نحو عدالة ضريبية
في خضم الأزمات الاقتصادية والتحديات المالية التي تواجه الأردن، تبرز الحاجة إلى إصلاح جذري في النظام الضريبي، يقوم على مبدأ العدالة والكفاءة. من أبرز هذه الإصلاحات المقترحة: تحويل العبء الضريبي من الدخل المنتج إلى الأرباح غير المنتجة، مثل المضاربات العقارية، الأرباح الرأسمالية، الريوع الاحتكارية، والأرباح التي لا تُسهم فعليًا في خلق فرص العمل أو تحفيز النمو.
تعاني الطبقات العاملة والمتوسطة من عبء ضريبي مرتفع. تشير بيانات وزارة المالية الأردنية لعام 2023 إلى أن ضريبة المبيعات تشكل أكثر من 66% من الإيرادات الضريبية، بينما لا تتجاوز الضرائب على الثروة والمكاسب الرأسمالية 3.2%. بالمقابل، تبقى الأرباح العقارية والمالية، إضافة إلى الأرباح الاحتكارية، في الغالب خارج دائرة المساهمة العادلة، مما يُضعف العدالة الاجتماعية ويُفاقم التفاوتات.
تُظهر بيانات دائرة الأراضي والمساحة أن أسعار الأراضي في مناطق محددة من عمّان ارتفعت بما يزيد على 350% بين 2005 و2022، رغم الركود الاقتصادي. هذه القفزات تعكس مضاربات عقارية استغلّت غياب ضرائب على المكاسب الرأسمالية، أو ضعف آليات استرداد قيمة الارتفاع غير الناتج عن استثمار فعلي.
أما في ما يخص المحتكرين، فالوضع أكثر حساسية. في قطاعات حيوية كالمواد الغذائية والمشتقات النفطية، تظهر حالات احتكار تُسهم في تضخيم الأرباح دون تحسين في الخدمة أو خفض للتكاليف. تقرير هيئة تنظيم المنافسة الأردنية لعام 2022 أشار إلى أن 6 شركات فقط تستحوذ على أكثر من 80% من سوق توزيع المواد التموينية، دون خضوع كافٍ لضرائب الأرباح الاستثنائية أو قوانين كبح الاحتكار.
في المقابل، تقدم دول مثل سنغافورة نموذجًا ناجحًا، حيث فُرضت عام 2013 ضرائب تصاعدية على إعادة بيع العقارات خلال أقل من 3 سنوات، ما أدى إلى انخفاض المضاربات بنسبة 42% بحلول 2018، وارتفاع نسبة ملكية المنازل إلى أكثر من 90%.
وفي فرنسا، تطبّق منذ 2013 ضريبة بنسبة 30% على أرباح بيع الأسهم والعقارات، مع إعفاءات فقط في حال الاستثمار طويل الأجل أو إعادة ضخ الأرباح في مشاريع إنتاجية.
أما في كندا، فقد تبنّت ضريبة على أرباح العقار قصيرة الأجل في عام 2022، وفرضت رسومًا إضافية على الشقق الفارغة في المدن الكبرى (مثل فانكوفر وتورونتو)، ما أدى إلى زيادة المعروض السكني بنسبة 8% خلال عام واحد، وتحجيم الاستثمار غير المنتج في سوق العقارات.
تُظهر بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية أن مساهمة القطاع العقاري في الناتج المحلي بلغت 4.4% فقط في 2022، رغم أنه يستحوذ على استثمارات ضخمة وأرباح ريعية هائلة، لا تخضع غالبيتها للضريبة. وهذا يطرح تساؤلاً مشروعًا: لماذا لا يُسهم هذا القطاع الضخم بما يتناسب مع مكاسبه في الإيرادات الوطنية؟
من ناحية أخرى، لم تُستخدم السياسة الضريبية في الأردن بشكل فعّال لتحفيز القطاعات الإنتاجية، مثل الصناعة أو التكنولوجيا. على سبيل المثال، بينما تحصل الشركات العقارية على إعفاءات جمركية واستثمارية كبيرة، لا تحظى المشاريع الناشئة في قطاع تكنولوجيا المعلومات أو التصنيع الذكي بدعم مماثل، رغم قدرتها على خلق الوظائف والقيمة المضافة.
تشير بيانات البنك الدولي إلى أن نسبة الإيرادات الضريبية للناتج المحلي في الأردن بلغت 15.6% في 2022، وهي أقل من المتوسط الإقليمي (18.4%)، مما يعكس فجوة كبيرة في تحصيل الضرائب من القطاعات الأكثر ربحًا.
وبحسب “شبكة العدالة الضريبية”، فإن الأردن يصنف ضمن الدول ذات “عدم توازن ضريبي مرتفع”، حيث يتم تحميل العاملين والمنتجين العبء الأكبر.
إن غياب العدالة الضريبية لا يهدد فقط الاستقرار الاقتصادي، بل يُضعف الثقة في الدولة ومؤسساتها، ويفتح الباب أمام التهرب الضريبي وتراجع الامتثال الطوعي. كما يُعمّق الشعور بالإقصاء لدى الفئات المنتجة، ويخلق فجوة متزايدة بين من يدفعون أكثر ويكسبون أقل، وبين من يحققون أرباحًا طائلة دون مساهمة حقيقية في الاقتصاد.
لذلك، فإن الإصلاح الحقيقي يجب أن يتجه نحو تحقيق عدالة توزيعية وتشجيع الاستثمار الإنتاجي، من خلال فرض ضرائب تصاعدية على الأرباح العقارية قصيرة الأجل، والريع الاحتكاري، والمضاربة المالية، مقابل تخفيف الضرائب عن المشاريع الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال.
وأخيرًا، تُظهر تجربة المغرب وتشيلي أن هذا التحول ممكن. فقد فرض المغرب في 2021 ضريبة على الأراضي غير المستغلة داخل المدن، ما أدى إلى توفير أكثر من 12,000 قطعة أرض للبناء خلال عامين. وفي تشيلي، أدّى إصلاح ضريبة الثروة عام 2017 إلى رفع مساهمة الضرائب من الناتج المحلي من 17% إلى 21% خلال 5 سنوات.
إن بناء نظام ضريبي عادل لا يعني فرض ضرائب أكثر، بل فرضها على من يجب أن يدفع أكثر. فهل تستمر الدولة في تحميل الكادحين عبء الإصلاح، أم تبدأ بتحميل الاحتكار والريع ما يستحقه؟
الاحتلال يصيب مسنا فلسطينيا بالرصاص ويعتقل 6 آخرين
خلل تقني في إنستغرام يثير شكاوى واسعة
باراماونت ترفض دعوة فنانين لمقاطعة السينما الإسرائيلية
هل تعيد OpenAI رسم علاقتها مع مايكروسوفت
قطر تستضيف قمة عربية للتصدي لاعتداءات الاحتلال
ناشطة تركية أميركية تُغتال برصاص الاحتلال في بيتا
اقتصاديون: رؤية التحديث الاقتصادي باتت برنامجًا للإنجاز وتنفيذ المشروعات الكبرى.
ميتا تستقطب كبار مهندسي الذكاء من أبل
مقتل 12 جنديا باكستانيا في هجوم لطالبان باكستان
تامر حسني يخطط لحفل بطابع أوبرالي لأول مرة
صاروخ من اليمن يفزع الإسرائيليين
وكالة فيتش تخفّض التصنيف الائتماني لفرنسا
مدير المعهد المروري: هذه المخالفة تستوجب العقوبة القانونية
وظائف شاغرة وامتحانات تنافسية .. أسماء
نتائج فرز طلبات وظائف التعليم التقني BTEC .. رابط
توضيح بشأن أنباء إلغاء عطلة السبت في المدارس
أسعار الذهب والليرات الذهبية في الأردن الأحد
خبر سار للمكلفين المترتبة عليهم التزامات مالية للضريبة
ارتفاع جديد في أسعار الذهب محلياً اليوم
الخضير أمينا عاما للسياحة واللواما للمجلس الطبي وسمارة لرئاسة الوزراء
هل مشاهدة خسوف القمر مضر للعين
أسرار حجز تذاكر طيران بأسعار مخفضة
قيادات حماس التي استهدفتها إسرائيل في الدوحة .. أسماء
عمل إربد تعلن عن وظائف وإجراء مقابلات بشركة اتصال