جمود في الأسواق

mainThumb

07-10-2025 01:56 PM

في جولة سريعة على الأسواق، يلاحظ الزائر قلة الحركة وتراجع الإقبال على الشراء، حتى في المواسم التي كانت تشهد عادة انتعاشا نسبيا. فتراجع القوة الشرائية للمواطنين بات واضحا ولا يحتاج الى الدراسات التحليلية والتنظيرية التي تستهلك الوقت والجهد، فتكاليف المعيشة في ارتفاع مستمر ويسير بسرعة الريح، ما أدى الى ازدياد الأعباء المالية على الأسر وتراكمها، فكل اسرة لديها طفلين يذهبون الى المدارس او الحضانة تحتاج بالحد الأدنى الى 30 دينار صباح كل يوم الامر الذي جعل المستهلكين أكثر حذرا في قراراتهم الشرائية، مكتفين بالضروريات ومؤجلين الكماليات وهنا بعض الاسر لا تحسن ترتيب أولوياتها تقع في الازمات المالية.
يقول خبراء الاقتصاد والمراقبون إن حالة الجمود هذه ليست وليدة اللحظة، بل هي نتيجة تراكم عوامل عدة.
فارتفاع أسعار الفائدة حدّ من الإقبال على القروض والتمويل، خصوصا في القطاعات العقارية والصناعية، فيما أدى ارتفاع تكاليف التشغيل إلى تآكل هوامش الربح لدى الشركات. كما ساهمت التوترات الإقليمية والضبابية الاقتصادية في تأجيل بعض الاستثمارات الجديدة وتجميد أخرى قائمة. الامر الذي يشير الى وجود عوامل اقتصادية متشابكة.
السؤال الذي يفرض نفسه هنا حول ما هي القطاعات الأكثر تضررا؟ تشير الدراسات الى ان قطاع العقار، الذي يعد محركا رئيسيا للدورة الاقتصادية وسلاسل القيمة، يشهد حاليا ركودًا غير مسبوق رغم العروض التمويلية الجاذبة. وفي قطاع التجزئة، يلاحظ التجار تراجعا في المبيعات حتى خلال العطل والمواسم.
أما القطاع الخدمي، فقد انخفضت إيراداته كنتيجة لتراجع الإقبال على المطاعم والمقاهي وصالونات التجميل والمراكز الترفيهية، في حين يعاني القطاع السياحي المحلي من ضعف في الإنفاق رغم تحسن أعداد الزوار في بعض الفترات.
استمرار هذا الجمود له انعكاسات سلبية على حجم الطلب للسلع والخدمات التي حتما ستنخفض والتي ستؤثر بدورها سلبا على جميع سلاسل الامداد والتزويد (سلسلة القيمة) وأيضا انخفاض معدلات النمو وفرص العمل، وتراجع الإيرادات وتقليص الوظائف أو تجميد التوظيف في بعض المؤسسات، مما يضع الاقتصاد في دائرة تباطؤ يصعب كسرها دون تدخلات فاعلة.
لكسر الجمود الاقتصادي وإعادة الحيوية الى الأسواق لا بد من تطوير سياسات تحفيزية مثل دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتخفيض الضرائب على بعض القطاعات الحيوية، وتسهيل التمويل بأسعار فائدة ميسّرة. وغيرها من الأمور التي تعيد الحوية وتعزيز الثقة بين المواطن والاقتصاد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد