إنسانية الإنسان

mainThumb

02-05-2015 01:45 PM

إذا تعطلت أحاسيس الإنسان وتوقف عقله عن التفكير  ، فسيتحول لوحش على هيئة إنسان ، وسيلحق الأذي بكل من هم حوله ، وسيفسد علهم معيشتهم ، وسينهش أعراضهم ، وسيبتلع حقوقهم ، ولن يبالي لألآمهم ولا لأوجاعهم ومصائبهم ...


فإذا انحصرت توجهات هذا الإنسان على تلبية رغباته وانصبت حياته على كيفية بلوغ شهواته ، ومهما كانت الوسيلة والطريقة ، ولو تمت بالخداع والحيلة ، فسينحدر عتدها الإنسان الى مرتبة متدنية ودونية ؛ وقد يهبط إلى ما دون المرتبة الحيوانية ...


للإنسان مكانة عظيمة عند خالقه ومبدعه ؛ وهو الخالق الذي جمل هذا الإنسان بالعقل وهداه للإيمان ؛ بعد أن أوكل له أمر خلافته على هذا الكوكب الأرضي ، وسخر لأجله الكون بأكمله ؛ قال تعالى : ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا  ...


  ولكن ؛ إذا سيطر على هذا الإنسان حب الدنيا الفانية والشهوات ، فسبهلك هذا الإنسان مع غيره ، وإذا تشوهت فطرته وتلوثت سريرته ؛ وغابت عنه الروح والإخلاق ؛ وغلبت عليه نفسه وهواه ؛ فسيهوي من قمة هرمه ليستقر في قاع الهرم وفي أسفل سافلين  ...
إن نفوس بعض الناس ستبدو غريبة ، إن حكمتها الشهوة وإن تحكمت فيها الغريزة ؛ إن نفوس بعض الناس ستبدو غريبة ، إن قيدتها الملذات وانقادت لمتع هذه الحياة ؛ إن نفوس بعض الناس ستبدو غريبة ،  إن كنزت الذهب والفضة ، وجمدت الأموال والنقود ، ولم تبالي للحظة واحدة بحقيقة الكون وبأسرار الوجود ؛ إن نفوس بعض الناس ستبدو غريبة ؛ إن غلفتها الذاتية والأنانية  ؛ إن نفوس  بعض الناس ستبدو غريبة  ؛ أن استمرأت الإنحرافات والضلال والشذوذ ، وإن عاشت معيشة الجاهلية ومارست حياة الإنحطاط والشذوذ والدونية ...


إن نفوس بعض الناس ستبدو غريبة ؛ إن سارت على منهج النملة الصغيرة ؛ بمتوالية من الجمع والتجميع والتخزين والتكديس ؛ ودون لحظة سؤال ومساءلة للنفس ؛ ولو لمرة واحدة : إلى متى ؟؟؟  إن نفوس بعض الناس ستبدو غريبة ؛ إن لم تتوقف لكي تتدبر الآيات القرآنية ؛ وإن لم تتفكر في معجزات الخالق الكونية ...


كل التفوس الباحثة عن الغرائز والملذات ودون أدنى تفكير ؛ ستبدو غريبة ؛ وكل النفوس المستسلمة لنوازع النفس البشرية ؛ ستبدو غريبة ؛ وكل النفوس المنقادة لوساوس الشياطين اللعينة ولأهواء النفس الشريرة ، ستبدو غريبة  ...


  إن المعادلات الغريبة في حياتنا كثيرة ..................................  أنا أولا” وثانيا” ... وأنتم آخرا” وأخيرا” ؛ معادلة غريبة ؛ أنا أو الطوفان ، أنا أو الزلزال والفيصان  ؛ معادلة غريبة ؛ من ليس معي فهو ضدي ؛ ومن ليس معي فهو مارق وإرهابي ؛ معادلة غريبة ...  إن ربط معيشة الإنسان بالمصلحة وبالغريزة هي : معادلة غريبة  ، وإن حصر الحياة بالمتع والشهوات هي : معادلة غريبة  ؛ وإن هبوط الإنسان العاقل ، للسباحة في وحل الشذوذ والانحطاط والدونية  هو :  معادلة غريبة ، قال تعالى :
أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ ۚ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ  بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلا .


وقال تعالى : وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ .


  لكي تكون إنسانا” مستحقا لمنزلتك التكريمية الربانية  ، ولن تكون أهلا” لخلافة الله على أرضه ، إن حيدت العقل وتجاوزت شرع الله وحدود الله   ...


راقبوا سلوك الحيوانات التي تسيرها الشهوة والغزيرة ، فبعض من هذه الحيوانات يفترس صغار غيره ليطعم صغاره ؛ إنها شريعة الغاب ؛ وإنه حكم الغريزة !!! ولكن الإنسان العاقل يختلف بعقله وبمستوى تفكيره عن الحيوانات المفترسه والطيور الجارحة بمستوى تفكيره ولن يرضخ للغريزة  ؛  وسيعيش لأجل الآخرين ولمساعدة الآخرين  ، وسيتلمس حاجات الآخرين وآهات وأنات الآخرين ؛ ولن يكون مثل الحيوان فيكرس حياته لذاته وأهله وصغاره فقط ...


ولا تنسى ؛ وأنت الإنسان المكرم بجوهرة العقل وبنعمة الإيمان ؛ حاجات أخيك الإنسان حولك ؛ فإذا تناولت طعامك فتذكر ملايين الأفواه الجائعة من حولك ، وإذا خلدت لنومك ولفراشك ؛ فتذكر الملايين المشردة من حولك ؛ وإذا سجدت لخالقك فتذكر الملايين الضالة والتائهة من حولك ؛ وعليك أن تتذكر دائما” : بأن النور الإيماني المستقر في قلبك اليوم كان : ثمرة لجهاد وصبر الأنبياء ؛ وجاء ثمرة لتضحيات ودماء الصحابة والمجاهدين ؛ فإياك أن تفرط بنور الله  ؛ وإياك أن تحجبه عن قلوب وعقول غيرك ؛ وإنشر نور الله في محيطك واجعل لنشره شيئا” من وقتك ومن جهدك ؛ ولا تيأس ؛ فنور الله سيلامس كل القلوب المشتاقة بإذن ربها ؛ كما لامس من قبل قلبك ؛  وتذكر عند سجودك وركوعك ، بأن عشرات الملايين لا زالت هائمة على وجهها دون موجه وهاد ، وهي تتخبط في عتمة الشرك والكفر والضلالة دون دليل ومرشد ،  وتذكر قبل كل صلاة بأن مئات الملايين لا زالت تعبد النار والشجر والحجر ، وتذكر بأن عشرات الملايين لم تزل ساجدة للشمس والقمر والبقر من دون الله ... فاسعي ـ يا هداك الله ـ  بنور الله لتبرئة الذمة ولأنقاذ عباد الله من العذاب الآليم ، ولا تكن  في هذه الحياة لنفسك ولذانك فقط  ؛ وردد بصوتك القوي مقولة هدهد سليمان عليه السلام ؛ عندما أنكر الضلال والشرك  وعبادة الشمس من الله قائلا ” :  ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض ويعلم ما تخفون وما تعلنون !!!    ...  ( صدق الله العظيم ) . ...  فحصلت الإرادة الإلهية بإنقاذ قوم سبأ من شركهم وضلالهم وإنحرافهم .
 



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد