذلك، إلا لو احتاج الأمر. وقد أخبرني أحد الأصدقاء الكتاب، إنه استجاب لضغط قرائه، وجلس يخترع جزءا ثانيا لنص مشهور له، لكن بعد كتاب عدة فصول، أحس بعدم الجدوى، وأنه يكتب جملا يابسة، فتوقف عن ذلك.
كاتب سوداني
هجوم صهيوني ليلي على مواقع عسكرية إيرانية
صفقة أم حرب : ترمب يخطط ويقصف بنفسه
مطلوبون لتسليم أنفسهم أو وضع أموالهم تحت إدارة الحكومة .. أسماء
ترمب خطط للهجوم على إيران شخصيًا
خطة لتوزيع يوديد البوتاسيوم على الأردنيين .. ما هو وما علاقته بالتسرب الإشعاعي
نيويورك تايمز: جماعات تستعد لمهاجمة قواعد أمريكية بالعراق أو سوريا
نتنياهو يقود المنطقة نحو الهاوية
جعفر بناهي .. لم يكن أبداً حادثاً بسيطاً
نظام جديد يمنع إغلاق الأجواء الأردنية .. تعّرف
إذا ضُرب ديمونا .. كيف سيتأثر الأردن
الليمون يسجل أعلى سعر في السوق المركزي الإثنين
أردنيون يتلقون رسائل تحذيرية على هواتفهم من الجبهة الإسرائيلية
المجالي إلى التقاعد والخصاونة أميناً عاماً للدستورية
انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلي الأردني
ساكب تُفجَع بوفاة الشاب محمد أبو ستة في أميركا .. تفاصيل
وظائف شاغرة ومقابلات شخصية .. أسماء وتفاصيل
ليلى عبد اللطيف: اختفاء منطقة عن الخارطة ومشاهد مفزعة
الأمن يكشف تفاصيل جديدة حول حادثة الشاب الطعمات
تفاوتت آراء طلبة التوجيهي حول امتحان اللغة العربية
انخفاض طفيف بأسعار الذهب في الأردن اليوم