نظرية الفوضى المنظمة كآلية للحكم والسلطة
هذا المقال ملخص لدراسة طويلة للباحث، وهي دراسة نظرية وكمية، ينظر فيها الباحث لمفهوم جديد هو مفهوم " نظرية الفوضى المنظمة" كألية للحكم والسلطة.
و يدعي كاتب السطور أن قدم في الدراسة نظرية جديدة في اليات الحكم و السلطة في دول العالم و الدول العربية خصوصا.
مقدمة: ما وراء الاستبداد التقليدي
في خضم التحولات العميقة التي شهدتها الأنظمة السياسية العربية، خاصة بعد عام 2011، برز نمط جديد من الحكم يتجاوز القمع المباشر. فبدلاً من السعي لحل الأزمات، تعتمد بعض الأنظمة على إدارتها بشكل ممنهج، وتحويل الفوضى الجزئية إلى أداة للسيطرة. هذه الدراسة تسعى لتأصيل مفهوم "الفوضى المنظمة" كنظرية تحليلية تفسر كيف تُستخدم الاختلالات البنيوية (الاقتصادية، التشريعية، والأمنية) كاستراتيجية متعمدة لإدامة السلطة، وتفتيت المجال العام، وإعادة إنتاج الاستبداد في ثوب جديد.
تتمثل المشكلة البحثية في غياب إطار نظري متكامل يفسر كيف ولماذا تُستخدم الفوضى كآلية حكم، وليس مجرد نتاج للفشل الإداري. وعليه، تطرح الدراسة سؤالاً محورياً: كيف تُوظّف الأنظمة السلطوية العربية "الفوضى المنظمة" كآلية استراتيجية لإدارة الحكم وتحقيق الاستقرار السلطوي، وما هي الأدوات البنيوية والرقمية التي تمكّن هذا النموذج من البقاء؟
الإطار النظري: من فيزياء الشواش إلى علم السياسة
تستعير الدراسة مفاهيمها من نظرية الشواش (Chaos Theory) والأنظمة الديناميكية المعقدة، لفهم منطق الحكم غير الخطي في الأنظمة السلطوية. الفوضى هنا ليست عشوائية، بل هي "شواش سياسي مُدار" يخضع لقواعد داخلية صارمة، وأهم مبادئه:
1. تأثير الفراشة (Sensitive Dependence): حيث يمكن لقرار صغير ومدروس (كتسريب وثيقة، أو إثارة جدل أخلاقي، أو تعديل قانوني طفيف) أن يُحدث اضطراباً واسعاً في المجال العام، يتم استغلاله لإعادة ضبط المشهد السياسي لصالح السلطة.
2. نقطة الجذب (Attractor): مهما بلغت حدة الأزمات (احتجاجات، أزمات اقتصادية)، فإن النظام يعود دائماً إلى "مجال توازن" ثابت، وهو بقاء النخبة الحاكمة في السلطة. هذا يفسر قدرة الأنظمة على امتصاص الصدمات دون أن تنهار.
3. الأنماط الكسيرية (Fractals): تكرار نفس نمط الحكم القائم على تفريغ المؤسسات والولاءات في مختلف القطاعات (الاقتصاد، القضاء، الإعلام)، مما يضمن أن أي إصلاح جزئي لن يغير البنية الكلية للسلطة.
تتقاطع هذه المقاربة مع نظريات سياسية كبرى، حيث تمثل الفوضى المنظمة تطبيقاً عملياً لـ:
* الهيمنة الغرامشية: عبر إنتاج "رضا" مجتمعي بفكرة أن الاستقرار النسبي أفضل من الفوضى الشاملة.
* السلطة الحيوية لفوكو: عبر إدارة الخطر (الأمني، الاقتصادي) كذريعة للتدخل المستمر في حياة السكان.
* حالة الاستثناء لأغامبين: حيث يصبح تعليق القانون باسم "الضرورة" هو القاعدة الدائمة للحكم.
* عقيدة الصدمة لكلاين: عبر استغلال الأزمات لتمرير سياسات غير شعبية (كالتقشف والخصخصة).
آليات الفوضى المنظمة وأدواتها في السياق العربي
تعتمد الأنظمة العربية على أداتين رئيسيتين لممارسة هذا النمط من الحكم:
1. تفكيك المؤسسات وإعادة تركيبها على أساس الولاء: يتم إفراغ المؤسسات الرقابية (برلمان، قضاء، نقابات) من مضمونها، وتحويلها إلى هياكل شكلية وظيفتها إنتاج الامتثال لا المساءلة. يصبح الولاء هو معيار التعيين، وتُعتبر الكفاءة عبئاً. ويتجلى ذلك في البرلمانات التي تُهندَس نتائج انتخاباتها، أو في الأجهزة القضائية التي يتم التحكم في تعيينات كبار مسؤوليها لضمان موالاتها.
2. نقل انشغال المجتمع من الحقوق الكبرى إلى الأزمات اليومية: يتم إغراق المواطنين في أزمات معيشية متكررة (غلاء، نقص خدمات، بطالة)، وصناعة الخوف عبر تضخيم التهديدات الأمنية أو الصراعات الهوياتية. الهدف هو تحويل المواطن من "فاعل سياسي" يطالب بالحرية والعدالة، إلى "مستهلك للقلق" يبحث عن سبل البقاء. فبدلاً من مناقشة الدستور، ينشغل الشارع بأزمة الوقود أو الخبز.
تجليات الفوضى المنظمة في العالم العربي
تظهر هذه الاستراتيجية بوضوح في مختلف أنحاء المنطقة، وإن اختلفت حدتها وأدواتها المهيمنة:
1. على المستوى السياسي والدستوري: تلجأ العديد من الأنظمة إلى تعديلات دستورية متتالية تهدف إلى تركيز السلطة في يد السلطة التنفيذية، وإنشاء هيئات ومجالس (كمجالس الأمن القومي) تعمل فوق الدستور. كما يتم إفراغ الحياة الحزبية من معناها عبر قوانين انتخاب معقدة وتدخلات أمنية، ليتحول البرلمان إلى مجرد واجهة ديمقراطية.
2. على المستوى الاقتصادي والاجتماعي: يتم تبني سياسات "ليبرالية مشوهة"، حيث تُستخدم الخصخصة كغطاء لنقل أصول الدولة إلى نخبة مرتبطة بالسلطة. تتراكم الديون العامة لتمويل جهاز الدولة المتضخم وشراء الولاءات، وليس لتحقيق تنمية مستدامة. ويُدار الفقر كظاهرة مزمنة وأداة للضبط الاجتماعي، بينما تتآكل الطبقة الوسطى، الحامل الطبيعي للإصلاح.
3. على المستوى الأمني والحقوقي: يُستخدم خطاب "الأمن أولاً" و"الحرب على الإرهاب" كذريعة لتعطيل الحريات وتوسيع صلاحيات الأجهزة الأمنية التي تتحول إلى فاعل سياسي فوق الدولة. تُسن قوانين فضفاضة (مثل قوانين الجرائم الإلكترونية) لقمع أي صوت معارض، ويُستخدم التوقيف الإداري كأداة للعقاب خارج إطار القضاء.
4. على المستوى المعرفي والثقافي: يتم توجيه المناهج التعليمية لإنتاج مواطن طائع بدلاً من مواطن ناقد. ويُسطّح الإعلام ليركز على الترفيه والدعاية الرسمية، بينما تُحاصَر الجامعات وتُقيد الحريات الأكاديمية، مما ينتج "مواطناً هشاً معرفياً" يسهل السيطرة عليه.
خاتمة: الاستقرار الهش ومستقبل الحكم
تكشف الدراسة أن "الفوضى المنظمة" ليست فشلاً إدارياً، بل هي استراتيجية حكم وظيفية وذاتية التكيف، تهدف إلى إدامة سيطرة النخبة الحاكمة عبر إدارة اللايقين بدلاً من القضاء عليه. لقد نجح هذا النموذج في العديد من الدول العربية في تحقيق "استقرار ظاهري" على حساب التنمية الحقيقية وتآكل العقد الاجتماعي.
إن فهم هذه الآلية المعقدة هو الخطوة الأولى نحو تطوير استراتيجيات مواجهة حقيقية، تركز على إعادة بناء المؤسسات، وتعزيز الشفافية، وتمكين المجتمع المدني، والانتقال من منطق "إدارة الأزمات" إلى منطق "بناء الدولة".
الأمن العام: القبض على مطلوب خطير في إربد وضبط سلاح ومخدرات
سلطة العقبة تنفي إقامة حفل ببيت الشريف الحسين
إغلاق البيت الأبيض .. وإصابتان في واشنطن
الأونروا: أوضاع غزة كارثية وتحتاج لتدخل عاجل
نسبة البطالة: رقم سوف ينخفض عندما يغفو الإحصائيّ
الغذاء والدواء: دعم المرضى يسهّل الوصول للعلاجات الحديثة
نظرية الفوضى المنظمة كآلية للحكم والسلطة
ذم وقدح وتحقير مع الادعاء بالحق الشخصي في الأردن
إطلاق نار على اثنين من العسكريين قرب البيت الأبيض
تقاضى مبالغ مالية مقابل ترخيص محلات .. والمحكمة تصدر قرارها
مدعوون لإجراء المقابلات الشخصية .. أسماء
ما هي مكونات المارشميلو .. طريقة تحضيره في المنزل
دليلكم للتعرف على سمك الناجل وكيفية تحضيره
مؤسسة المتقاعدين العسكريين تبدأ باستقبال طلبات توظيف أبناء المتقاعدين
كسر الرتب زلزل الرواية الإسرائيلية عن هولوكوست غزة
توجيه مهم من التربية لمديري المدارس
جامعة الحسين تلغي تسجيل الطلبة المتأخرين في سداد ذممهم المالية
فاقدون لوظائفهم في وزارة الصحة .. أسماء

