افتراءٌ لو تعلمون عظيم

افتراءٌ لو تعلمون عظيم

08-12-2025 07:55 PM

يتعرض الإسلامُ في شتى الأمصار لهجمة شرسة وحملة مسعورة زَعَم أصحابُها أنَّه مَصدرُ العنف، ومُصَدِّرُ الإرهاب لدول العالم أجمع.
ولاشكَّ أنَّه افتراءٌ كاذب، واتهامٌ باطلٌ، فوجودُ ثلَّة ممن ينتسبون للإسلام، تلوثت أيديهم بالدم، واستخدموا القوة لنشر فكرهم، كتنظيم داعش والقاعدة وغيرهما، لا يعني بالضرورة أنَّ كلَّ المسلمين يتبنون هذا الفكر، ويُبيحون ذلك السلوك، خاصة أنَّه يتعارض مع روح الإسلام السمحة.
والمتأمِّل بعينِ الاعتبار، يلحظُ أنَّ سماحة الإسلام، تظهر من خلال نصوصه قرآنا وسنة؛ مما يؤكد أنَّه جاء رحمة للعالمين، وليُسقط الأغلال والعنت، الذي كان مفروضا على الشرائع قبله. يقول ربُّنا فى مُحكَم التنزيل: (وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّـهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (البقرة: 237). وقال سبحانه: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) (البقرة: ٢٨٦)، وغير ذلك من آياتٍ مبثوثة بين دفتي المصحف الكريم.
كما حضَّت السنَّةُ النَّبوية على تلك السماحة، ففي صحيح مُسلم عن أبي هريرة أنَّه لما طَلبَ بعضُ الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو على المشركين، ردّ عليهم: (إنِّى لم أُبعث لعّانا، وإنَّما بُعثتُ رحمة).
وصورُ سماحة الإسلام، التي تطعن في اتهام غيره له بالقسوة وسفك الدماء أكثرُ من أن تُعدَّ، منها أنَّه كفل حرية المُعتقَد لغير المسلم، فأكد أنَّه لا إكراه في الدين، كما حرَّم الاعتداء عليه بالقول أو الفعل، ووفَّر نعمة الأمن لغير المسلمين في ديار الإسلام، وحرَّم التعرض لدور عبادة غير المسلمين في حال الحرب، كما حرَّم قتلَ الأطفال والنساء ماداموا لم يشاركوا في قتال المسلمين، وشرع العدل في تطبيق الأحكام عليهم، فقال سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن ( أى بُغض) قومٍ على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى).
وغيرها من صور السماحة، التي جعلت بعض المستشرقين ـ والفضلُ ما شهدت به الأعداء ـ يدافعون عن الإسلام، فيقول جوستاف لوبون: " الحقُّ أنَّ الأمم لم تعرف فاتحين راحمين مُتسامحين مثل العرب، ولا دينا سمحا مثل دينهم".
وفي كتابه (أخلاق المسلمين)، يقول الشاعر الألماني جوته: " تسامحُ المسلم ليس من ضعف، ولكنَّ المسلم يتسامحُ مع اعتزازه بدينه، وتمسكه بعقيدته".
والمؤسف أن يخرج علينا بعضُ المُنتسبين للإسلام زورا، والذين غالبا ما يعملون وفق أجندات خاصة، ويشنّون حملة ضارية على شرائع الإسلام، غرضُها الانتقاصُ من أنبياء الله، والسخرية من اللحية والحجاب والنقاب، والترويج للعري والرقص والمجون، واتهام المخالف لهم في الفكر بأنَّه داعشىٌ مصاصٌ للدماء، والبعض الآخر أصابته حُمّى المُطالبة بحرية الفكر والإبداع، فسعى في الأرض يُفسد فيها، ويروج لفكره الفاسد، الذي يرمي إلى النَّيل من الدين الإسلامي، والسخرية من أنبياء الله والصحابة والتابعين، وإنكار ما هو معلومٌ من الدين بالضرورة، وقد ساعدهم على ذلك إعلامٌ رخيص مأجور، سعى للتحرر من الضوابط والروابط، والتحلل من الشرائع، التي تؤكد أنَّ هناك ثوابا وعقابا.
ونتيجة لتلك الفوضى، انقلبتْ موازينُ التقييم فصار المُستمسكُ بدينه داعشيا، والراقصةُ والماجن ومُروج الفكر الضال، هو التنويري صاحب العقل الرشيد، وهذا بلا شك افتراءٌ لو يعلم مروِّجوه عظيم!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد