في مؤتة وغيرها لا إتهامًا .. أصابع العقلاء توجه نحو أجهزة أمن الدولة

mainThumb

11-07-2012 03:31 PM

إن أي متتبع لما يجري في المملكة من حالة إنفلات للأمن في العديد من مناطقها يجد أنها ظاهرة متنامية ومتصاعدة في الآونة الأخيرة جعلت الكثيرين يستنكرون ويستهجنون هذه الوتيرة المتصاعدة، فقبل أسابيع طاف غوغائيون معان وكذلك الكرك في مؤتة وكذلك الحال في مأدبا وكذلك السلط وكذلك أربد...،والمنطق الحقيقي يستلزم عدم أخذ الأحداث وقرأتها من منظور واحد على أنها مشاكل اجتماعية وعشائرية كما توصف في الغالب كما يريد العازفين على أوتارها، وهنالك حاجة لننظر لقواسم مشتركة في تلك الأحداث تربط ما يجري في محافظات جنوب المملكة مع تلك التي تجري بوسطها وشمالها في مدنها الرئيسية وفي جامعاتها وقراها،  ولو أردنا أخذ حالة ما يجري في محافظة الكرك نجد أن الحالة تمثل نموذج مصغرة يؤكد وجود لاعب رئيسي جامع لتلك الأحداث، فقبل أسابيع اندلعت أعمال شغب في مدينة مؤتة توجها العابثون بإحراق كوخ الشرطة والبلدية وبإعلان المدينة مدينة محررة من الشرطة وظهرت معالم الفوضى جلية في الأسواق وفي التنظيم اليومي لحياة الناس توجهاً نحو الفوضى، ومن ثم تكرر المشهد بنمط مغاير في قرى الخرشة في الكرك ومن ثم قرى شمال الكرك وقبل أيام على طريق الكرك الرابط بين مؤتة والعدنانية حيث كانت النيران والملثمون في منتصف الليل يجبون الشوارع معلنين إغلاقًا للطرقات تحت حجة عدم وصول الماء، ومن ثم يعاود المشهد لتكرار نفسه بأسلوب أفضع في صرح جامعة مؤتة العلمي ليتوج بإطلاق نار وحرق للأِشجار وحالة تراشق للحجار في ساحات وكليات الجامعة تحت حجة مشكلة عشائرية، والشرارة كالعادة يقال عنها قضية عشائرية وبكل صراحة (بين عشائر البرارشة والحمايدة) كسابقتها التي وصفت بأنها عشائرية بين عشائر (البرارشة والطفايلة)  ونظرًا من قربي لمركز هذه الأحداث فلم تكن الوجوه التي تطلق الشرارة في كل مرة وتشعلها واضحة المعالم أنها من أطراف العشائر التي يلتصق بها الحدث، فهذه المرة في مؤتة يخرج الملثمون من كلية الاقتصاد ومعهم أسلحتهم وألعابًا نارية يوجهونها نحو الساحة بعشوائية ضمن تخطيط مسبق وليس عفويًا ويبدؤون بهتافات عشائرية تستفز عقول الجاهلين لتتطور وتكبر وتأخذ منحنها الذي رسم لها، فهذا المستوى من التنظيم لهكذا أحداث يفوق مستويات الطلاب في افتعال المشاكل وإدارتها، ولو كانت المشكلة عشائرية محضة لكانت خارج أسوار الجامعة، وكيف تدخل الأسلحة والعاب النارية وكيف وكيف...؟..هي أسئلة تجب الإجابة عليها... ولكون الكرك يمكن أخذها نموذجًا فقد كانت معالم التشابه في إدارة وتوجيه الأحداث الصغيرة نحو أحداث فوضوية أكبر واضحة المعالم، كما أن أوجه الترابط واضحة وتؤكد وجود منبع واحد لهذه الأحداث رغم اختلاف الأسباب وتنوعها، هذا المنبع يمتلك قدرة على تضخيم الأحداث وتوجيهها بأسلوب يأخذ صدًا أكثر وبعدًا أكثر ويحاول بأسلوبه توجيه دفة التفكير المجتمعي وإبراز معالم لأحداث جديدة توجه الوطن بعيدًا عن قضاياه الحقيقية وتسكنه في حالة دوامة من الهمجية التي تجعله منشغل بنمط تفكير بائد قائم على التقسيمات العشائرية والنزعات الجاهلية،  وإن ما يجري في الوطن لأمر مؤسف يدمي مقل المنتمين له، ولكنه في ذات السياق يوجه من قبل عابثين أكبر يخفون أنفسهم ويريدون توجيه الوطن بأسلوبهم ليضمن بقائهم أو حتى ليحقق مآربهم سوى أكانوا من دعاة الإصلاح  الذي لم نعرف له معنى حتى اليوم أو من هؤلاء الواقفين في وجه المنظرين بالإصلاح.

وهنا يصبح الوطن ساحة تصفية حسابات وساحة إظهار قدرات بين العازفين على وتر الإصلاح وبين المناهضين وبين المتفرجين وبين أجهزة ومؤسسات الدولة باختلافها، وتصبح دفته موجهة بعشوائية ليست منتظمة لا يعرف لها مرسى ولا يعرف لها نهاية غير التحطم شيئًا فشيء.
 
يبقى على أجهزة أمن الدولة الحقيقية واجب حقيقي يتمثل بشافية التعاطي مع مثل هذه الأحداث والكشف عن حيثيات جذورها لا سطحياتها، فلما لا يتم الكشف عن أسماء من يعتقل في مثل هذه الأحداث بالأسماء؟!.. ولما لا يتم تطبيق عقوبات صارمة في حق المتسبب؟!... ولما لا يكون الحزم لغة لبسط الدولة هيبتها التي هنالك من يريد انتزاعها؟!...هذه التساؤلات توجب على كل متعقل توجيه أصبعه لهذه الأجهزة متعجبًا ومستفسرًا ومستهجنًا...وهذا الأصابع الموجه ليس باتهام بقدر ما هو مرارة على أجهزة دولة تفقد هيبتها...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد