غاز الريشة .. ركيزة وطنية لبناء مستقبل الطاقة في الأردن

mainThumb

11-10-2025 10:49 AM

السوسنة - مشهور الشخانبة -يمضي الأردن بخطى متسارعة نحو تحقيق أمنه الطاقي وتعزيز اعتماده على موارده الوطنية، عبر مشاريع استراتيجية تهدف إلى تنويع مصادر الطاقة وتقليل الاعتماد على الاستيراد، في إطار رؤية ملكية شاملة تضع الاستدامة في صميم عملية التحديث الاقتصادي.
ويبرز مشروع تطوير حقل غاز الريشة كأحد أهم المشاريع الوطنية في هذا المسار، إذ يمثل ركيزة أساسية ضمن البرنامج التنفيذي الثاني لرؤية التحديث الاقتصادي (2026–2029) واستراتيجية الطاقة (2025–2035)، بما يسهم في بناء اقتصاد طاقي متكامل قادر على جذب الاستثمار وتعزيز النمو المستدام.
وتتجسد الجهود الحكومية في هذا المجال من خلال دعم المشاريع المحلية في مجالات الغاز والطاقة المتجددة، وإقرار تشريعات تحفّز الاستثمار في القطاع، إلى جانب تنفيذ اتفاقيات استراتيجية لرفع الإنتاج المحلي من الغاز الطبيعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي تدريجياً، وصولاً إلى أردن مستقل طاقياً وأكثر قدرة على مواجهة التحديات العالمية.
وتوجت الجهود بتوقيع شركة البترول الوطنية والشركة الكويتية للحفريات، أخيرا اتفاقية استراتيجية، لتنفيذ مشروع حفر 80 بئر جديدة في حقل الريشة الغازي بكلفة إجمالية تبلغ 174 مليون دولار، وذلك وفق نظام تسليم المفتاح خلال فترة تمتد لأربع سنوات.
ويُنفذ المشروع بتمويل ذاتي من شركة البترول الوطنية من خلال إيرادات مبيعات الغاز، إلى جانب دعم حكومي بقيمة 87 مليون دينار، ضمن خطة الشركة الاستراتيجية الرامية إلى رفع مستويات الإنتاج وزيادة مساهمة الغاز المحلي في خليط الطاقة الوطني، وصولاً إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي عبر إحلال الغاز الوطني محل المستورد، بما يعزز أمن التزود بالطاقة.
وتسعى الشركة من خلال المشروع إلى تشجيع إقامة صناعات بتروكيماوية وتحويلية وتعدينية تعتمد على الغاز الطبيعي كمصدر رئيسي للطاقة، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.
وفي إطار تنويع استخدامات الغاز الطبيعي، أبرمت شركة البترول الوطنية خلال الفترة الماضية عدداً من اتفاقيات بيع وشراء الغاز مع شركات تقوم بضغط وتسييل الغاز المنتج من حقل الريشة ونقله بواسطة صهاريج متخصصة إلى مختلف مناطق المملكة، ما يسهم في توسيع قاعدة مشتري الغاز الوطني وتحفيز الصناعات المحلية المعتمدة عليه.
وفي هذا الاطار أكد وزير الطاقة والثروة المعدنية الدكتور صالح الخرابشة، في تصريحات سابقة, إن الاستراتيجية الشاملة لقطاع الطاقة تستهدف تنويع مصادر الغاز الطبيعي وعدم الاعتماد على مصدر وحيد، عبر تأمين أربعة مصادر للغاز تتمثل في: الغاز المصري عبر الأنابيب، والغاز من البحر الأبيض المتوسط، والغاز المنتج محليا من حقل الريشة، والغاز المسال المستورد عبر ميناء العقبة.
وقال أن شركة البترول الوطنية تنفذ خطة تطوير لحقل الريشة، تتماشى مع توجهات الحكومة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز المنتج محليا، وتقليل الاعتماد على الاستيراد.
وأضاف ان الغاز الطبيعي المحلي المستخرج من حقل الريشة يُعد من أبرز موارد الطاقة الوطنية، مؤكدا حرص الوزارة على توسيع استخدامات الغاز الطبيعي في المملكة وتهيئة بيئة استثمارية جاذبة لهذا القطاع الحيوي، تماشيًا مع رؤية التحديث الاقتصادي وخطط تنويع مصادر الطاقة.
وأكد الخرابشة أهمية المشاريع التي تنفذها الوزارة لتوسيع استخدامات الغاز الطبيعي المنتج من حقل الريشة في تخفيض كلفة الطاقة في مختلف القطاعات، وتحقيق معدل نمو يصل إلى 5.6٪ .
مدير عام شركة البترول الوطنية المهندس محمد الخصاونة, اكد ان الشركة تستهدف الوصل إلى مرحلة الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وذلك بأن تصل القدرة الانتاجية إلى مستوى اعلى من 400 مليون قدم مكعبة يوميا في نهاية 2029.
وقال, لتحقيق ذلك من الضروري زيادة عدد أبراج الحفر المستخدمة وعدد الابار التي ستحفر سنوياً بعدة اضعاف المستوى الحالي.
وأضاف, بنهاية العام الحالي 2025 سنكون قد انجزنا حفر 10 ابار وهذا مستوى قياسي وتم تجربة الحفر من قبل مقاول حفر على اساس تسليم مفتاح وكان الأسلوب التعاقدي ناجحاً بامتياز من حيث التكلفة وسرعة الانجاز وأدى ذلك لرفع القدرة الانتاجية الى مستوى 80 مليون قدم مكعب يومياً وهو ما يتجاوز تقديراتنا.
وتابع الخصاونة, خلال السنوات الأربع القادمة سنكون بحاجة لحفر المزيد من الابار علاوة على تلك التي تم التعاقد عليها لتحقيق الأهداف التي تم اقرارها في خطط الشركة المستقبلية من خلال تعاقدات اضافية مستقبلا.
وأشار مدير البترول الوطنية الى ان اسلوب العمل بنظام تسليم مفتاح يحقق افضل اداء وتكاليف اقل وتحديدا عندما يكون حجم المشروع كبير, منوها الى وجود مشاريع أساسية تتزامن مع اعمال الحفر تهدف لبناء بنية تحتية متكاملة تعمل على توصيل الغاز الطبيعي لكافة نقاط الاستهلاك وستكون جاهزة مطلع عام 2029 على ابعد تقدير.
خبير الطاقة هاشم عقل اكد ان توقيع اتفاقية حفر 80 بئر خطوة استراتيجية لتعزيز الأمن الطاقي في الأردن, تعد تاريخية على حد وصفه.
وقال تأتي هذه الاتفاقية كجزء من خطة طموحة لرفع إنتاج الغاز المحلي إلى 418 مليون قدم مكعب يومياً بحلول عام 2030، مما يعزز مكانة الأردن في تحقيق الاكتفاء الذاتي وتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة.
وأضاف تُعد هذه الاتفاقية، التي ستُنفذ على مدى أربع سنوات بنظام "مفتاح اليد"، إحدى ركائز استراتيجية الأردن لتنويع مصادر الطاقة.
وأضاف, تأتي هذه الاتفاقية لتعزز الأمن الطاقي من خلال زيادة الإنتاج المحلي، الذي سيغذي محطات توليد الكهرباء ويوفر الغاز المضغوط للصناعات، مثل البتروكيماويات والتعدين، مما يفتح آفاقاً لفرص عمل جديدة وتنمية اقتصادية مستدامة.
واكد عقل ان الغاز الطبيعي يعد خياراً أقل تلوثاً من النفط والفحم، مما يدعم التزام الأردن بتقليل الانبعاثات الكربونية والانتقال نحو مصادر طاقة أنظف, وتتكامل هذه الخطوة مع الجهود الوطنية لتوسيع الاعتماد على الطاقة المتجددة، حيث يهدف الأردن إلى أن تشكل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح 50% من مزيج الكهرباء بحلول 2030.
واكد ان اتفاقية حفر 80 بئر تعد خطوة نوعية نحو تحقيق الاستقلال الطاقي، وتؤكد التزام الأردن بتطوير موارده المحلية لمواجهة التحديات العالمية, ومع استمرار الاستثمارات في الغاز والطاقة المتجددة، يرسم الأردن طريقاً واضحاً نحو مستقبل طاقي مستدام، يجمع بين الأمن الاقتصادي والحفاظ على البيئة.
امين عام الهيئة العربية للطاقة المتجددة المهندس محمد الطعاني اكد ان تنوّع مصادر الطاقة او خليط الطاقة يعد خطوة استراتيجية نحو الأمن الطاقي الوطني, ومن الركائز الأساسية لأمن الطاقة في الأردن، إذ يتطلب ذلك إدارة مبتكرة قادرة على تحقيق التوازن بين العرض والطلب، وتعزيز التكامل بين مصادر الطاقة التقليدية والمتجددة.
وقال, يمثل تطوير البنية التحتية للنقل الأخضر ومواكبة التطورات التكنولوجية المتسارعة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، عاملًا محوريًا لضمان استمرارية التزود بالطاقة وتعزيز القدرة على تصديرها إلى دول الجوار، مستفيدين من الموقع الجغرافي الحيوي للمملكة التي تشكّل حلقة وصل استراتيجية في الشبكة الذكية الكهربائية الإقليمية والدولية.
وأشار الطعاني الى إن سياسة خليط الطاقة في الأردن تشكّل خطوة مهمة واستراتيجية نحو تحقيق الأمن الطاقي الوطني، وتمثّل في الوقت ذاته فرصة اقتصادية استثمارية على المدى القريب والبعيد، تعزز من موقع الأردن كدولة رائدة في مجال التحول الطاقي المستدام.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد