الحصاد المائي والحكمة الاسلامية

الحصاد المائي والحكمة الاسلامية

11-12-2025 02:33 AM

في العاشر من كانون الاول يستذكر العالم يوم حقوق الانسان،ان يعيش بكرامة وامان وعدل ومن اهم حقوق الانسان واساسها حق الحياة.ولا تكتمل الحياة الا بتوفير مقوماتها وفي مقدمتها الماء،لذلك يقال حيث يوجد الماء توجد الحياه.في البادية الرحلة مستمرة مع التغيرات المناخية على الرغم من الجفاف وشح المياه .الا انه كل سنة في فصل الشتاء تحديدا،يوقظ لدى اهل البادية وعيا جديدا بأن ادارة موارد المياه والبيئة من الاساسيات في حياتنا.
فسبحان الله الخالق القدير قادر على تغيير الاحوال ورزق العباد.ومادام القلب يؤمن برحمة ربنا فسوف نتقلب في نعم الله.في السراء والعسر(وقت الغيث،وقت الجفاف)نحمد الله ونشكره على نعمة الغيث(المطر) وعلى استجابة الدعاء.فمن السنن المؤكدة عن النبي عليه الصلاة والسلام صلاة الاستسقاء؛وهي صلاة مخصوصة يلجأ اليها المسلمون عند اشتداد الحاجة الى المطر بسبب الجفاف ونقص المياه.فالله وحده هو الذي ينزل الغيث ويغيث من يشاء برحمته لذلك نلجأ بالدعاء والتضرع الى ربنا لنضل تحت رحمته وفضله دائما.وقد قال الله سبحانه وتعالى في كتابه المبين:(افرأيتم الماء الذي تشربون*أأنتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون*لو نشاء جعلناه اجاجا فلولا تشكرون)سورة الواقعة(68-70).وهذه الايات تذكرنا بعظمة قدرة الله عز وجل على انزال الماء ونحن البشر مطالبين بالشكر على نعمة الماء بقلب صادق ومخلص.وكما يجب علينا استعمال الماء بحكمه وترشيد والاستفادة من كل قطرة ماء،وهنا يجب ان يكون لدينا سياسات مائيه محلية صحيحة وادارة الحوكمة المائية بشكل فعلي .الحصاد المائي يعتبر حل ذكي للاستفادة من كل قطرة ماء وضمان حياة للبشر اكثر استدامة في المناطق التي تعاني من الجفاف.وهذا الاسلوب صدقا ليس حديثا بل يعتبر تاريخ عريق لحضارات عريقة.منذ القدم استخدم الانسان طرق مبتكرة لتجميع الامطار والسيطرة على الفياضانات مثل حضارة السومريون والبابلون ومصر القديمة وغيرها من الحضارات.وفي البادية الشمالية الاردنية قديما ايضا كان يوجد ادارة للموارد المائية ونظام بيئي متكامل في جاوا الاثرية،ويعتبر النظام المائي فيه الاقدم في تاريخ العالم .فحكاية الحصاد المائي تروي لنا اسرار معيشة الانسان القديم،وكيف حافظوا على حقوقهم فهذه القطرات ثروة تنتظر الاستغلال ودرب واضح لحماية حقوق الانسان . بين الماضي والحاضر يتضح لنا ان الحصاد المائي تاريخ عريق وعمل نافع يتفق مع روح الاسلام وضرورة عصرية لازدهار المجتمعات.حقيقة ما يسعني القول الا سبحان من يزرع فينا الامل ويهئ لنا سبل لطفه في تيسير شؤونا ومعيشتنا.فعلى الرغم من تأخر الهطول المطري الا انه اذا تم تنفيذ الادارة المائية بشكلها الصحيح واشراك التعاون المتكامل ما بين الوزارات الحكومية والمؤسسة التعاونية والجهات الدولية الداعمة،فسوف نستفيد من نوبات المطر والسيول التي تحدث على نحو مفاجئ فتعمل على تغيير المشهد الطبيعي خلال لحظات ودون سابق انذار .ومحدثة تغيرات مناخية سريعة ومصحوبة احيانا بعواصف قوية.فإذا تم الاستغلال الجيد والتعاون المنسجم فسوف يكون لدينا فرصة لتعزيز المخزون المائي للمناطق الجافة بعد معاناة الفقر المائي.قد لا نعرف ماالذي يحمله لنا فصل الشتاء من خيرات!فكل شئ بعلم الغيب مقدر ومكتوب ولا نأمل من هذه الحياة الا رحمة رب العالمين.ولكن للأسف ما زال هناك ضعف في ادارة الحوكمة المائية،إن الفرق بين الماضي والحاضر واضح جدا فالحضارات القديمة عملوا بإخلاص وركزوا على الفعل لا على المشهد وعلى البناء لا على المظاهر لذلك بقيت اعمالهم شاهدة على صدقهم الى هذا اليوم.اما نحن اليوم،قد كثر من حولنا الخبراء والباحث العلمي وفيلسوف الاداء ،يتم التركيز على المشهد وينسى جوهر العمل وصدقه مما أدى الى انتكاسات اجتماعية سلبية وتكرار المشاريع بلا أثر حقيقي.الاستدامة:هي النية الصادقة والعمل المتواصل وتحمل المسؤولية امام الله ثم امام المجتمع.فإذا فقد العمل ،الاتقان ضاع أثره وضاعت معه قيمة الوقت والمال والجهد.والاتقان بالعمل :هو عباده تعكس صدق النية لهذا قال رسول الله عليه الصلاة والسلام:(إن الله يحب اذا عمل احدكم عملا ان يتقنه)وهكذا يبقى الدعاء والاستسقاء وترشيد النعم واتقان العمل من الحكم الاسلامية العظيمة التي تعلمنا الاخلاص وشكر نعم الله وحسن التدبير لا سيما في زمن تتسارع فيه المشاريع وتضعف فيه الاستدامة الحقيقة .ولعل خير ما نختم به ما قاله اهل البادية في تضرعهم وسؤالهم من لا يخيب الرجاء:
عسى المطر يهطل على الناس همال
ويسقى مكان العرب في كل ديره
يرزقهم الله شوفة السيل لا سال
والشمس ما تنشاف من زود خيره
نسأل الله ان يجعلنا من الشاكرين لنعمه،الحافظين لها،العاملين بها بإتقان وإخلاص.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد