مفهوم العمل التطوعي

mainThumb

22-04-2009 12:00 AM

مقدمة :

عملت في ميدان العمل التطوعي السياسيي والخيري والثقافي سنين طويلة تزيد عن الثلاثين عاما ( رئيسا لنقابة عمالية , أمينا عاما مساعدا لحزب سياسي , رئيسا لمجمع التراث الشعبي , رئيسا لجمعية خيرية ) ووصلت من خلال أدائي واخلاصي للعمل التطوعي وتقدير زملائي لمجهودي وتفاني في العمل الى هذه المراكز المتقدمة , مما اكسبني خبرة ادارية وتنفيذية في هذا المجال احمد الله عليها وظفتها في خدمة المؤسسة/المجموعة وخدمة زملائي , وحققت بعض النجاحات والأنجازات التي يذكرها لي الأخرين وحتى المنافسين وأشادوا بها , وذلك بسبب اخلاصي وحبي للعمل الذي تطوعت اليه وتعاوني وأحترامي لزملائي رفقاء المسيرة وإهتمامي بهم وبأفكارهم ورغبتنا بتحقيق الأنجاز المشهود , كما لم ابخل على الاخرين بالنصح والأرشاد ولم أصم اذني عن نصح وإرشاد الأخرين لي , مع إهتمامي بالتعلم والأستفادة من خبرات من سبقوني , ولا ازعم اني استنبط نظريات جديدة خاصة بي عن مباديء العمل التطوعي , لكني خرجت ببعض الأفكار التي تطابقت مع أفكار وتجارب الآخرين ومن سبقني في الكتابة بهذا الشأن , الأفكار تتزاوج وتتلاقح لتنتج مباديء , وأورد هنا ما خبرته وتعلمته آمل ان يفيد الناشطين في العمل التطوعي في اردن العز والفخار, لأن العمل التطوعي هو من أهم عوامل التنمية الأجتماعية والسياسية والأقتصاديه في حياتنا .

مفهوم التطوّع:

التطوع يتضمن جهوداً إنسانية، تبذل من أفراد المجتمع، بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي سواء كان هذا الدافع شعورياً أو لا شعورياً ..ولا يهدف المتطوع تحقيق مقابل مادي أو ربح خاص بل اكتساب شعور الانتماء إلى المجتمع وتحمل بعض المسؤوليات التي تسهم في تلبية احتياجات اجتماعية ملحة أو خدمة قضية من القضايا التي يعاني منها المجتمع , وبالتالي تلبي بعضا من طموحاته الشخصية .

إن العمل التطوعي دافع أساسي من دوافع التنمية بمفهومها الشامل اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً، ودليل ساطع على حيوية المجتمع واستعداد أفراده للتفاني والتضحية , وغالبية الأمم المتقدمة قام تقدمها على العمل التطوعي والتفاني من أجل الأمة والوطن .

وهو أيضاً "نوع من الاختبار الحر للعمل، وقناعة لمشاركة الأفراد طواعية في العمل من واقع الشعور بالمسؤولية الوطنية وفي بعض الأحيان تحقيق الذات" .

تقنيات العمل التطوعي:

الإعلام والدعوة:

يجب أن يكون هناك إعلام يتواصل حول التطوع ويرافق حركته ، خصوصاً عندما يرتبط بمسألة التنمية الشاملة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً وثقافياً. وتكتسب الدعوة إليه اهتماماً خاصاً في الأردن , لكن هذا الأهتمام والأندافع مع الأسف يأتي على شكل هبات سرعان ما تفتر ثم تضمحل ، حيث الثقة تكاد تكون معدومة على المستويات السياسية والمجتمعية، مما يفقد مبادرات الأفراد والمجموعات الحماس والثقة لجهة نجاح جهودهم في تحقيق الأهداف المرجوة منها , والسبب الرئيس في التقوقع أو الفشل مرده عدم وجود الدعم المالي واللوجستي من قبل الدولة , وحب السيطرة والنفوذ وبناء صومعة الجاه الذاتي من بعض من يعملون في ميدان العمل التطوعي .

أضف أن ثمة أفراد في المجتمع وعلى المستويات كافة ينحصر نشاطهم "بتثبيط" همم المتطوعين والتشهير بهم إذا لم نقل السخرية من جهودهم , وهذه من المعوقات الكبرى في نجاح العمل التطوعي المؤدي الى تلاقح الجهود الحكومية والشعبية في التطور الحضاري والتطور الأجتماعي .

تحديد الحاجة إلى المتطوعين:

تُعتبر هذه المسألة على جانب كبير من الأهمية، لأنها تتصل اتصالاً وثيقاً بمسألة الاستغلال الصحيح لطاقات المتطوعين فإذا كان من المهم إيجاد متطوع، فإنه من الأهم أن نحسن استغلال طاقاته في الجوانب التي تحقق:

  • سد حاجات أساسية من حاجات المؤسسة - المجتمع.
  • تتفق وإمكانات المتطوّع ورغباته.
  • لا تتعارض مع مفاهيمه الثقافية والمجتمعية ومعتقداته السياسية والدينية.
  • لا تضعه في خانة الملاحقة القانونية أو التعارض مع المفاهيم الاجتماعية السائدة , سيما وأن التصرف البوليسي المخابراتي يلعب دورا كبيرا في نفور الأفراد من العمل التطوعي في الدول العربية .

الاختيار:

يكتسب اختيار المتطوعين بعداً خاصاً وهاماً لعدة أسباب منها:

  1. يساعد الاختيار على بلورة المفهوم المشترك لكل من الطرفين، لجهة طبيعة العمل، الإطار الذي سيعمل من خلاله، الفوائد على المديين القصير والطويل والالتزامات المختلفة لكل فريق من الأفرقاء المعنيين
  2. إن الاختيار الصحيح يسهم في:
  • وفير القدرة على استغلال سليم لطاقات المتطوع.
  • يخفض كلفة الإعداد.
  • يسرع في بلوغ الأهداف.
  • يمنع التضارب ويحول دون الإحباط.
  • عدم تحمل المتطوع فوق طاقته.
  • تفهم المتطوع لأهداف وتطلعات المؤسسة.

ولكن على ضؤ ضعف العمل التطوعي السياسي والأجتماعي , هل هناك مجال للاختبار ؟ أم القبول بأي متطوع مهما كانت خلفيته وارتباطاته ؟

التأهيل - التدريب:

في غالب الأحيان، يحتاج المتطوعون إلى نوع من التأهيل أو التدريب من أجل الاستفادة من طاقاتهم خصوصا في العمل السياسي والاجتماعي. بعضهم يحتاج إلى فترات زمنية أطول من الآخرين ، وبما أن للتدريب أهداف أساسية تتصل:

  • بمواقف المتدربين.
  • تعميق خبراتهم القائمة.
  • إكسابهم مهارات جديدة.
  • تنمية روح الولاء والتعاون لدي المتدرب.

فإن أهداف دورات التأهيل للمتطوعين يجب أن تغطي هذه المجالات كافة، إذ إن التدريب سوف يبلور موقف المتطوّع ويساعده على إنجاز العمل المطلوب بكفاءة أعلى.

يلعب التدريب دوراً بارزاً في:

  • شد المتطوع إلى المؤسسة أو الجماعة.
  • استمراره متطوعاً لأطول فترة ممكنة.
  • استغلال طاقاته بشكل أفضل على الصعد كافة.
  • ممارسته الديمقراطية نهجا وحل المشاكل بهذا النهج تلافيا لتصدع بنيان المؤسسة .
  • إضائة شمعة بدلا من لعن الظلام .

الإطار التنظيمي:

أهمية هذا الأمر تكمن فيما يلي:

  • إن التطوع الفردي معرّض للشطط من ناحية وللتوقف عند مواجهة أية صعوبات من ناحية أخرى.
  • إن الإطار الجماعي للمتطوع يكسب المجموعة المزيد من الاحترام والقوة، وبالتالي يكسب أفرادها مناعة لجهة التفرد أو الأنانية أو الانحراف عن الأهداف الموضوعة.
  • إن تأطير العمل ومأسسته وديمقراطيته ، يساعد على تحقيق مسألتي الاستمرارية والمتابعة .ويجنب المؤسسة التصدع ثم الأنهيار .

التحفيز والتنشيط :

يلعب التحفيز والتنشيط دوراً بارزاً في المحافظة على المتطوع واستغلال طاقاته وخبراته المستجدة سواء على صعيد الجماعة أو المؤسسة. وإن ثمة مجالات عديدة للتحفيز منها:

  1. المشاركة: تعني أن يكون المتطوع في صلب العمل الذي تعمل به المؤسسة - الجماعة وليس على هامشها.
  2. الشفافية: أن يكون عمل المؤسسة أو الجماعة، معروفاً مرئياً لا أهداف مستترة.
  3. الإبراز: يجب الاعتراف دائماً بإنجازات المتطوع وعطاءاته.
  4. الإدماج: يجب أن تتاح أمام المتطوع فرصة الاندماج في المؤسسة والجماعة، فيما لو رغب بذلك.
  5. التشاور: يجب إتاحة الفرصة لحوارات وأخذ آرائهم بعين الاعتبار.
  6. إزالة العقبات: أكثر ما يسيء إلى المتطوع "الروتين" ....فقد يأتي متحمساً ثم يصطدم ببوقراطية إدارية أو فنية أو غير ذلك مما قد يؤدي إلى تثبيط حماسه، لذلك يجب العمل دائماً على إزالة مختلف العقبات من أمامه لتشجيعه على مواصلة العمل.
  7. الشكر والتقدير: وهو جزء من الإبراز، ولكن يختلف عنه إن الأول قد يحتاج إلى مناسبات عامة، بينما يقتصر الثاني على كتاب شكر وتنويه، يرسل إليه في حال أدى العمل الذي تطوع له وأنجزه على أكمل وجه وأدى الى تحقيق انجاز او نجاح للمؤسسة والجماعة .. آملين لقاءه مجدداً في رحاب أخرى من رحاب العمل.

التقييم:

من المفيد أن يتم تقييم جهود المتطوعين تقييماً علمياً كما لا بد من أن يشترك المتطوعون في هذه العملية من أجل:

  • الوقوف على أهميتها وشفافيتها.
  • للتعرف على النتائج المحققة، وإجراء تقييماً ذاتياً.
  • لمعرفة المساعدة الفعلية التي قدمت للمؤسسة و - أو الجماعة.
  • للاستفادة من النتائج والثغرات في رسم خطط مستقبلية أفضل.

المتابعة:

من المتفق عليه ان بعض "التطوع" ظرفي لمهلة محددة أو لموضوع محدد. مثل مخيمات العمل التطوعية التي تستمر لفترة محدودة زمنياً، والبعض الآخر له صفة الاستمرارية والديمومة وربما كان هذا النوع الأخير، هو الأكثر صعوبة في إيجاد العناصر القادرة على متابعة التطوع إذا أحسن الاختيار، وقد تكون عودة المتطوع مرهونة بالارتياح الذي يجده عند تطوعه الأول، ولكنه يجب أن يكون لدى المؤسسة - الجماعة تصور واضح لكيفية الإفادة من متطوعيها خصوصاً إذا أنفقت / اهتمت على إعدادهم وتأهيلهم واكتسبوا خبرات مهمة في جوانب محددة من العمل.

ماذا يريد المتطوع:

  1. الشعور بالاحترام والثقة من قِبل المؤسسة - الجماعة.
  2. التعامل معه بشفافية وديمقراطية.
  3. مساعدته على إبراز مواهبه وصقلها.
  4. اطلاعه بطريقة صحيحة وواضحة على مناخ المؤسسة - الجماعة وتنظيماتها.
  5. إدماجه في إطار العمل، واستغلال طاقاته وإمكاناته استغلالاً مفيداً ومؤثراً.
  6. أن تكون المؤسسة جدية في تعاملها مع المتطوعين.
  7. أن يجد ذاته من خلال هذا التطوعوأن لا يحس بالغبن .

ماذا تريد المؤسسة من المتطوع:

  1. الالتزام بالتعهدات (تحديد نمط المشاركة والتقيد بها).
  2. استيعاب واضح لأهداف المؤسسة وتطلعاتها.
  3. عدم توريط المؤسسة في مواقف شخصية.
  4. عدم محاولة استغلال التطوع لأهداف أخرى.
  5. الاندماج الفعلي في المؤسسة (عدم النظرة الفوقية أو اتخاذ موقف دوني).
  6. المشاركة في الإعداد والتدريب.
  7. الجدية والمصداقية في العمل الذي يقوم به.
  8. المشاركة في اللجان والتفاعل مع النشاطات وتجنيد الأعضاء الجدد للمؤسسة .
  9. المساهمة بالتمويل حسب امكاناته وأن لا يبخل على مؤسسته او جماعته ومن ثم السعي لدي من هم خارج ميدان تطوعه لتقديم التمويل وأن لا يركن على جهود الأدارة او الأعضاء البارزين فقط .
  10. الأيمان بالمؤسسة وبأن ادارتها انتخبت لتسيير اعمالها وعلى العضو اعتبار نفسه مسؤولا كاي فرد من ادراتها المنتخبه مسؤولية ضمنية او مباشرة عن كل أمر من امور المؤسسة , وان ينقد اي خطأ نقدا موضوعيا ويسعى لأصلاحه بشتى السبل التي نصت عليها اللوائح الداخليه والقوانين المرعية .
  11. على رئيس المؤسسة وهيئة ادارتها الأيمان بأنهم انتخبوا لخدمة الموسسة وتحقيق طموحاتها وبأنهم ليسوا وجهاء وزعماء للمؤسسة , وأنهم ليسوا الأفضل , وانه هناك من هو افضل منهم وأقدر منهم من أعضاء المؤسسة ولكن ظروفهم لم تسمح لهم بأن يكون في مواقعهم .

التمويل :

المال عصب الحياة , واية مؤسسة أو جماعة تحتاج الى المال لتحقق الأنجازات وتصل الى الغايات والأهداف التي قامت عليها , ونحن هنا في الأردن نفتقر الى التمويل ونعتمد على اشتراكات المتطوعين والتي ترهق كاهلهم وتكون مصدر طرد لهم , وهذه الأشتراكات لا تغطي 10% من المصروفات الضرورية , وهكذا تنهار المؤسسات والجماعات التطوعية بسبب ندرة المال وعدم وجود الممولين , وأجزم من خلال تجاربي أن الدولة لا تستطيع تمويل هذا الكم الهائل من المؤسسات والجماعات التطوعية الأردنيه وكمثال وجود 1072 جمعية خيرية وعدد كبير ومماثل من الأندية والمنتديات والأحزاب السياسية والنقابات العمالية والمهنيه وجميعها تشكل مؤسسات المجتمع المدني في بلدنا ,وخيرا فعلت الحكومة بتمويل الأحزاب مؤخرا لتخليصها من التبعية ورهن قرارها وتوجهها السياسي , امكانيات الدولة محدوده فنحن لسنا دولة غنية او بترولية او زراعية او صناعية .... هل نلغي مؤسسات المجتمع المدني اذن؟ قطعا لا ....وبرأيي أن الحل يكمن في الأندماج والتقليل من هذا الكم الهائل والمتماثل الأهداف والغايات , وانتهاج اسلوب ايجاد المشاريع الأنتاجية للمؤسسة او المجموعة لتصل الى الأكتفاء الذاتي من التمويل , وذلك بالسماح للأعضاء االقادرين ماليا او الأغنياء الأستثمار في هذه المؤسسات والمجموعات ليتحقق النفع للطرفين وبالتالي تستمر المسيرة وتتحقق الديمومة ويكون لدينا مؤسسات مجتمع مدني قادره على النهوض بالمجتمع الأردني , واتمنى على النقابات المهنية التي تملك الملايين الأستثمار في مؤسسات المجتمع المدني بايجاد مشاريع انتاجية تدر بالفائدة على الطرفين وتشغل الأيدي العامله وتنعش حركة السوق وتسهم في تطوير وإنجاح العمل التطوعي .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد