سوريا في عنق الزجاجة

mainThumb

28-07-2025 12:24 PM

ترددت كثيراً عند الكتابة في الشأن السوري بسسب تعقيده وتداخلاته، ومن يدخل في هذه الغابة من المخططات والاطماع والتحالفات، لابد أن يتوه، وتُحجب رؤياه، لأنها حرب أطماع كبرى، والطماع لا يواجه ولا ينسحب، يبقى على أمل أن ينسحب منافسه بسلاح الصراخ والتهديد، أو يحرك من يفتعل قعقعة وجعجعة لإخافة خصمه، ويفترض أنه غافل.
لذلك سأقصر كلامي على المحرك الأساسي لكل هذه الأطماع، والذي أدمن السلب والنهب لخيرات الشعوب، ويريد الاستحواذ على كل شيء، وتجاهل أهل البلاد واحتياجاتهم والعالم أجمع، لانهم لا يرون أحداً في العالم!!، لا يرون أحداً إلا من أجل امتطائه.. إنه الغرب وأميركا...

وسأبدأ من كسر أميركا للحرب الباردة، والبدء بالحرب ضد منافسيها على أرض العراق، وكيف رد منافسوها عليها، وهل استطاعت أميركا هزيمتهم، وما علاقة كل ذلك بما يحصل في سوريا..

هناك نظريات تؤكد أن فرنسا هي من صَنع داعش، فدعمتها بالأسلحة والمدربين خفية وهي ظاهرة لمنافسها، كمن يختبئ وراء صخرة لا تكاد تخفي رأسه!!، وراحت تصنع الجماعات الارهابية التي تدعمها، خوفاً من دخول مواجهة مع أميركا لا تحمد عقباها، ولكن هذا التخفي انطلى على الرأي العام، ولم ينطلِ على القوى المناوئة لفرنسا وأهمها أميركا..

أما لماذا تسكت أميركا ولا توجه أصابع الاتهام الى فرنسا صراحة، أميركا لم تسكت، فنزاعات مثل هذه لا تناقش على الاعلام وتحرص الدول المارقة أن لا تعلم الشعوب بنذالة دولها وحكامها، ثم اميركا تستفيد نسبياً من وجود داعش، لأن مأجورين مثل داعش حتى لو كان ولاؤهم لفرنسا، فإنه لا يمنع من دخول جهاز مخابرات آخر يدفع لهم أكثر!! وأميركا يهمها خلق مبرر للتدخل العسكري، حتى تستمر في احتلال البلاد التي تنتشر فيها داعش وتحاربها، وتظهر بأنها تحارب جماعات ارهابية ترتكب جرائم بحق الشعوب المظلومة التي ترقد على بحر من النفط والغاز لا يناسبها، دون أن تقوم بمواجهة سافرة مع فرنسا.

نشأت داعش في العراق بعدما قادت أميركا تحالفاً دولياً في عام 2003، ظاهره اسقاط نظام صدام حسين، وباطنه اخراج النفوذ الفرنسي من العراق، فقامت الجماعات المسلحة بمقاومة المحتل الأميركي، الى أن انسحب ايضاً ظاهرياً عام 2011، وبقيت قواته من خلال الجيش العراقي، وفرنسا ايضاً بقيت في الحكومة والسياسيين والطائفية التي تتقن فرنسا ركوبها، وهذا هو سبب الانقسام والفشل الذي يعانيه الشعب العراقي منذ أن أرادت أميركا أن تواجه أذرع فرنسا في العراق.

الذي حدث في العراق، هو نفسه يحدث الآن في سوريا، مع بعض التغيير في اللاعبين والتكتيكات.. فقد قادت أميركا عملية طويلة، لإخراج فرنسا وأذرعها من سوريا، استمرت من بداية الربيع العربي، من خلال ثورة شعبية ضد نظام الأسد إلى أن انسحب النظام، وترك المعركة لداعش وحرب العصابات والاستنزاف تواجهه أميركا، ليبقي فرنسا والمنظمين الجدد لمعركة ردع أميركا في سوريا.

مشهد الصراع في سوريا تغير عما كان عليه في العراق، ففرنسا أمام الهجمة الاميركية بداية ولاية ترمب انحازت الى الشرق واستعاضت عن أميركا وبرطانيا والمانيا، بالصين وكوريا الشمالية وباكستان، لذلك جعلت ايران أيضا تتوجه الى الصين وباكستان، لتستطيع كبح جماح أميركا، وكان اول ثمرة ناضجة لهذا التحالف الجديد، حرب ال"12" يوماً مع الكيان، ما أحبط أميركا وربيبتها، لكن السؤال هل تستطيع أميركا ومعها تركيا تنظيف سوريا من اذرع فرنسا، والسؤال الأهم: اين مصلحة العرب؟ هل هم مع التحالف الفرنسي الصيني، أم مع التحالف التركي الأميركي الإسرائيلي، والأكثر أهمية هل يوجد نظام عربي واحد يستطيع بناء دولة مؤسسات، تستطيع اتخاذ قرار مصيري قائم على مصلحة الشعب ووحدة الاراضي، واستقلال الدولة؟!!
وأمام هذا الواقع الدولي والتحالفات الجديدة، لن تستطيع سوريا الخروج من عنق الزجاجة، إلا بوعي شعبها وتكاتفه، ووقوفه صفاً واحداً بوجه أدوات الدول المتصارعة على الأرض السورية . .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد