قراءة في تصاعد الصراع الإيراني–الإسرائيلي (3_1)

mainThumb

22-07-2025 11:02 AM

لم تكن أحداث الأيام (الاثني عشر ) الأخيرة التي اشتعلت فيها المواجهة العسكرية بين إيران وإسرائيل وليدة لحظة فجائية، بل جاءت تتويجًا لسلسلة من التوترات المتصاعدة، والتفاهمات المجهضة، والتحرشات العسكرية المحدودة التي اختبرت بها تل أبيب حدود خصمها، تحت عين أمريكا الساهرة، وصمت دولي متواطئ أحيانًا وخائف أحيانًا أخرى، ولعل الملف النووي الإيراني هو المحور الأبرز في هذا الصراع المعقّد، حيث مثّل ساحة صدام دائم بين إرادة إيران في امتلاك التكنولوجيا النووية، ومخاوف إسرائيل من أي تقدم قد يمنح طهران قوة ردع إقليمية موازية.
(خلفية الصراع الإيراني-الإسرائيلي)
منذ انتصار الثورة الإسلامية عام 1979، تبنت إيران خطابًا معاديًا لإسرائيل، داعمة قوى المقاومة في فلسطين ولبنان، فيما رأت تل أبيب ان طهران خطرًا استراتيجيًا يهدد وجودها وأمنها، هذا الصراع ظل حتى وقت قريب في إطار "الحرب الباردة"، يتمثل في الاغتيالات، والهجمات السيبرانية، وحرب الظل في سوريا، والعراق، واليمن، لكن منذ مطلع عام 2024، بدأ هذا التوتر يأخذ منحى جديدًا، خاصة بعد احداث غزة والجنوب اللبناني،وسقوط سوريا بات الحديث بشكل علني ان الهلال الشيعي قد كسر، كذلك اعلان امريكا عن فشل المحادثات النووية، مما رافقها من تحولات الإقليمية ، عصفت بالمنطقة .
( النووي الإيراني.. مفاوضات عقيمة وقلق متصاعد)
رغم المساعي الدولية لإعادة إحياء الاتفاق النووي (JCPOA) الذي وقع عام 2015 وانسحب منه ترامب في 2018، بقيت المفاوضات متعثرة، ورغم أن إدارة بايدن حاولت التوصل إلى تسوية، إلا أن عدة عوامل أعاقت ذلك، ومنها شروط إيران لرفع العقوبات بالكامل ومطالب أمريكية بتقليص برنامج التخصيب وتوسيع رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
اضف لذلك ضغوط إسرائيلية على واشنطن بعدم منح طهران "هدية استراتيجية".
وسط هذا الجمود، بدأت طهران تزيد من تخصيب اليورانيوم إلى نسب تقترب من عتبة الاستخدام العسكري، مما أثار مخاوف استخباراتية إسرائيلية من قرب امتلاكها "قدرة الاختراق النووي".
( إسرائيل تبدأ القتال.. تعهدات منقوضة وضربات استباقية)
في أوائل يوليو، نفذت إسرائيل ضربات جوية دقيقة على منشآت إيرانية في دمشق، واغتالت عددًا من قادة الحرس الثوري الإيراني ومهندسي الطائرات المسيّرة، هذا التصعيد جاء رغم تفاهمات سابقة – غير معلنة – بين واشنطن وتل أبيب بعدم الانزلاق إلى مواجهة شاملة في المنطقة، الا ان الاستهتار الصهيوني ادار دفة الاحداث الى وجهة مجهولة كما رأينا في النهاية!
ان المؤسسة العسكرية الإسرائيلية بررت ذلك بأن إيران تمثل خطرًا وجوديًا، وأن صبرها الاستراتيجي انتهى، بينما رأى مراقبون أن هذا التصعيد جزء من معركة داخلية إسرائيلية لتحويل الأنظار عن أزمات نتنياهو.
( المسيرات الإيرانية.. اختبار للرد أم خداع استراتيجي؟)
خلال نفس الفترة، أرسلت إيران عددًا من المسيّرات المتواضعة نحو قواعد إسرائيلية في الجولان المحتل، لم تُسقط هذه الطائرات أضرارًا كبيرة، لكنها أثارت سخرية الإعلام الغربي الذي وصفها بـ"الرد الضعيف"، مما رسّخ انطباعًا بأن إيران غير قادرة – أو غير راغبة – في الدخول بمواجهة مباشرة.
لكن هناك وجهة نظر أخرى؛ وهي إن إيران اختارت التريث وعدم الرد الكبير فورًا، ليس خوفًا، بل كجزء من سياسة "الرد الاستراتيجي المتأخر" التي اتبعتها في مناسبات سابقة، واحبت ان تلاعب العدو قليلاً وتعطيه نصراً زائفاً لذلك فقد تعاملت بحذر لتفادي إعطاء ذريعة لإسرائيل أو أمريكا بشن هجوم شامل على منشآتها النووية، لكنها بقت بانتظار لحظة مناسبة تقلب فيها المعادلة!
(ما قبل الـ12 يوم.. ترقب إقليمي وقلق دولي)
في الفترة التي سبقت المواجهة المباشرة، كانت المؤشرات كلها تشير إلى أن "شيئًا كبيرًا" في طريقه للحدوث، اذ شهدت المنطقة تحركات غير مألوفة للأسطول الأمريكي في الخليج، وإخلاء موظفي السفارات الغربية من بغداد وبيروت واطلاق تصريحات متناقضة من البيت الأبيض حول إمكانية التهدئة.

(زيارة سرية لمسؤول إسرائيلي رفيع إلى أوروبا لحشد دعم استخباراتي)

كل ذلك أعطى صورة واضحة بأن الأمور تتجه إلى مواجهة مباشرة، أو على الأقل إلى اختبار غير مسبوق في قواعد الاشتباك،
المقال سيكون ثلاثي ليغطي ماجرى وجرى وما سيجري، اي انه يتحدث في ثلاث ازمنه الماضي والحاضر والمستقبل استشرافا، ليس الا
لذلك أن مرحلة ما بعد هذه الأحداث، ليست كما قبلها. لان العالم بات يرى إيران من زاويتين متناقضتين؛ دولة تمتلك القدرة على إشعال المنطقة، لكنها تمارس أقصى درجات الحذر.
والقدرة على حفظ ماء الوجه الاسلامي امام الغطرسة الصهيونية وبعيدا، عن لغة البلطجة وتحميل الجميل للعرب!

يتبع ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد