قراءة في كتاب ملك وشعب (14-1)

mainThumb

27-07-2025 12:35 AM

يعد كتاب "ملك وشعب" الذي أصدره الديوان الملكي الهاشمي العامر منجزا وطنيا هاما يوثّق المبادرات الملكية السامية الزاخرة بالخير والعطاء والإنسانية ضمن رحلة خيّرة لا ينضب عطاؤها بين ملك إنسان وأبناء شعبه. إن هذا الملف الإنساني والتنموي الذي يوليه جلالة سيدنا كل إهتمام حيث أسند أمر متابعته وتنفيذه إلى لجنة برئاسة معالي الأستاذ يوسف حسن العيسوي رئيس الديوان الملكي الهاشمي ضمن فريق عمل مخلص وجاد ليعكس صورة إرتباط ملك رحيم تجلّت صفات الإنسانية بأجل صورها مع أبناء شعبه الأردني بروح تنم عن إنتماء ومحبة قائد لوطنه ولشعبه، وولاء ومبايعة شعب لقائده بصدق وإخلاص.
وسأتناول هنا في المقال الرابع عشر- الجزء الأول ضمن سلسلة مقالات قراءة كتاب ملك وشعب "المبادرات الملكية السامية ورؤية التحديث الاقتصادي" . لقد حرص جلالة سيدنا منذ توليه سلطاته الدستورية وإلى الآن على التوجيه الدائم للحكومات المتتالية بالإهتمام بالمحور الإقتصادي بشمولية من كل جوانبه حيث يقول جلالته "أن للتبعات والظروف الإقتصادية الصعبة آثار واضحة على مستوى معيشة المواطنين بسبب الهجرات القسرية التي استقبلها الأردن خلال السنوات العشر الماضية ممّا شكّل استنزافا لموارد الأردن المحدودة وضغطا هائلا على البنية التحتية والاقتصاد الوطني، الأمر الذي أدى إلى تنامي العجز في الموازنة العامة وزيادة المديونية خلال السنوات الماضية. فأصبح الهم الأكبر والأولوية الأولى لدى المواطن اليوم الشأن الاقتصادي وتحسين الظروف المعيشية، والحصول على فرص عمل تؤمن للعائلة الحياة الكريمة"
لذلك وجه جلالة سيدنا لوضع تصور مستقبلي واضح للاقتصاد الوطني لمواجهة التحديات التي يتأثر بها إقتصادنا على المستويين الإقليمي والعالمي، وفي هذا الإطار وجه جلالة سيدنا الحكومة عام 2014 بقوله "بات ملحا قيام الحكومة بوضع تصور مستقبلي واضح للاقتصاد الأردني وفق إطار متكامل يعزّز أركان السياسة المالية والنقدية ويضمن اتساقها، ويحسّن من تنافسية اقتصادنا الوطني، ويعزّز قيم الإنتاج والإعتماد على الذات وصولا إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة".
وتنطلق رؤية جلالة سيدنا دائما في إحداث التنمية الاقتصادية االمستدامة في تبني مواطن القوة في المجتمع، على أساس الالتزام بالقيم والبناء على الإنجازات والسعي نحو الفرص المتاحة وإستغلالها، لأن تحقيق التنمية الشاملة وبنا ءإقتصاد قوي، يعتمدان على القوى البشرية المتسلحة بالعلم والتدريب، بما يسهم في تجاوز التحديات بهمة وعزيمة، وبالعمل الجاد المخلص لتحقيق مختلف الطموحات.
لقد حرص جلالة سيدنا على حضور فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، والتي تأتي ضمن سياق حملة لتنشيط الإقتصاد الأردني وجذب الإستثمار، وتسليط الضوء على الإتفاقيات الإقتصادية الكبرى التي أنجزها الأردن والفرص الواعدة أمام المستثمرين في مختلف القطاعات، والترويج للمملكة كبوابة لأسوق دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وقدرتها المتجددة لتحقيق المزيد من التنمية والتحديث والتطوير.
كما أولى جلالة سيدنا لقاء المغتربين كل إهتمام، وضرورة فتح قنوات التواصل معهم تأكيدا على أهمية الدور الذي يضطلعون به كسفراء للمملكة في الترويج للفرص الإستثمارية والتنافسية ضمن بيئة إقتصادية آمنة ومستقرة ومحفزة للإستثمار، إضافة إلى الإفادة من نماذج النجاحات التي تحققت ممّا يبرز صورة الأردن المشرقة بما يتمتعون به من كفاءات وقدرات تؤهلهم للعمل في مختلف المجالات الأمر الذي ينعكس على الإقتصاد الوطني في إطار الإستفادة من خبراتهم والنجاحات التي تحققت، وبما يخدم مسيرة التمنية الشاملة في المملكة. وفي هذا المجال يؤكد جلالة سيدنا بقوله " تعد المواهب والقدرات البشرية في الأردن من أبرز ثرواتنا وما نصدره للعالم،وما نسعى إليه هو معرفة كيف يمكننا إعداد الشباب الأردني للإستفادة القصوى من هذه الميزة: نحن شعب فيه شباب بارعون في أمور التكنولوجيا، ونحن قادرون على التكيف مع تحديات المنطقة" .
نعم، إن توثيق صلة الأردنيين في الخارج بوطنهم، والوقوف على التحديات التي تواجههم، ووضع آليات مستدامة للشراكة معهم وتعزيز مشاركتهم الإقتصادية والإرتقاء بالخدمات المقدمة لهم، يسهم في دعم مسيرة التنمية ودعم الإقتصاد الوطني.
ويبقى الإستثمار بالإنسان جانبا أساسيا ومهما ضمن محور التحديث الإقتصادي في مسيرة الأردن التنموية، حيث أكد جلالة سيدنا على ضرورة إيلاء التدريب والتأهيل للإنسان الأردني في كافة المجالات بقوله "ان الإيمان بأن الإنسان الأردني هو الهدف الأساس لمسيرتنا التنموية هو إيمان راسخ وثابت ومطلق، وحرصنا منصب دوما على أهمية الإستثمار بالإنسان، تعليما وتدريبا وتأهيلا، بهدف إعداد جيل من الشباب القادر على التفكير المسنير والتحليل والإبداع والتميز، والمدرك لحقوقه وواجباته".

وللوصول إلى تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، فإن ذلك مرهون بإتباع نهج تشاركي مع جميع الجهات في القطاعين العام والخاص، والبناء على الجهود والدراسات المؤسسية والمتراكمة، وتطوير السياسات المالية وتعزيز السياسات المشجعة على الابتكار والتطوير ودعم محركات النمو الاقتصادي، وتحسين البيئة الجاذبة للاستثمارات، وتكثيف البرامج الموجهة لمحاربة الفقر والبطالة وتقوية شبكة الأمان الاجتماعي وبما يساهم في حماية وتوسيع نطاق الطبقة الوسطى. ووضع منظومة متكاملة تعزّز الأمن الغذائي والمائي والتزوّد بالطاقة والإسراع في تنفيذ المشاريع الإقتصادية الكبرى.
نعم، إنه التوجيه والدعم الملكي الهاشمي لملف التحديث الاقتصادي منذ أن تولى جلالة سيدنا سلطاته الدستورية وإلى الآن وفي المستقبل مع دراسة واقع المتغيرات على المستويين الإقليمي والعالمي حيث يتأثر إقتصادنا الوطني بذلك، وستبقى منظومة العمل جادة تعمل بضمير مؤسسي مسؤول الذي أنجزه الديوان الملكي الهاشمي العامر بيت جلالة سيدنا وبيت الأردنيين جميعا، يرافق ذلك جهود تقوم على الإخلاص والتفاني في العمل في ظل مجتمع متكافل واحد موحّد ومتماسك يزرع بذور الخير والعطاء والإنسانية، برعاية وإهتمام جلالة سيدنا الملك الإنسان عبد الله الثاني بن الحسين أعز الله ملكه القدوة لنا جميعا في الإنجاز والعمل، وسأتابع في المقال القادم (14-2) الجزء الثاني الذي يتضمن الحديث عن رؤية التحديث الاقتصادي للمملكة في مراحلها الثلاث خلال الفترة 2022-2033.

• أستاذ جامعي وكاتب/ جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية حاليا
• عضو مجلس أمناء حاليا
• عضو مجلس كلية الدراسات العليا في جامعة اليرموك حاليا
• عميد كلية الصيدلة / جامعة العلوم والتكنولوجيا الاردنية وجامعة اليرموك سابقا
• رئيس جمعية أعضاء هيئة التدريس سابقا



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد