لماذا تفشل بعض المبادرات الحكومية

mainThumb

13-11-2025 01:54 PM

النية الطيبة وحدها لا تصنع التغيير لكنها تفتح الباب له، في الأردن تمتلك الدولة إرادة سياسية واضحة نحو الإصلاح يقودها جلالة الملك عبد الله الثاني وسمو ولي العهد الأمير الحسين بإيمان عميق بأن التحديث ليس ترفًا بل شرط بقاء واستدامة ،ومع ذلك تتعثر بعض المبادرات الحكومية رغم انطلاقها بزخم وحماس.

الخلل في الغالب لا يبدأ من القرار، بل من هندسة التنفيذ ،فالمبادرات الحديثة تحتاج إلى ما يُعرف اليوم بـ"التصميم المؤسسي الديناميكي" (Dynamic Institutional Design) أي أن تُبنى الأنظمة لتتطور تلقائيًا وفق المتغيرات. في كثير من الأحيان تُصمم المبادرات بآليات جامدة لا تستوعب التغير في السياق أو احتياجات المواطن فتتوقف عند أول عائق.
إحدى الإشكاليات أيضًا هي غياب "القيادة التكيفية" (Adaptive Leadership)، وهي القدرة على إدارة التغيير من خلال إشراك الأفراد لا توجيههم فقط ، فنجاح المبادرة لا يتوقف على ما يُكتب في الوثائق بل على ما يُلهم به القادة فرقهم ، هنا يظهر الفارق بين مشروع يُدار بالعقل ومشروع يُقاد بالرؤية.

التحدي الثالث هو ما يمكن تسميته بـ"اقتصاد الأثر" (Impact Economy)، حيث تقاس المشاريع الحكومية ليس بما أُنجز فعليًا بل بما أحدثته من أثر اجتماعي واقتصادي قابل للقياس فالتحول إلى هذه المنهجية سيجعل كل دينار إنفاق عام مرتبطًا بقيمة مضافة حقيقية.

الدور الملكي في هذا المجال جوهري ومُلهم ،فجلالة الملك يوجّه دوماً نحو ثقافة الفعل لا القول، فيما يجسّد سمو ولي العهد جيل الإدارة الجديدة التي تؤمن بالتكنولوجيا كأداة للشفافية والتكامل. المطلوب اليوم ليس إعادة التفكير في المبادرات، بل إعادة التفكير في طريقة التفكير ذاتها.

ولعل ما ينقصنا اليوم هو ترسيخ مفهوم التعلّم المؤسسي أي أن تمتلك المؤسسة ذاكرة وضميرًا معرفيًا يتغذى من تجاربها، فيُعاد تدوير الخطأ إلى معرفة، والفشل إلى فرصة تصميم جديدة. عندما يصبح التعلم جزءًا من البنية الإدارية لا النشاط البشري فقط، تتحول المبادرات من موجات متقطعة إلى تيار دائم من التحسين المستمر ،عندها يصبح الأداء مرنًا، والنجاح قابلًا للتكرار، والإصلاح ثقافةً تتنفسها الدولة لا برنامجًا مؤقتًا تُطلقه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد