مقولة «وحدة الساحات»: هل آن الأوان لسحبها من التداول
اختُبرت في العامين الماضيين وعلى محك الحرب المتواصلة على قطاع غزة من بعد هجمات السابع من أكتوبر مقولة «وحدة الساحات» التي وجدت لنفسها أكثر من تخريجة وتسويغ في دعاية كل من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله وحركتي حماس والجهاد في فلسطين وحركة أنصار الله الحوثية في اليمن وفصائل الحشد الشعبي العراقي الأكثر قرباً من إيران.
كان الاختبار عسيراً ومركباً في آن. وحدة الساحات دفعت في اتجاه رقعة المواجهة. إنما في الوقت نفسه لم يظهر أن إسرائيل هي التي استنزفت بسبب اتساع هذه الرقعة حتى الآن. لا يبدو أن وضع حد لخارطة المواجهات المدشنة بعد 7 أكتوبر ميسّر في المقابل. ميزان القوى زاد اختلالا لصالح إسرائيل. ظهرت في مواضع كثيرة حدود وحدة الساحات من الأساس. في الوقت نفسه، حتى الساعة لم يسحب أي فصائل «مقاوماتي» هذه المقولة من التداول. رغم أن اتفاقي وقف إطلاق النار، الموقع قبل عام إنما ليتكشف كحرب مستمرة من جانب واحد ضد حزب الله، أو المتعلق بقطاع غزة مؤخرا، يفترضان هجران مقولة وحدة الساحات. لكنها لم تسحب من التداول.
من ناحية، تمددت العمليات الحربية والأمنية المنطلقة من هجمات 7 أكتوبر والحرب الإسرائيلية من بعدها لتشمل أكثر من نطاق مواجهة: بين إسرائيل وكل من «حزب الله» و«الحوثيين» والفصائل العراقية وصولا إلى الحرب الإسرائيلية على إيران نفسها التي بدأت باستهداف قيادات الحرس الثوري وانتهت بالتدمير الأمريكي للمنشآت النووية الإيرانية وهو الحدث الأكثر مفصلية هذا العام، إنما المدهش أن ثمة اتجاها للتقليل من أهميته.
ومن ناحية أخرى، وإذا كانت المواجهة قد شملت بالفعل كل هذه الساحات الأمر الذي جعلها شاملة بامتياز، فإنها كشفت أيضا عن حدود القدرة لدى هذه الفصائل على تحويل «وحدة الساحات» الى واقعة كفاحية منهجية فعلية. في نهاية الأمر، يرتبط بالأمر بمفارقة: أن وحدة الساحات درجت أكثر كمقولة إبان حرب مايو 2021، أي معركة سيف القدس: يومها، بدأت الأحداث في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، حيث كانت هناك محاولات إسرائيلية لطرد عائلات فلسطينية من منازلها.
ثم تصاعد التوتر مع اقتحامات المسجد الأقصى من قبل الشرطة الإسرائيلية والمستوطنين في شهر رمضان، وردّت حماس بإطلاق صواريخ في اتجاه القدس في 10 مايو، ما أدى إلى اندلاع الحرب. عنت المقولة في شكلها الوحدة وحدة ساحتي القدس وغزة: فللمرة الأولى منذ سنوات، ربطت حماس بين القدس وغزة عسكريا، فجعلت الدفاع عن القدس سببا مباشرا للحرب هي التي تسيطر على قطاع غزة. تمكنت حماس وقتها من إطلاق 4000 صاروخ على إسرائيل. بعد تلك المواجهة، توسعت فكرة وحدة الساحات، لتأخذ منحى إقليميا شاملا: يتصدره حزب الله ومن ورائه الحرس الثوري، وبمعية الفصائل العراقية والحوثيين. «طوفان الأقصى» طرح نفسه كتطبيق قصوي للمعادلة التي دشنتها «سيف القدس» في مايو 2021. في «سيف القدس»، كانت حماس تردّ على اقتحام الأقصى. في «طوفان الأقصى» أستعيد الأقصى في اسم العملية، انما بمستوى هجومي لم يعد يكفي بالرد على اقتحامات الحرم القدسي، وبمحاولة مغامرة للجمع بين هدف «مطلبي» يتعلق بتصفير السجون الإسرائيلية الأسرى الفلسطينيين وبين الذهاب رأسا الى منطق الحرب الوجودية «إما نحن وإما هم».
شكل هذا التأجيج السريع للمواجهة، على هذا النحو، اختبارا صعبا لحزب الله بشكل أساسي. فعلى ما يبدو أن حماس، بل حماس الداخل، ذهبت للعملية من دون أن تضع حماس الخارج، وحزب الله، في الصورة. الى أي حد كانت الهجمات صادمة أو مفاجئة للحرس الثوري وحزب الله، الذي سبق له أن تحدث في أكثر من موضع عن جهوزية لاقتحام الجليل، والى أي حد من المتعذر الفصل بعد في الأمر حتى بعد عامين على انطلاقة المواجهة الأكثر دموية في كل تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي؟ ما يرجح إلى الآن أن حزب الله والحوثيين والفصائل العراقية دخلت في منطق «وحدة الساحات» حتى من دون معرفتها المسبقة بالسابع من أكتوبر، مع أن انعدام المعرفة في هذا الشأن تظهر محدودية وحدة الساحات من الأساس، وليست مجرد تفصيل لوجستي. فأنى للمعارك الاستراتيجية العابرة للحدود أن تخاض على أساس نصرة فصيل لفصيل آخر من دون أن يكون على بينة من مستوى التصعيد الحاصل؟
الأدهى من ذلك أن «وحدة الساحات» بالشكل الذي جرى الترويج إليها بعد مواجهة «سيف القدس» 2021 ارتبطت بالرغبة على طي صفحة الانقسام الحاد بين حزب الله وحماس على خلفية الموقف في إطار الحرب السورية. الحزب قاتل في صفوف النظام الأسدي، وحماس انحازت للفصائل الإسلامية السنية السورية. ظهر وقتها، جليا، أن الانقسام المذهبي السني الشيعي ليس بإمكان الفصائل الإسلامية «المقاومة» أن تتجاوزه. أما بعد 2021 فعادت المياه لمجاريها تدريجيا بين حماس وحزب الله، في مقابل عناد نظام بشار الأسد تجاه حماس، وهو ما استمر عليه حتى بعد 7 أكتوبر، علما أن شريط الأحداث الذي دشنه هذا اليوم سيتسلسل حتى إسقاط النظام الأسدي بعد ذلك بعام. «حزب الله» – بخلاف بشار الأسد – زاد اعتناقه بعد 2021 لمقولة «وحدة الساحات»، وحماسته لراديكاليي الجناح العسكري لحماس في غزة. النتيجة كانت اضطراره لخوض حرب إسناد بناء على هجمات 7 أكتوبر الذي لم يشارك، على ما يبدو، في صنع القرار بشأنها وبخصوص توقيتها، لكنه شارك في التمهيد الخطابي لها على مدى العامين السابقين على هذه الهجمات. يترجم ذلك توتر عمره من عمر الثورة الإسلامية الإيرانية. بين الأممية الإسلامية وبين الحدود المذهبية لهذه الأممية وإن جرت محاولة القفز من فوقها والمكابرة عليها.
والأمر نفسه بالنسبة إلى حماس. الإسلام الحركي لم ينجح يوما في التوصل إلى خلاصة، ما بين المناحي داخله لإعادة إنتاج الانفصال المذهبي السني الشيعي، إنما بموارد سردية جديدة أو معدلة، وبين المنحى لتجاوز الانقسام والاتحاد في وجه أعداء «الأمة». «وحدة الساحات» ظلت محكومة بهذا التردد. بين التطييف المذهبي للاختلاف وبين محاولة التطهر من هذا التطييف من خلال تأجيج الصراع الإقليمي. النتيجة جاءت: وحدة ساحات لم تقتنع بها أي ساحة عمليا، وفي الوقت نفسه، مقولة من الصعب جدا حمل الفصائل التي تتبناها على طرحها جانباً رغم كل ما اعتورها من خلل.
كاتب من لبنان
بنك الإسكان يسجل 119 مليون دينار أرباحاً صافية في 9 أشهر
سهل حوران يفوز على شباب الطالبية بدوري الثانية
عبء الدين العام في الاقتصادات العربية
تنظيم أنشطة وبرامج متنوعة في المحافظات
مقولة «وحدة الساحات»: هل آن الأوان لسحبها من التداول
أبو مرزوق وقناة «الغد» .. الاسم «روابي» والطعم بلدي
رواية فرنسية تروي حكاية جزائرية
هندسة الوعي الجمعي وأُطُر التقدُّم
متى نتحرر من عقدة الأكثرية والأقليات في سوريا
من وعي الهوية إلى سيادة الاقتصاد
اتحاد المزارعين يعلن الحد الأعلى لسعر تنكة الزيت
إحالة موظف في أمانة عمان للمدعي العام .. تفاصيل
انخفاض أسعار الذهب في السوق المحلية
الحكومة تعلن عن وظيفة قيادية شاغرة
تذبذب أسعار زيت الزيتون رغم التحديد .. تفاصيل
وظائف شاغرة في الضمان الاجتماعي .. تفاصيل
فتح باب التجنيد في الأمن العام .. تفاصيل
وظائف شاغرة ومدعوون لإجراء المقابلات .. أسماء
هذا ما سيحدث بقطاع السيارات بعد 1-11-2025
بعد وفاته المفاجئة .. من هو نصير العمري
مدعوون للامتحان التنافسي والمقابلات الشخصية .. أسماء
دمج العمل والسفر: نصائح للإنتاجية والاكتشاف
ما هي الألوان التي تناسب بشرتي
