مستقبل الأمة الإسلامية
يشكل مفهوم الأمة الإسلامية النبوي إطاراً وجودياً وتاريخياً يرفض الانفصال الجذري بين العقيدة (الرابط الإنساني الكوني) والسياسة (الإطار التنظيمي للعدل). لقد تأسست هذه الأمة في وثيقة المدينة على مبدأ المواطنة العقدية والتعايش المتعدد، متجاوزةً العصبية القبلية لتؤسس لنموذج حضاري عالمي هو الترجمة العملية لمبدأ التوحيد في المجال الاجتماعي-السياسي. لم تكن الأمة مجرد تكتل ديني، بل كيان جيوسياسي أخلاقي (Ethico-Geopolitical Entity) حمل رسالة "الشهادة على الناس" {شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}. ( البقرة: 143)
غير أنّ هذا البناء الفريد تعرض عبر القرون لمحاولات تفكيك، بلغت ذروتها في العصر الحديث، حيث مثلت اتفاقية سايكس–بيكو (1916) ذروة المشروع الغربي لإعادة هندسة الشرق الأوسط ليس فقط عبر تقسيم الأراضي، بل عبر تفكيك الوعي وعلمنة الجغرافيا الإسلامية. لم تكن سايكس–بيكو مجرد خطوط على خريطة، بل كانت برنامجًا معرفيًا وسياسيًا لفرض وتثبيت مفهوم الدولة القومية العلمانية (Nation-State) كبديل جذري لمفهوم الأمة الجامعة. لقد خلقت حدودًا مادية تُرجمت لاحقًا إلى حدود نفسية وثقافية داخل الوعي الإسلامي ذاته، مما أدى إلى حالة من التنازع والتناحر القُطري لم تعرفها الأمة من قبل بهذا الشكل الحاد.
الفرضية المركزية
إن سايكس–بيكو مثلت نقطة التحوّل الأهم في التاريخ الإسلامي الحديث؛ إذ أنها لم تنهِ الخلافة العثمانية فحسب، بل نجحت في استبدال الهوية الرسالية الكونية للأمة بوعي قُطري وظيفي، مما أدى إلى حالة "القابلية للاستعمار الداخلي" (بتعبير مالك بن نبي). إن مستقبل الأمة مرهون بالقدرة على إعادة بناء الوعي الجامع، متجاوزاً الحدود المادية التي فرضتها سايكس–بيكو عبر أدوات المعرفة والتقنية والتكامل الاقتصادي في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية الجديدة.
الاشكالية الأساسية:
كيف أثّرت اتفاقية سايكس–بيكو ومشروع الدولة القومية الذي تبعها في تفكيك الأبعاد القيمية والجيوسياسية لمفهوم الأمة الإسلامية كما أسسه الرسول ﷺ، وما هي إمكانات وآليات استعادة هذا المفهوم كقوة فاعلة في النظام الدولي المتعدد الأقطاب في العقود القادمة (2035-2050)؟
التساؤلات الرئيسية:
* ما هي الأبعاد الميتافيزيقية والسياسية التي تجعل مفهوم الأمة النبوي متجاوزاً لنموذج الدولة القومية الغربي؟
* كيف أسهمت الثورة العربية الكبرى في شرعنة وتسهيل تطبيق بنود سايكس–بيكو من خلال استغلال "القومية الوظيفية" كقوة تفكيك داخلية؟
* ما هي الآليات الثقافية والمعرفية (مناهج التعليم، الاستشراق، الإعلام) التي استخدمت لترسيخ الهويات القُطرية على حساب الهوية الجامعة بعد 1916؟
* كيف يمكن تحليل محاولات الإحياء الفكري (المسيري، طه عبد الرحمن) والحركي لمفهوم الأمة في سياق مقاومة التنميط الذي فرضته سايكس–بيكو؟
* ما هي سيناريوهات التفاعل المستقبلي (2035–2050) بين الأمة كنظام رمزي عابر للحدود وبين التحديات الجيوسياسية والعولمة الرقمية؟
الأمة النبوية كنموذج كوني متجاوز للدولة القومية
الأمة في التصور النبوي ليست كيانًا جغرافيًا أو عرقيًا، بل هي مفهوم عقدي حضاري يمثل الترجمة الإنسانية للمفهوم القرآني للتوحيد. وهي تقوم على رسالة عالمية وتوازن داخلي غير مسبوق في التاريخ السياسي القديم.
الجذور القرآنية والفقهية لمفهوم الأمة
ورد لفظ الأمة في القرآن الكريم ليشير إلى وظيفة لا مجرد جماعة. تتجلى هذه الوظيفة في آيتين مفصليتين:
* الأمة الواحدة (الوحدة العقدية): قوله تعالى:{إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} (الأنبياء: 92). يوضح ابن كثير في تفسيره أن وحدة الأمة تنبع من وحدة المرجعية (التوحيد)، وليس من وحدة النسب أو الأرض. هذا يجعل الرابط رابطًا ميتافيزيقيًا (ما وراء الطبيعة) لا ماديًا.
* الأمة الوسط (الوظيفة الرسالية):
يبين قوله تعالى:{وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} - البقرة: 143).هنا يبرز البعد الجيوسياسي الحضاري للأمة، فهي ليست منعزلة بل شاهدة ووسيطة بين المبادئ والقيم الإلهية والواقع البشري. إن وظيفتها هي تحقيق العدل وإقامة القسط، وهو ما يمثل هدفها الأسمى. يشير الشاطبي في الموافقات إلى أن مقاصد الشريعة كلها تخدم إطار الأمة الوسط الذي يوازن بين المصالح الفردية والجماعية.
وثيقة المدينة:
العقد الاجتماعي التأسيسي والمواطنة العقدية
كانت المدينة المنورة (يثرب سابقًا) مختبراً لتطبيق مفهوم الأمة، حيث كانت تسودها الانقسامات القبلية والعرقية. جاء الرسول ﷺ ليؤسس كيانًا سياسيًا جديدًا عبر وثيقة المدينة (أول عقد اجتماعي مدني إسلامي في التاريخ)، والتي نصّت على:
(ابن هشام، السيرة النبوية).
التحليل:
* المواطنة العقدية: أسس النص مفهومًا للولاء يتجاوز الانتماء القبلي (قريش ويثرب) ليقوم على العقيدة، مع احترام حقوق المكونات غير المسلمة (اليهود) في إطار التكافل والدفاع المشترك.
* نموذج متجاوز لـ Nation-State: خلافًا للدولة القومية الحديثة التي تقوم على السيادة الإقليمية والقومية العرقية، قامت الأمة النبوية على السيادة الإلهية والرابط العقدي المفتوح لكل من يلتزم بالعهد. لقد أسس الرسول ﷺ كياناً جيوسياسياً على أساس اللا-عرقية لأول مرة في بيئة قبلية بحتة.
تطور المفهوم عبر التاريخ:
الوحدة الرمزية مقابل التعدد السياسي
* الخلافة الراشدة: مثّلت الترجمة السياسية المباشرة لروح الأمة، حيث كان الحاكم (الخليفة) وكيلاً للأمة يُعزل بالشورى والبيعة.
* العصور الأموية والعباسية: ظهر التعدد السياسي مع بروز الدول المستقلة (الأندلس، الدويلات المشرقية)، لكن وحدة الأمة الرمزية والثقافية بقيت قوية، موحدة باللغة العربية، والفقه، والحج. لاحظ ابن خلدون في المقدمة كيف أن العصبية الجديدة (العقيدة) تتفوق على العصبية القديمة (القبيلة) كقوة دافعة للعمران.
* العصر العثماني: مثّل آخر تجسيد سياسي واسع للوحدة (الخلافة). رغم ضعفه البنيوي وتراجع فاعليته، إلا أنه احتفظ بـالرمزية الجامعة حتى وصفه برنارد لويس في ما الذي حدث؟ بأنه "الرجل المريض" الذي كان سقوطه مطمعًا للقوى الأوروبية. هذا الضعف هو ما مهد لاحقاً لولادة الأداة الاستعمارية الكبرى.
البناء الهش والتفكيك الداخلي: من الخلافة إلى القومية الوظيفية
لم تكن اتفاقية سايكس–بيكو حدثاً معزولاً، بل كانت تتويجاً لمسار طويل من الضعف الداخلي والضغط الخارجي. لقد أدركت القوى الاستعمارية أن تفكيك الوحدة الإسلامية يتطلب آليات داخلية تعمل على زعزعة الولاء للمركز (الخلافة)، وتوفير ذريعة شرعية للتدخل. في هذا السياق، لعبت القومية الوظيفية دور الجسر الذي عبرت عليه المصالح الاستعمارية.
السياق الجيوسياسي لـ "الرجل المريض": الضغوط الأوروبية وتنامي التتريك
دخلت الدولة العثمانية الحرب العالمية الأولى (1914–1918) وهي في مرحلة متقدمة من الوهن، متأثرة بـ:
* الجمود الفكري والإداري: مما خلق "قابلية داخلية للاستعمار" كما حللها مالك بن نبي في شروط النهضة. لقد باتت الأمة جسداً "مريضاً" غير قادر على تكييف قيمه مع ضرورات العصر.
* الضغوط الأوروبية (مسألة الشرق): كانت القوى الكبرى تتنافس على وراثة أملاك الرجل المريض، معتبرة أن مصير المنطقة يجب أن يُحدد وفق مصالحها الخاصة.
* نزعة التتريك: صعود حركة "تركيا الفتاة" ومحاولاتها لفرض القومية التركية على العرب، مما أدى إلى تغذية الشعور بالهوية العربية المستقلة، وهو ما استغلته القوى الخارجية لاحقاً.
الثورة العربية الكبرى (1916):
تحليل نقدي لـ "القومية الوظيفية"
في سياق الحرب العالمية، ظهرت الثورة العربية الكبرى بقيادة الشريف حسين كحركة هدفها التحرر من الحكم العثماني. ومع أن دوافعها المعلنة كانت قومية، إلا أن دورها الوظيفي في خدمة المشروع الاستعماري لا يمكن إغفاله:
* شرعنة التفكيك: قامت الثورة، بدعم لوجستي وتمويلي وعسكري بريطاني (تجلى في دور لورنس العرب)، بتمزيق الجبهة الداخلية للكيان العثماني. لقد قدمت قوة عربية داخلية تقوم بمهمة التطهير العسكري للمنطقة من السيطرة العثمانية، مما سَهَّل على بريطانيا وفرنسا دخولها وتنفيذ وعود التقسيم السري.
* استغلال القومية: تم تحويل الصراع من صراع إسلامي/عثماني ضد قوى غربية، إلى صراع قومي/عربي ضد قوة أخرى (تركيا). لقد كانت القومية في هذا السياق، بتعبير عبد الإله بلقزيز، "فكرة وظيفية" استُغلت لتدمير الرابطة الجامعة للعقيدة، عبر إحلال الولاء للدم واللغة محل الولاء للرسالة.
* ازدواجية الخطاب: كانت بريطانيا توقع سراً على سايكس–بيكو التي تقسم المنطقة إلى مناطق نفوذ مباشرة وغير مباشرة، وفي ذات الوقت، كانت تُقدم وعوداً للشريف حسين في مراسلات مكماهون بـ "مملكة عربية واحدة". هذا التناقض يثبت أن الثورة كانت جسر العبور لتنفيذ التقسيم: تدمير الوحدة القديمة (العثمانية) دون إقامة الوحدة الجديدة (العربية الموعودة)
إرهاصات الهوية القُطرية
بعد سقوط المدن الكبرى (دمشق، بيروت)، وجدت النخب العربية نفسها في مواجهة واقع جديد. لقد تم تحويل الصراع من صراع وجودي حضاري إلى صراع على السلطة القُطرية:
* نشأة النخب المستغربة: اعتمدت القوى المنتصرة على نخب محلية تشربت الفكر الغربي، واعتبرت أن الخلاص يكمن في تقليد نموذج الدولة القومية (Nation-State) العلمانية الأوروبية. هذه النخب عملت كـ "عامل محلي" في ترسيخ النموذج الغربي الإداري والقانوني والتعليمي، مما فصل المجتمع تدريجياً عن مرجعيته الإسلامية الجامعة.
* التفكيك القانوني والإداري: بدأ العمل على تأسيس أنظمة قانونية وقضائية حديثة مستمدة من القانون الفرنسي والبريطاني، مما أدى إلى تهميش الشريعة الإسلامية في المجال العام والسياسي. هذا التحييد للفقه والقانون الإسلامي كان خطوة جوهرية في تجريد الأمة من إطارها المرجعي الموحد.
وهكذا، كان الفصل الثاني يمثل مرحلة الانتقال من الانهيار الداخلي إلى القبول الوظيفي بالتقسيم. لقد مهدت القومية الوظيفية الطريق أمام الأداة الاستعمارية الأكثر فاعلية وتأثيراً: اتفاقية سايكس–بيكو، التي سيتم تحليل أبعادها الجيوسياسية والحضارية في الفصل التالي.
سايكس–بيكو كنهاية للتاريخ الإسلامي وتأصيل للتجزئة
لم تكن اتفاقية سايكس–بيكو، التي وُقعت سرًا في 16 مايو 1916 بين مارك سايكس (بريطانيا) وجورج بيكو (فرنسا)، مجرد إجراء دبلوماسي لتقسيم إرث "الرجل المريض". بل كانت، من منظور حضاري، مشروعًا جيوسياسياً مُتعمّداً لتفكيك الروابط الوجودية للأمة الإسلامية، وتحويلها من كيان كوني ذي رسالة إلى مجموعة من الكيانات الوظيفية القُطرية. لقد كانت بمثابة إعلان نهاية التاريخ الإسلامي الموحّد وبداية مرحلة التجزئة المؤصلة.
تحليل بنية اتفاقية سايكس–بيكو: تفكيك المجال الحيوي
استهدفت الاتفاقية قلب الأمة الإسلامية (بلاد الشام والعراق) بتقسيم وظيفي دقيق:
* رسم الحدود الاصطناعية (Territorial Enclosure): تم إنشاء حدود جديدة لم تكن موجودة سابقًا، تفصل بين المدن المتآخية وتجزئ العشائر والقبائل والروابط الاقتصادية والاجتماعية. هذا التحديد الهندسي للجغرافيا كان يهدف إلى تقييد حركة الأمة وقدرتها على التوحد مرة أخرى.
* خلق كيانات وظيفية: لم تكن الكيانات الناتجة عن التقسيم (مثل لبنان الكبير، إمارة شرق الأردن، العراق، سوريا) كيانات طبيعية. لقد صُمّمت لتكون دولاً هشة تعتمد بشكل كلي على الدولة المستعمِرة (الوصي) أمنياً واقتصادياً وإدارياً. كان الهدف هو تسهيل الإدارة من الخارج والتحكم في الموارد الاستراتيجية كقناة السويس ونفط العراق.
* إلغاء مفهوم دار الإسلام: من الناحية القانونية والسياسية، ألغت الاتفاقية المفهوم الفقهي التقليدي لـ"دار الإسلام"كفضاء موحد للعقيدة والقانون، واستبدلته بمفهوم الحدود الدولية والمناطق الخاضعة للانتداب، وهو ما كرّسه صك الانتداب الذي أصدرته عصبة الأمم لاحقاً، مانحاً شرعية دولية للتقسيم السري.
كما يوضح تحليل زاكاري في كتابه The Sykes-Picot Agreement: A Reappraisal، لم يكن التقسيم استجابة للحاجة المحلية، بل تجسيدًا صريحًا للمصالح الاستعمارية العليا، خاصة بعد اكتشاف النفط.
تفكيك الهوية وعلمنة الجغرافيا
كان الأثر الأعمق لسايكس–بيكو هو الأثر المعرفي والثقافي على الوعي الإسلامي:
* علمنة الانتماء: تم تغيير مركز الولاء من الأمة (الرابط العقدي) إلى الوطن (الرابط الجغرافي). هذا التحول يعني علمنة مفهوم الانتماء؛ حيث أصبح الولاء للقانون الوضعي والدولة القُطرية يتقدم على الولاء للرسالة والقيم الكونية. وقد حلل عبد الوهاب المسيري في العلمانية الجزئية والشمولية كيف أن هذا التحول هو جوهر العلمانية الشمولية التي تسعى لتجريد الوعي من مرجعيته العليا.
* فرض الخطاب القُطري: تم بناء الأيديولوجيات الوطنية الجديدة (القومية السورية، المصرية، إلخ) عبر مناهج التعليم والاحتفالات الوطنية (كما يوثق Podeh في The Politics of National Celebrations) التي مجّدت التاريخ القُطري وعزلت الشعوب عن تاريخها الإسلامي الأوسع. أصبح التعبير عن الهوية الإسلامية الجامعة يُنظر إليه كـ"خيانة للوطن" أو "تهديد للسيادة الوطنية".
* تجريد مفهوم السيادة: استُبدلت السيادة الشرعية المستمدة من الشورى والمرجعية الإسلامية، بـالسيادة الشكلية للدولة القومية التي تظل فعلياً تابعة للمركز الغربي (Neo-Colonialism).
فلسطين والكيان الوظيفي: العقدة الجيوسياسية للأمة
كانت فلسطين تمثل مركز الثقل الرمزي والجيوسياسي للأمة الإسلامية. لذلك، كان من الضروري فصلها عن محيطها بشكل كامل وتحويلها إلى كيان وظيفي غربي يضمن استمرارية التجزئة والصراع.
* استثناء فلسطين من التقسيم المباشر: نصت سايكس–بيكو على وضع فلسطين تحت "إدارة دولية" (المنطقة البنية)، وهو ما كان تهيئة متعمدة لدور بريطانيا المنفرد اللاحق.
* وعد بلفور (1917) كإتمام للتقسيم: بعد عام واحد من سايكس–بيكو، جاء وعد بلفور ليُعلِن عن مشروع زرع "وطن قومي لليهود" في فلسطين. هذا الوعد لم يكن منفصلاً عن الاتفاقية، بل كان الركيزة الجيوسياسية لضمان استمرار تفكيك الأمة.
* الأثر المستدام: زرع الكيان الصهيوني في قلب المشرق الإسلامي ضمن استدامة الصراع وحرّم على الدول الناتجة عن سايكس–بيكو أي فرصة حقيقية للوحدة أو الاستقرار، حيث ظل الكيان الوظيفي الغريب يعمل كـ"سد منيع"ضد أي مشروع وحدوي عربي أو إسلامي.
في النهاية، أصبحت الدول القُطرية نتيجة سايكس–بيكو تُوظف طاقاتها ليس لبناء الأمة، بل لحماية حدودها المصطنعة ومكافحة أي محاولة لكسر طوق التجزئة. هذا هو الميراث الثقيل الذي دفع النخب الفكرية للبحث عن آليات لإحياء الوعي الجامع، وهو ما سيتم تحليله لاحقا.
مقاومة الفكرة: محاولات الإحياء الفكري والحركي للأمة
على الرغم من النجاح الجيوسياسي الذي حققته سايكس–بيكو في تكريس التجزئة القُطرية، فإنها فشلت في القضاء على الوعي الجمعي للأمة كفكرة ورسالة. كان رد الفعل الإسلامي على الصدمة الاستعمارية وتفكيك الخلافة متعدد الأوجه، وتراوح بين الإصلاح الفكري العميق والعمل الحركي المنظم. لقد سعت هذه المحاولات إلى استعادة الهوية الرسالية للأمة في مواجهة الإغراء القومي والتنميط الغربي.
الإحياء الكلاسيكي: الجامعة الإسلامية ومقاومة التغريب
مع بداية القرن العشرين، ظهرت حركات إصلاحية رأت في الوحدة الإسلامية (الجامعة الإسلامية) ضرورة لمواجهة الاستعمار والتخلف.
* جمال الدين الأفغاني (1838–1897): يُعد الأفغاني رائد فكرة الجامعة الإسلامية، التي كانت بمثابة إطار فكري وسياسي مضاد للتقسيم القُطري والتبعية الغربية. ركزت دعوته، كما تظهر في رسائل ومقالات، على الربط بين الاستبداد الداخلي والهيمنة الخارجية، مؤكداً أن الخلاص يكمن في إحياء روح الأمة كقوة جامعة. لقد كان مفهومه للأمة موجّهًا نحو الفعل السياسي والمقاومة.
* محمد عبده (1849–1905): ركز على الإصلاح من الداخل عبر تجديد العقل المسلم ومحاربة الجمود التقليدي. رأى عبده، في الفتاوى والمقالات الإصلاحية، أن قوة الأمة تبدأ من قوة العقل والفهم الصحيح للدين، وأن التفكيك السياسي ما هو إلا نتيجة للتفكيك الفكري والروحي.
هذا التيار سعى لترميم الفكرة والوعي قبل محاولة استعادة السلطة المفقودة.
الإحياء الحركي: من فكرة الخلافة إلى مشروع الدولة الشاملة
مع فشل محاولات الإصلاح الدستوري واندلاع الثورات الوطنية، تحولت فكرة الأمة إلى مشروع حركي وتنظيمي يهدف لإقامة البديل الإسلامي الموحد:
* حسن البنا وجماعة الإخوان المسلمين (1928): أسس البنا مشروعه على فكرة "الإسلام كنظام شامل" يتجاوز الدولة القُطرية (Stateism). فمشروعه بدأ بـتربية الفرد والأسرة ليصل إلى "أستاذية العالم" عبر إعادة إحياء الخلافة. لقد مثلت الجماعة أول تنظيم عابر للحدود القُطرية التي فرضتها سايكس–بيكو، مستعيداً فكرة الأمة كإطار عمل اجتماعي وسياسي، كما ورد في رسائل الجماعة الإسلامية.
* سيد قطب (1906–1966): قدم في معالم في الطريق رؤية ثورية، حيث اعتبر أن العودة إلى الأمة تبدأ بالانفصال عن "الجاهلية الحديثة" (التي تشمل الكيانات القُطرية التابعة للغرب). لقد أعاد قطب تعريف الأمة بأنها الفرقة المتميزة (التي تلتزم بالمرجعية القرآنية) في مواجهة الوعي المادي والحدودي.
* أبو الأعلى المودودي (1903–1979): بلور مفهوم "الحاكمية لله" كأساس لإعادة بناء الأمة، مؤكداً في مقالات في السياسة والدين أن الأمة الإسلامية هي جماعة عقدية عالمية لا قومية، وأن إقامة نظام إسلامي عالمي هو الحل لتجاوز التجزئة.
كانت هذه الحركات تشترك في رفضها لمنطق الدولة القومية المستوردة، وسعيها لإعادة الوحدة عبر مشروع سياسي شامل.
الإحياء الفلسفي والحضاري: الأمة ككيان رمزي في مواجهة التجريد
في موازاة الحركات السياسية، ظهر مفكرون قدموا قراءات فلسفية وعميقة لمفهوم الأمة، مركزين على البعد الحضاري والوجودي لها:
* مالك بن نبي (1905–1973): حلل في شروط النهضة ومشكلة الأفكار في العالم الإسلامي ظاهرة الأمة كتفاعل بين الفكرة، الإنسان، والتراب. رأى أن الانهيار بدأ بفقدان "الفكرة" (الوعي التوحيدي) مما أنتج "القابلية للاستعمار". إن إحياء الأمة يتطلب إعادة تفعيل هذه المعادلة الحضارية.
* عبد الوهاب المسيري (1938–2008): قدم في العالم من منظور إسلامي تحليلاً متعمقاً لعملية "التجريد" و"العلمنة الشمولية"التي أدت إلى تفكيك الأمة. رأى المسيري أن الأمة كيان رمزي لا يمكن اختزاله في المادة أو الجغرافيا، وأن استعادته تكمن في إعادة إنسانية الوعي ومقاومة التنميط الغربي.
* طه عبد الرحمن (وُلد 1944): يركز على مفهوم "الأمة الأخلاقية". يرى أن وحدة الأمة لا تتحقق بالحدود أو القوة، بل بتجديد "الائتمان" والفضيلة في المجال السياسي. هذا التركيز على الأخلاق يعيد الأمة إلى جوهرها النبوي ككيان قيمي قبل أن يكون كياناً سلطوياً.
هذا المسار الفلسفي يثبت أن تفكيك سايكس–بيكو لم يكن قادراً على تدمير أصل الفكرة، وأن الأمة تملك مرونة وقابلية للتجدد الحضاري تتجاوز الأطر السياسية المفروضة. هذا التجدد هو ما يفتح الباب أمام التفكير في مستقبل الأمة في ظل نظام عالمي جديد، وهو ما سيتم استشرافه.
استشراف المستقبل: الأمة في نظام عالمي متعدد الأقطاب (2035–2050)
بعد تحليل تأسيس الأمة النبوي وتفكيكه الجيوسياسي عبر سايكس–بيكو، ومقاومة الفكرة في العصر الحديث، ينتقل البحث إلى مرحلة الدراسات المستقبلية (Foresight Studies). يهدف إلى استشراف مسارات الأمة الإسلامية في العقود القادمة (2035–2050)، في ظل نظام دولي يتسم بالسيولة، وتعدد الأقطاب، والثورة الرقمية. إن مستقبل الأمة لن يتحدد بالحدود المرسومة في 1916، بل بـالوعي المُهندس والقوة التكنولوجية والاقتصادية التي تتمكن من بنائها.
محددات المستقبل: القوى الدافعة لتجاوز الحدود
تتأثر إمكانية استعادة الأمة لوحدتها الرسالية بمتغيرات كبرى تعمل كـقوى دافعة (Drivers) للتغيير:
* التكنولوجيا المزعزعة (Disruptive Technology):
* الرقمنة والأمة الشبكية: يتيح الذكاء الاصطناعي، وشبكات التواصل، والاقتصاد الرقمي، تأسيس "أمة رقمية" (Digital Ummah) تتجاوز الحدود المادية لسايكس–بيكو. يمكن لهذه الشبكة أن توحد الوعي، وتنسق المواقف السياسية، وتخلق تكاملاً اقتصادياً عبر المنصات، مما يجعل الحواجز الجغرافية أقل فاعلية.
* القوة الناعمة المعرفية: تمكن التكنولوجيا من نشر الخطاب الإسلامي الحضاري، وتجديد الفكر، ومقاومة الاستشراق والتنميط الإعلامي الغربي بكلفة أقل وبانتشار أوسع.
* التحولات الجيوسياسية وتعدد الأقطاب:
* تراجع الهيمنة الأحادية: يؤدي صعود قوى مثل الصين وروسيا والهند إلى تآكل النظام الدولي أحادي القطب الذي ورث شرعية سايكس–بيكو. هذا التعدد يفتح مساحة للدول الإسلامية للتحرر من التبعية الكلية، وتشكيل تحالفات استراتيجية تحقق مصالحها الذاتية وتخدم مشروع التكافل الإقليمي.
* تحول مركز الثقل الاقتصادي: نمو دول الخليج وماليزيا وإندونيسيا يغير من الخريطة الاقتصادية للأمة، مما يوفر مصادر تمويل وطاقة للعمل الوحدوي غير المباشر.
* الوعي الجمعي الجديد:
* أثبتت أحداث كبرى (كالربيع العربي، وأزمة فلسطين المستمرة) أن "الحنين إلى الأمة" لا يزال قوياً، وأن الشعوب قادرة على تجاوز الحدود السياسية في لحظات الأزمات الكبرى، مما يؤكد أن التجزئة ما زالت قشرة سياسية لم تخترق الوجدان العميق.
سيناريوهات مستقبل الأمة الإسلامية (2035–2050)
يمكن استشراف مسارات الأمة عبر ثلاثة سيناريوهات رئيسية، يمثل كل منها نتيجة لتفاعل القوى الدافعة المذكورة أعلاه مع إرث سايكس–بيكو:
* سيناريو الذوبان والتجزئة المستدامة (Fragmented Integration):
* الوصف: استمرار سيطرة الدولة القومية القُطرية وتعميق التبعية الاقتصادية والسياسية للغرب أو للأقطاب الصاعدة. تصبح الأمة مجرد تجمع ديموغرافي، تتآكل هويته بفعل العولمة الثقافية والتفكك الاجتماعي. ينحسر الإسلام إلى المجال الخاص، وتتحول الحكومات إلى وكلاء يديرون الصراع البيني (الطائفي/العرقي) لضمان الاستقرار القُطري.
* الأثر: فشل في تجاوز سايكس–بيكو، واستدامة للصراع الإقليمي.
* سيناريو العودة الحضارية الشبكية (Networked Ummah):
* الوصف: عدم السعي لاستعادة شكل الخلافة التاريخي، بل العمل على بناء شبكة حضارية–اقتصادية موحدة تستلهم روح الأمة النبوية. يتم التركيز على التكامل الاقتصادي والتكنولوجي بين التكتلات الإقليمية (كـ"رابطة آسيان الإسلامية" أو "السوق المشتركة لغرب آسيا")، وتوحيد المناهج التعليمية والبحث العلمي. الأمة هنا هي فضاء تواصل رمزي يتجاوز الجغرافيا.
* الأثر: تجاوز فعلي للقيود المادية لسايكس–بيكو، وتحول الأمة إلى قوة ناعمة (Soft Power) مؤثرة في صياغة القيم والمعايير العالمية.
* سيناريو الصراع والفوضى (Perpetual Conflict):
* الوصف: انهيار بعض الكيانات القُطرية الهشة الناتجة عن سايكس–بيكو، دون القدرة على إقامة بديل موحد. تسيطر الحرب الأهلية والطائفية بدعم خارجي (لإدارة الفوضى). تتفكك الدول إلى دويلات طائفية وعرقية أصغر، مما يمثل جولة جديدة وأكثر عنفًا من التقسيم الجيوسياسي الداخلي.
* الأثر: تدمير البنى التحتية، وتبديد للطاقات، وتأكيد للمقولة الغربية بأن هذه المنطقة لا تصلح إلا للتجزئة.
استراتيجية الإحياء المستقبلي: من الحدود إلى المعنى
لتحقيق سيناريو "العودة الحضارية الشبكية" وتجاوز إرث سايكس–بيكو، يجب على الأمة تبني استراتيجية ثلاثية المحاور، تعيد ترتيب الأولويات من السياسة إلى البناء:
* إعادة بناء الوعي المعرفي (Mind-Engineering):
* التوصية: إعادة قراءة وثيقة المدينة كنموذج للتعايش الديني المتعدد في إطار وحدة المرجعية. تطوير مناهج تعليمية موحدة تكسر حدود القُطرية وتؤكد على التاريخ والرسالة المشتركة، مستفيدة من مقولات مفكرين كـ طه عبد الرحمن في فقه الفلسفة (الأمة الأخلاقية).
* التكامل الاقتصادي والسيادي (Economic Integration):
* التوصية: التركيز على إنشاء تكتلات اقتصادية ومناطق تبادل تجاري حرة بين الدول ذات المصلحة المشتركة (مثال: التعاون في مجال الأمن الغذائي والطاقة والمياه)، مما يضعف وظيفة الحدود السياسية. هذا البناء الاقتصادي هو الأساس للاستقلال السيادي الذي تحدث عنه مالك بن نبي.
* توظيف التكنولوجيا لخدمة الرسالة:
* التوصية: استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجالات الترجمة، ونشر الفكر الإسلامي المعتدل، وبناء منصات تعليمية عابرة للحدود. استخدام التكنولوجيا لا لنسخ الغرب، بل لـبناء نموذج حضاري يستلهم روحه من الأصالة النبوية ويناسب تحديات القرن الحادي والعشرين.
إن استعادة الأمة ليست عملية سياسية عسكرية بالدرجة الأولى، بل هي عملية حضارية ووعيّة تهدف لإحياء المعنى الكوني الذي أسسه الرسول ﷺ، وتوظيف أدوات العصر الحديث لتجاوز الحدود المصطنعة التي فرضها مشروع سايكس–بيكو التفكيكي.
الخاتمة
الأمة الإسلامية بين الرسالة والتفكيك والاستشراف
لقد سعت هذه الورقة إلى تحليل الصراع الجيوسياسي والحضاري العميق بين مفهوم الأمة الإسلامية كما أسسها الرسول ﷺ ككيان كوني وقيمي، وبين مشروع التجزئة الذي كرّسته اتفاقية سايكس–بيكو (1916) وأدواته الداخلية كـالقومية الوظيفية. بالاعتماد على المنهج النقدي الحضاري والمنهج المستقبلي، تم تتبع مسار الأمة من لحظة تأسيسها الميتافيزيقي في وثيقة المدينة إلى لحظة تفكيكها الجغرافي والوعي عبر الحدود المصطنعة.
أولًا: ملخص الاستنتاجات الرئيسية
تؤكد النتائج المستخلصة من المباحث الخمسة على النقاط الجوهرية الآتية:
* الأمة هي رسالة لا حدود: أثبت الفصل الأول أن مفهوم الأمة النبوي هو كيان جيوسياسي أخلاقي يقوم على الوحدة العقدية {أُمَّةً وَاحِدَةً}) والوظيفة الرسالية {أُمَّةً وَسَطًا})، مما يجعله متجاوزاً بطبيعته لنموذج الدولة القومية العلمانية الذي قام على العرق والجغرافيا.
* سايكس–بيكو كتفكيك للوعي: لم تكن الاتفاقية مجرد تقسيم للأرض، بل كانت برنامجًا معرفيًا لتثبيت علمَنة الجغرافيا واستبدال الهوية الرسالية بوعي قُطري وظيفي عبر الحدود المصطنعة، كما فصّل الفصل الثالث. وقد ساعدت الثورة العربية الكبرى في شرعنة هذا التفكيك عبر توفير الغطاء العسكري والسياسي
* فشل القضاء على الفكرة: رغم نجاح التجزئة السياسية، فشل المشروع الاستعماري في القضاء على الوعي الجمعي للأمة. لقد ظلت فكرة الأمة حية في محاولات الإحياء الفكري (مالك بن نبي، المسيري) والحركي (الحركات الإسلامية) التي قاومت التنميط القُطري.
* المستقبل شبكي لا مركزي: يميل استشراف المستقبل (الفصل الخامس) نحو سيناريو العودة الحضارية الشبكية؛ حيث لا يكمن الخلاص في استعادة شكل الخلافة التاريخي، بل في بناء شبكة حضارية–اقتصادية عالمية تستخدم التكنولوجيا (الأمة الرقمية) لتجاوز الحدود المادية لسايكس–بيكو.
ثانيًا: التوصيات الاستراتيجية (آليات استعادة الأمة)
لتحويل سيناريو العودة الحضارية الشبكية إلى واقع، وتجاوز الإرث السلبي لسايكس–بيكو، يقترح البحث التوصيات الاستراتيجية الآتية:
* أولوية التجديد المعرفي والهوياتي:
* تجديد خطاب الأمة: إعادة قراءة النصوص المؤسسة (القرآن، وثيقة المدينة) لتفعيل مفاهيم "الأمة الجامعة" و**"المواطنة العقدية"في سياق عالمي متعدد، لمكافحة النزعات الطائفية والعرقية التي غذتها التجزئة.
* مقاومة علمَنة التعليم: تطوير مناهج تعليمية موحدة (أو متكاملة) تؤكد على التاريخ والرسالة المشتركة، وتفكك الخطاب القُطري الضيق.
* التكامل الاقتصادي والتكنولوجي كرافعة للوحدة:
* تأسيس التكتلات الاقتصادية: التركيز على إنشاء تكتلات اقتصادية إقليمية (على غرار الأسواق المشتركة) كأولوية على الوحدة السياسية المباشرة، لتقليل الاعتماد على المركز الغربي وتعزيز الاستقلال السيادي للأمة.
* بناء القوة الناعمة الرقمية: استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي والرقمنة لتوحيد الرؤى المعرفية والإعلامية، مما يخلق فضاء اتصال موحد يتجاوز الجدران المادية التي أقامتها الاتفاقية.
* إعادة تعريف التفاعل مع النظام الدولي:
* التعامل مع التعددية بذكاء: استغلال حالة تعدد الأقطاب الجيوسياسية لتشكيل تحالفات استراتيجية تحقق مصالح الأمة، بدلاً من التبعية لقطب واحد، مع الالتزام بالمبادئ الأخلاقية الإسلامية في التعاملات الدولية.
* تمكين الأمة الأخلاقية: العمل على تصدير القيم الإسلامية (العدل، الرحمة، التوازن) كقوة تأثير عالمية (Soft Power) في صياغة القوانين والمعايير الدولية، مستلهمين وظيفة "الأمة الوسط" الشاهدة على الناس.
ثالثًا: الرؤية المستقبلية الختامية
إن مستقبل الأمة الإسلامية ليس قدراً محتوماً يحدده ورثة سايكس–بيكو، بل هو مشروع بناء مستمر يتطلب يقظة فكرية وعملًا استراتيجياً. الأمة القادرة على الاستمرار في القرن الحادي والعشرين هي الأمة التي تستطيع أن تدمج الرسالة النبوية الخالدة مع أدوات العصر الحديث.
الأمة لن تعود كخلافة سياسية مركزية، بل كـ "حضارة شبكية عالمية" قادرة على التأثير في الجغرافيا بـ قوة الفكرة والمعرفة، لا بقوة الحدود والجيوش.
إن الإجابة النهائية على السؤال المركزي للبحث تكمن في أن الأمة الإسلامية يمكنها أن تتجاوز تفكيكات سايكس–بيكو، شريطة أن تتبنى مشروعاً معرفياً–قيمياً متكاملاً يعيد لها وعيها الرسالي ويحررها من عبودية الجغرافيا المصطنعة.
قائمة المراجع المعتمدة (Bibliography)
أولًا: المراجع العربية (مرتبة هجائياً)
| المؤلف | العنوان | الناشر | سنة النشر | ملاحظات التوظيف في البحث |
|---|---|---|---|---|
| ابن خلدون، عبدالرحمن | المقدمة | دار صادر | متعدد | تحليل دور العصبية والترابط الاجتماعي في تاريخ الأمة. |
| ابن هشام | السيرة النبوية (تهذيب السيرة) | دار المعارف | متعدد | مصدر أساسي لوثيقة المدينة وتحليل تأسيس الأمة النبوي. |
| ابن كثير، إسماعيل بن عمر | تفسير القرآن العظيم | دار طيبة | متعدد | توثيق الجذور القرآنية لمفهوم الأمة (الأمة الواحدة والأمة الوسط). |
| الأفغاني، جمال الدين | رسائل ومقالات | دار الفكر (بيروت) | 1990 | توثيق فكرة الجامعة الإسلامية ومقاومة التغريب. |
| البنا، حسن | رسائل الجماعة الإسلامية | دار الأمل | 1978 | توثيق مشروع الإحياء الحركي ومفهوم الأستاذية العالمية. |
| بلقزيز، عبد الإله | الفكر القومي في ميزان الفكر الإسلامي | دار الطليعة | متعدد | النقد النظري للقومية كبديل للهوية الجامعة. |
| بن نبي، مالك | شروط النهضة | دار الفكر العربي | 1983 | تحليل "القابلية للاستعمار" وعناصر البناء الحضاري (الفكرة، الإنسان، التراب). |
| طه عبد الرحمن | فقه الفلسفة (أو أعمال ذات صلة) | المركز الثقافي العربي | متعدد | تأصيل مفهوم الأمة الأخلاقية والائتمان السياسي. |
| عبده، محمد | الفتاوى والمقالات الإصلاحية | مكتبة النهضة المصرية | 2003 | توثيق جهود الإصلاح الديني الداخلي كشرط لنهضة الأمة. |
| عمارة، محمد | الأمة والدولة: رؤية إسلامية | دار الشروق | متعدد | تحليل العلاقة بين مفهوم الأمة والدولة الحديثة. |
| قطب، سيد | معالم في الطريق | دار الشروق | 1964 | تحليل مفهوم الأمة كجماعة متميزة ونقد الجاهلية الحديثة. |
| المسيري، عبد الوهاب | العلمانية الجزئية والشمولية | دار الشروق | 2000 | تحليل علمَنة الوعي وتفكيك الأمة إلى كيانات مادية. |
| الصلابي، علي محمد | الدولة النبوية: خصائصها وأسسها | دار الأندلس الخضراء | متعدد | مرجع متخصص في تأسيس الدولة النبوية. |
| الشاطبي، إبراهيم بن موسى | الموافقات في أصول الشريعة | دار ابن عفان | متعدد | توثيق البعد المقاصدي والفقهي لوظيفة الأمة الوسط. |
ثانيًا: المراجع الإنجليزية (مرتبة هجائياً)
| المؤلف | العنوان | الناشر | سنة النشر | ملاحظات التوظيف في البحث |
|---|---|---|---|---|
| Cleveland, W. L., & Bunton, M. | A History of the Modern Middle East | Routledge | 2016 | الخلفية التاريخية والجيوسياسية لاتفاقية سايكس–بيكو. |
| Hourani, A. | A History of the Arab Peoples | Faber & Faber | 1991 | السرد الحضاري لتطور الشعوب في ظل الكيان الإسلامي. |
| Lewis, B. | What Went Wrong?: Western Impact and Middle Eastern Response | Oxford University Press | 2002 | تحليل أسباب ضعف الأمة والتعرض للهيمنة الخارجية. |
| Podeh, E. | The Politics of National Celebrations in the Arab World | Cambridge University Press | 1999 | توثيق الآليات الثقافية لترسيخ الهويات القُطرية الجديدة. |
| Sachedina, A. A. | Islamic Roots of Democratic Pluralism | Oxford University Press | 2001 | تحليل إمكانية التعايش والتعددية في إطار المفهوم الإسلامي. |
| Said, Edward W. | Orientalism | Vintage Books | 1979 | نقد الخطاب الاستشراقي الذي مهد فكرياً للتقسيم. |
| Zacherie, R. | The Sykes-Picot Agreement: A Reappraisal | Middle Eastern Studies | 2013 | تحليل نقدي حديث ودقيق لبنود الاتفاقية وأهدافها الحقيقية. |
ثالثًا: التقارير والوثائق والدراسات الاستشرافية
| الجهة / المصدر | المادة | النوع | ملاحظات التوظيف في البحث |
|---|---|---|---|
| وزارة الخارجية البريطانية (F.O. 371) | وثائق مراسلات مكماهون–الشريف حسين | أرشيف وثائقي | توثيق الازدواجية في الخطاب البريطاني خلال الثورة العربية. |
| الأمم المتحدة (UNDP) | Global Human Development Report | تقارير التنمية | استخدام مؤشرات التنمية لدعم تحليل سيناريوهات المستقبل. |
| معهد بروكنجز (Brookings) | دراسات حول الجيوسياسة في الشرق الأوسط | دراسات استراتيجية | تحليل التحولات في النظام الدولي وتعدد الأقطاب. |
| العصبة الأمم | صك الانتداب على فلسطين وسوريا والعراق | وثيقة تاريخية | توثيق شرعنة التقسيم وتثبيت مفهوم الدولة الوظيفية.
تنفيذ أنشطة متنوعة في المحافظات
البيت الأبيض ينشر وثيقة اتفاق غزة .. نص
النشامى ينهي تحضيراته لمواجهة ألبانيا ودياً
إعلان نتائج الثانوية العامة في غزة الثلاثاء
أنشطة وبرامج تنموية في عدد من المحافظات
الأميرة رجوة تزور معرض هاوزر وويرث في لندن
ارتفاع مؤشرات الأسهم الأميركية الاثنين
مهم لسكان هذه المنطقة بشأن فصل الكهرباء الثلاثاء
البرلمان العربي يرحب بمخرجات قمة شرم الشيخ
مدعوون لإجراء المقابلة الشخصية لوظيفة معلم .. رابط
موجة إدمان جديدة تهدد جيل الشباب حول العالم
الإفراج عن متهمين بقضية الدرونز .. أسماء
القطاع الحكومي يعلن عن برنامج توظيف شامل .. رابط
التَعلُّم ومراحل التعليم في الأردنّ!
الجمارك: تطبق التحول الالكتروني الشامل لكافة الطلبات والمعاملات
رئيس مجلس أمناء الكلية الجامعية للتكنولوجيا يلتقي الهيئة التدريسية
تقدم وإرادة تبحثان تعزيز العمل الكتلوي بعد الاندماج
إعلان أوائل الشامل للدورة الصيفية 2025 .. أسماء