أمطار الخير والإنزعاج الحكومي - د.محمد عقلة أبو غزلة

mainThumb

09-11-2014 08:45 PM

في كل عام تهطل أمطار الخير من السماء بلا كلفة على موازنتنا العتيدة، فلا فواتير كهرباء بسبب ضخها، ولا أجور نقل، ولا حتى استخراج، ماء منسكب من السماء، لا يملك المواطن قبل أن يراه إلا أن يرفع يديه إلى السماء ويقول: (اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين)، وما أن يهطل هذا المطر كمنة من رب العباد إلا وتحل علينا المشاكل تباعاً، فتتحول الشوارع في مدننا الكبيرة إلى بحيرات تحول السيارات إلى يختات وقوارب لكن بدون مجاديف، وتتحول محلاتنا وأسواقنا إلى أودية جارفة تجر الخراب على البلاد والعباد. فهل يجوز لنا أن يسأل حكومته العتيدة ذاك السؤال الممجوج: أين عقل الحكومة مما يحصل كل عام؟


المطر أيها السادة نعمة من الله تعالى، لا يلبث أن يتحول في أغلب دول العالم الثالث إلى نقمة على الشعوب، فبدل أن يصبح رمز الخصب والنماء والازدهار؛ يصير كارثة وتصبح في خطط الحكومة ما يسمى ببند معالجة الأضرار الناجمة عن الأمطار أو الثلوج، وكأنها زلزال جاء فجأة ولم يكن متوقعاً قبل ذلك..


وهنا يحق لي كمواطن في هذا البلد أن أسأل: لماذا تتحول النعمة إلى نقمة، والمنحة إلى كارثة؟ فالماء الذي يجب أن يُعمل له خطوط موازية لخطوط المجاري وليس ذات خطوط المجاري، خطوط تعمل على تجميع مياه الأمطار وجرها عبر ممرات أنبوبية تشبه خطوط شبكات الصرف الصحي، لكنها لا تختلط فيها ولا تتقاطع معها، بل يخطط لها كما يخطط لشبكات الصرف الصحي، فتصبح خطوط تصريف مياه الأمطار، ثم تسحب هذه المياه إلى محطات تجميع أو برك طبيعية في المناطق الخالية، ويعاد ضخها لغايات الشرب بعد التعقيم أو لغايات الري الزراعي أو سقي الحيوانات، وبهذا نحصل على فوائد جمة منها:


الأولى: تخفيف أعباء وتكاليف معالجة مياه الصرف الصحي التي تزداد فجأة بفعل تدفق مياه الأمطار مما يؤدي إلى حدوث أزمة في التعامل معها وهي تكاليف غير محسوبة في بنود الموازنة لهذه المشروعات.


ثانياً: توفير نسب مائية مرتفعة جداً لأوقات الحاجة، وبدون تكلفة في استخراجها ولا ضخها كما يحصل في المياه الجوفية.


ثالثاً: المحافظة على شبكة الصرف الصحي وتقليل الأضرار الناجمة عن تدفق الكميات الكبيرة التي تؤدي إلى تفجرها أحياناً أو حدوث أعطال تسبب انقطاع خدمتها عن المستفيدين.


رابعاً: إن توصيل كميات المياه الهائلة التي تهطل في المدن -ولا يكون لها أي توظيف في العادة- إلى مناطق غير مأهولة بالسكان يساهم في إعادة بعث الحياة الطبيعية في تلك المناطق، والتي حرمت من مصادرها المائية السطحية بفعل حركة العمران وإقامة السدود أو قطع الأودية بسبب مشاريع البنية التحتية أو ما شابه، مما يؤدي إلى وجود أنماط جديدة من الحياة البرية في تلك المناطق تساهم في تجمع الطيور وبعض الحيوانات الأليفة كالغزلان وما شابه، وكذلك توفير مراعي طبيعية للمواشي.


لمثل هذه الدواعي ولدواع أخرى غيرها يتوجب على الحكومة البدء بإطلاق مشاريع الاستفادة من المواسم المطرية كل عام، والتي ستوفر على الخزينة أموالاً جمة سواء من قبل توفير التكاليف أو بفعل العوائد المتوقعة من هذه المشاريع مستقبلاً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد