غياب الحوار بين الآباء والأبناء

mainThumb

23-10-2025 12:54 PM

في زمن الهواتف الذكية والضغط اليومي، صارت الموائد العائلية صامتة والأسرة التي كانت يومًا ملتقى للحب والاهتمام تحوّلت إلى مساحة من الروتين والصمتK سؤال واحد يوضّح حجم المشكلة متى كانت آخر مرة جلس فيها الأب مع ابنه ليسأله سؤالًا بسيطًا عن يومه دون أن يلتفت إلى الهاتف؟ والسؤال الأكبر: كيف وصلنا إلى هنا؟ وما الذي يمكننا فعله لاستعادة الحوار؟

لماذا يغيب الحوار؟

ضغوط الحياة: يعود الأب من عمله مثقلًا بهمومه وتلهث الأم خلف مسؤولياتها فتضيع الكلمات بين التعب والانشغال ويشعر الطفل في هذه اللحظة أن اهتمام والديه به لم يعد في قائمة الأولويات.

هيمنة الشاشات: أصبحت الجلسات العائلية صامتة ليس لأننا لا نريد الكلام بل لأن كل واحد يحمل عالمه في شاشة صغيرة فالأب يتابع الأخبار والأم تتصفح مواقع التواصل والابن غارق في الألعابK فكيف سينشأ حوار وسط هذه العزلة الرقمية؟

التربية القائمة على الأوامر: حين يتحوّل الحوار إلى سلسلة من التوبيخات والتعليمات يفقد معناه فينسحب الأبناء إلى عالمهم الخاص بحثًا عن مساحة آمنة للتعبير.

الفجوة بين جيلين: اهتماماتنا نحن الكبار تختلف عن اهتماماتهم لكن المشكلة ليست في الاختلاف بل في عدم محاولة الفهم، كم مرة استهزأنا بذوق أبنائنا في الموسيقى أو اهتماماتهم التقنية؟ هذه التفاصيل الصغيرة تخلق حواجز كبيرة.

يقول جان بول سارتر "ليس على الأبناء أن يسيروا في خطى آبائهم، ولا على الآباء أن يرسموا طرق أبنائهم؛ كلٌّ حرّ، لكن الحرية لا تكتمل إلا حين نصغي لبعضنا باحترام." فالصمت ليس خيارًا، إنه بداية لشرخٍ عاطفي قد يتّسع مع الوقت، غياب الحوار يعني ضعف الثقة وانسحاب الأبناء نحو مصادر بديلة قد لا تكون آمنة كما يفتح الباب لمشكلات نفسية مثل القلق والوحدة، ويجعل الأصدقاء ووسائل الإعلام المرجع الأول بدلاً من الأسرة.

فكيف نعيد الحياة إلى بيوتنا؟

ابدأ بخمس دقائق صادقة: ليست المسألة في طول الوقت بل في صدقه، اسأل ابنك كيف كان يومك؟ واستمع دون أن تقاطعه.

استمع قبل أن تحكم: الأبناء لا يريدون دائمًا حلولًا جاهزة أحيانًا يريدون فقط قلبًا يفهمهم.

شاركهم اهتماماتهم: حتى لو لم تفهم لعبة الفيديو التي يحبها ابنك حاول أن تجلس معه لدقائق وتسأله عنها، هذا الفعل البسيط قد يفتح أبوابًا كثيرة.

أطفئ الأجهزة ساعة يوميًا: اتفق مع العائلة على ساعة خالية من الهواتف تناولوا العشاء معًا وتحدثوا واضحكوا واستعيدوا دفء العلاقات.

يقول جان بول سارتر "الحديث هو أعمق أشكال المشاركة الإنسانية." غياب الحوار ليس أمرًا مفروضًا علينا بل نتيجة خياراتنا اليومية، علينا أن ندرك أن الكلمة الطيبة أغلى من أي إنجاز مادي وأن الإصغاء أثمن من آلاف النصائح فلنجعل من بيوتنا أماكن للحوار قبل أن تصبح أماكن للصمت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد