من قال إنه لا يستحق نوبل
أي الرؤساء في العالم، في ربع القرن الأول، من الألفية الثالثة يضارع دونالد ترامب، أو يضاهيه، وعلى كل المستويات التي تليق برئيس دولة جدير بهذا المنصب في زماننا هذا؟ أليس هو الرئيس الذي وعد باستعادة العصر الذهبي لأمريكا، وفرض سلطتها وكلمتها على العالم برمته بدون أن يكون لها منافس أو منازع، وما لقاؤه مع قادة أوروبا، وجمعه بينهم ليجلس أمامهم، وكأنه فقيه في محاضرة، يلقي إليهم خطابه المستعلي، آمرا إياهم بمساندة أوكرانيا، ودفع المصاريف إلى أمريكا. ولقاء مثل هذا لم يتحقق منذ أواخر القرن التاسع عشر، وأنه أول من نجح في عقد لقاء كهذا لإيقاف الحرب الروسية ـ الأوكرانية التي عجز الجميع عن إيقافها. ألم ينتقد سابقه في البيت الأبيض على تقاعسه وجبنه، مؤكدا أنه لو كان مكانه لما وقع حدث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ولما استمرت الحرب الروسية الأوكرانية؟ ألم يلتزم بإيقاف كل الحروب، ومنذ وصوله إلى سدة البيت الأبيض وهو يتحدث عن إيقاف الحرب على غزة، في عهدته، وها هو ذا يدعي الآن أنه أوقف ست منها؟ أما غزة فهو سيوقف الحرب فيها، وينهيها بمن فيها من بشر وحجر وشجر لأنها، في تقديره، تعرضت لدمار لا نظير له. وهذا الدمار لا يجعلها أرضا صالحة للعيش كما كانت، وعلى الفلسطينيين مغادرتها إلى أرض الله الواسعة، لكي يحولها بقدرته السحرية إلى ريفييرا الشرق الأوسط التي تستوعب الناس من كل الأجناس، وتكون ملتقى الحضارات والترفيه والاستمتاع بالطبيعة وجمالها التي يكدرها الآن إرهابيون ينغصون على الصهاينة أمنهم، ويعرضونهم أبدا إلى خوض حروب ضروس لا نهاية لها للدفاع عن أنفسهم، وعن مشاريعهم المذهلة في الشرق الأوسط.
أليس ترامب من عمل على إعطاء الديانة الإبراهيمية، وفرضها على المسلمين في المنطقة، بعدها العملي عن طريق التسويغ للتطبيع مع إسرائيل لتتوحد شعوب الشرق الأوسط الجديد في ديانة واحدة لا تفرق بينهم، وتعتبرهم أشقاء في الدين لا فرق بين مسلم ويهودي أو صهيوني؟ وكانت هذه الديانة قاب قوسين أو أدنى من التحقق لولا طوفان الأقصى الذي أوقف عجلتها، وأدى إلى حرب مفتعلة مر عليها إلى الآن اثنان وعشرون شهرا تولد عنها استنزاف لإسرائيل، وأدى بها إلى حياة صعبة اجتماعيا ونفسيا واقتصاديا. لذلك يرى ترامب أن إيقاف الحرب في غزة حتى بالشروط الخمسة التي تضعها إسرائيل لن يحل المشكلة التي مر عليها الآن حوالي ثمانية عقود، وأن الحرب لا يمكنها إلا أن تستأنف ما دام للفلسطيني وجود في أرض الميعاد. ولذلك فتحويل غزة إلى أرض صالحة للتعايش بين أثرياء العالم، ومحبي الترفيه أخير من أن تظل مكانا للبؤس، وسوء التغذية، والاقتتال الذي لا نهاية له؟
لطالما بعث ترامب مبعوثيه، بالإضافة إلى تسخير إعلامه وأسلحته لممارسة المزيد من التدمير والتقتيل والتجويع لفرض الأمر الواقع على الفلسطينيين للهجرة الطوعية، وإلقاء المقاومة أسلحتها، والخروج منها لتحقيق ريفييرا الشرق الأوسط الحلم الحقيقي والأكبر لترامب. لطالما كان التلويح بأنه على خلاف مع نتنياهو. ولطالما اعتبر ذلك طلبا منه لإنهاء الحرب. لكن إنهاء الحرب بالمعنى الترامبي لم يكن يقصد به ما كان يفهم من كلامه، ويروج له الإعلام الدخول في مفاوضات للحل. كان المقصود به، على الأصح، الإجهاز على الفلسطينيين نهائيا، وتخليص المحتجزين، وممارسة المزيد من التدمير والتقتيل لنبدأ في الإعمار كما نريد.
لكن صلابة المقاومة في التصدي، وتكبيد الصهاينة خسائر غير متوقعة ولا منتظرة، وصمود الفلسطينيين حالا دون تحقيق ما يرمي إليه نتنياهو واليمين المتطرف وترامب. فما كان من ترامب، وقد استنفذت المفاوضات كل إمكاناتها إلا أن ترك لنتنياهو إتمام المهمة التاريخية بدون أي تدخل من جهته. ولعل عدم حديثه، وهو دائم الكلام عن احتلال غزة، وبناء المستوطنات في الضفة الغربية، هو تأكيد لضوء أخضر مطلق لإنجاز الجيش الإسرائيلي مهامه كاملة غير منقوصة. ولتبرير سلوكه هذا يعلن تفرغه، الآن، أولا لحل الحرب الروسية ـ الأوكرانية ليضاف ذلك إلى لائحة منجزاته في إيقاف الحروب، ريثما تتقدم الآلة الصهيونية في إكمال مخططاتها التدميرية. وبالموازاة مع ذلك العمل الجاد من خلال إرسال مبعوثيه إلى لبنان لسحب أسلحة المقاومة اللبنانية، وتشجيع اللقاء بين إسرائيل وسوريا لتحييدهما، وتعزيز السلام في المنطقة بالطريقة التي ترضي إسرائيل لتحقيق توسعها في المنطقة وبناء إسرائيل الكبرى. وما السكوت على إيران والحوثيين، مؤقتا، فليس سوى لإنضاج السلام في المنطقة، وإيقاف الحروب ضد إسرائيل على نار هادئة.
ولكي تظل الفرصة لإسرائيل مواتية لممارسة المزيد من التقتيل والتدمير بفرض أشد العقوبات على القضاة والمدعين العامين للجنائية الدولية كي لا تتابع الصهاينة المتطرفين، والحيلولة دون استمرار ما بدأ يستيقظ من ضمير عالمي يستنكر المجازر والتجويع بحق الأطفال الفلسطينيين. وهو في هذا الصنيع لا يختلف عن نتنياهو الذي يواجه المتظاهرين حتى داخل إسرائيل بأنهم يشجعون الإرهاب، ويدعمون الإرهابيين، ويحولون دون تحقيق الوعد الإلهي لإسرائيل الكبرى. ومن هذه الناحية فترامب ونتنياهو يلتقيان معا في تجسيدهما للروحانية اليهودية ـ المسيحية ضد الفساد والإرهاب. فاستعادة أسطورة العصر الذهبي لأمريكا رديف استرجاع أسطورة أرض الميعاد.
إن ترامب وقرينه نتنياهو يجسدان الآن معا الوعد الإلهي على الأرض، ولن تكون، تبعا لذلك، ريفييرا الشرق الأوسط سوى بؤرة عالمية في قلب إسرائيل الكبرى. إن كل الذين يعارضون ترامب لا يعتقدون في الإلهام الذي يتلقاه، ولا عيب فيما يبدو أحيانا من تناقض في الكلام، أو التباس في فهم ما يرمي إليه. فالعبرة بما يعمل بحسن نية لا يفهمها الغوغاء من طلبة الجامعات، وأساتذة بعض الكليات، أو بعض الجمعيات المدنية في العالم، بما في ذلك أمريكا وإسرائيل. إن كل المشاغبين للوعد الإلهي الذي جمع بين ترامب ونتنياهو لا يدركون جيدا الرسالة التي اختصا بها دون الرؤساء في أمريكا وإسرائيل طوال التاريخ الحديث. فكل منهما سيخلد في سجل صناع التاريخ في القرن الواحد والعشرين. ولذلك فترشيح نتنياهو لترامب لنيل جائزة نوبل للسلام أمر لا يخالفه إلا من يعترض على الدور التاريخي الذي يقوم به لدعم إسرائيل الكبرى وانتشار الديانة الإبراهيمية، وفرضها نفسَها على غيرها من الديانات السماوية وغيرها من المعتقدات التي يدين بها الغرب من عقلانية وعلمانية.
لكن نتنياهو، وهو يقدم نفسه بطلا أسطوريا وزعيما دينيا يوحَى إليه بتحقيق حلم من سبقه في تأسيس إسرائيل، لا يقل أهمية عن قرينه الذي ظل ينتظر نجاحه في الانتخابات الأمريكية، مؤجلا أي مفاوضات للسلام. إنه صنوه، لكنه كان متواضعا في ترشيح ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، ولم يعرض نفسه للترشيح لها. ورغم كون بن غفير وسموتريتش يلحان عليه ليكون في مستوى ما يوحى إليه لم يتقدما بترشيحه لنيل الجائزة نفسها ليتقاسمها مع ترامب إسوة بما جرى عندما سلمت الجائزة لياسر عرفات وإسحاق رابين وشمعون بيريز سنة 1994. ولعل السبب في ذلك راجع إلى أنهما رأيا نفسيهما أهلا للوقوف إلى جانب ترامب لتسلم الجائزة على غرار ما وقع مع إسحاق رابين، ما دام الفلسطينيون لا أحد منهم يدافع عن السلام الذي يقضي بمحو الإرهاب، والقضاء على الإرهابيين، والحيلولة دون سلام دائم في المنطقة بعد إزالة كل العوائق التي تحول دون تحقيقه.
من يعارض ترامب في الحصول على جائزة للسلام، ما يزال غير قادر على التمييز بين الحرب والسلام في الألفية الجديدة.
*كاتب من تونس
إنزال جوي أردني ودولي جديد لإغاثة غزة .. صور
وسام أبو علي يثير الجدل بسبب غياب علم فلسطين
الأردن وروسيا تبحثان تعزيز التعاون البرلماني والاقتصادي
نوال الزغبي تثير الجدل وتخطط لديو مع آدم
الأردن يتسلم مساعدات سلوفينية جديدة لقطاع غزة
عجلون: 9 آلاف مشارك في الدورات الصيفية للأوقاف
معلمة ألمانية تقبض مليون يورو خلال إجازة مرضية
تمديد فترة التقديم في البرنامج الموازي بالجامعة الهاشمية
نضال القطامين: التكنولوجيا ركيزة لتطوير النقل بالأردن
تواصل تطلق دارة هاشم غرايبة وتنظم ورشة في فن القصة .. صور
42 شركة أردنية تشارك في معرض دمشق الدولي
سارة المطر تطلق أولى معارضها التشكيلية بـ45 لوحة
تتويج الفائزين في مهرجان الأردن لأفلام الأطفال
التربية تدعو مرشحين لإشغال وظيفة معلم .. أسماء
ترفيع وإنهاء خدمات موظفين لاستحقاق التقاعد المبكر .. أسماء
إعلان نتائج التوجيهي جيل 2008 إلكترونيًا وورقيًا نهاية آب
مهم بشأن موعد نتائج التوجيهي 2008
مدعوون للامتحان التنافسي في شركة حكومية .. أسماء
إعادة تفعيل رابط المكرمة الملكية ليوم واحد
الجواز الإلكتروني الأردني متاح دون إلزام بتجديد القديم
وقف ضخ المياه عن مناطق في عمان والرصيفة إثر اعتداء على خط الديسي
طب اليرموك تفجع بوفاة الطالب أزهر الزعبي
تنقلات واسعة في أمانة عمان الكبرى .. أسماء
توضيح حول حقيقة شروط خدمة العلم المتداولة بين المواطنين
التربية تحدد موعد توزيع الكتب المدرسية
غرامات على المخالفين لوضع الحواجز في عمّان