جريمة على شاطئ العشّاق .. الفصل السادس عشر

mainThumb

10-11-2025 03:37 PM

حربُ الضَّرائر

لم تصدّق النقيب رحمة حين علمت أنّها ستكون المكلّفة بالتحقيق مع الدكتورة فائزة. أخذت تتساءل: من أين تبدأ؟ وكيف تنتزع منها المعلومة؟ شعرت أنّ الفرصة أخيرًا سنحت لها لتثبت كفاءتها، فأرسلت إلى المقدم سالم تطلب الإذن بأن تستقبل الدكتورة من أرض المطار، وتصطحبها مباشرة إلى الإدارة.

طرح عليها المقدم سالم مجموعة من الأسئلة التي يريد إجابات واضحة عنها، ثم منحها الإذن. تمتمت النقيب رحمة لنفسها بثقة:
«لن يكون استجوابًا… بل جلسة وديّة جدًا. اختصارًا: ستكون سوالف حريم… من النوع الثقيل.»
إدارة التحريات

لم تصدّق الدكتورة فائزة أن شرطية تستقبلها من المطار وحدها، لكنّها استسلمت للأمر وخرجت بصحبة النقيب رحمة، وهي تشعر بخوف غامض؛ فبرغم الاستقبال اللطيف لم تفهم سبب اصطحابها إلى قيادة الشرطة بدلًا من منزلها.

كانت النقيب رحمة حائرة: من أين تبدأ معها الحديث؟ وكيف ستتلقى خبر مقتل زوجها؟ وضعت أمامها المدوّنة التي كتبها عبدالعزيز بخط يده: «هذه حياتي… وهذه أميرة بيتي»، بينما كان الاسم الأخير ممزقًا عمداً.

جلست الدكتورة فائزة مرتبكة، لا تدري ما الذي يجري، حتى قطعت النقيب رحمة صمتها بعبارة هزّت قلبها:

«لقد وجدنا عبدالعزيز مقتولًا… جثةً هامدة.»

تجمّدت الدكتورة، وأخذت تردد بدهشة:
«هل أنتم متأكدون أنه عبدالعزيز؟»
فهزّت رحمة رأسها مؤكدة. عندها انفجرت فائزة بالبكاء، وخيّم الحزن على المكان.

شعرت رحمة أن الخيوط تكاد تفلت من يدها، فألقت سؤالًا أثار زوبعة جديدة:
«هل تعلمين أن عبدالعزيز لديه زوجات أخَر؟»

نظرت إليها الدكتورة بنبرة باردة، وقالت:
«أعلم… بل هن صديقاتي. نعم، صديقاتي. لا تستغربي.»

ثم انهارت، وبدأت تحكي:
«لست جميلة مثل نعمة أو منال… لكنّي عرفت الطريق إلى قلب عبدالعزيز. كان يحبني لأنني أسمعه. لا أشكو، لا أجادل… كنت له كالأم، ولذلك كان لا يستغني عني. وعندما أراد الزواج بمنال… شعرت بغيرة أحرقتني، لكني أخفيتها من أجله.»

مسحت دموعها وقالت بحسرة:
«منال طلبت منه تطليق نعمة… لكنها لم تطلب تطليقي. كانت ترى نعمة منافِسة لها في الجمال… أما أنا؟ فليست لدي أي خطورة.»

استغلت النقيب رحمة لحظة الانهيار وسألتها بحدة محسوبة:
«رحلتك إلى دبي تأجّلت بضع ساعات… أين كنت خلالها؟»

ثم أشارت إلى الأوراق التي بيدها:
«وهذه الأوراق… أليست بخط يدك؟»

فزعت الدكتورة وسألت:
«كيف عرفتي؟!»

قالت رحمة:
«أولًا: أجيبي أين كنتِ في تلك الساعات؟ وأي تزييف سيضرك… فكوني صادقة.»

انهارت الدكتورة وقالت:
«كنتُ في فيلا عبدالعزيز… غادرت عند الساعة الرابعة عصرًا… ثم…»
سكتت قليلًا وقد ارتسم الخجل على وجهها.
«اشتقت إليه. ذهبت قبل زفافه بساعة، لكن لم أدخل… كان لديه ضيف. جلست أكتب…»

قاطعتها رحمة وهي ترمي الأوراق على الطاولة:
«لم تذهبي للكتابة… بل لوضعها في غرفته. تعلمين أن منال ستراها فور دخولها. أردتِ إثارة غيرتها في ليلة زفافها. كتبتِ أنه يحب امرأة أخرى… وأنها أميرة بيته… وأنه وزّع ممتلكاته.»

حاولت الدكتورة الإنكار، لكن رحمة تابعت بقوة:
«أحضرتُ خطك لخبير الخطوط… وأكّد أنه خطك. تريدين معرفة كيف حصلت على نموذج منه؟… ذهبتُ إلى منزلكم، ادعيت أنني زميلتك، ووالدتك المسكينة أعطتني دفاترك كلها.»

انفجرت الدكتورة باكية:
«نعم… فعلت ذلك! أردت فقط أن تعرف منال أنني لست ضعيفة، وأنها ليست الأجمل ولا الأقوى. أردتُ أن أرحّب بها بطريقتي! هي استهانت بي… فضّلت نعمة لأنها أجمل… وأنا… لست جميلة، لكنني ذكية.»

ثم وضعت يديها على وجهها وبكت بحرقة:
«لا فائدة من حرب الضرائر… فقد مات من كنا نحارب من أجله… مات عبدالعزيز!»

وبكت بكاءً مريرًا…

يتبع…



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد