المساومة الروسية الأمريكية في المسألتين السورية والأوكرانية

mainThumb

29-09-2016 10:11 PM

الموقف الروسي من الأزمة الأوكرانية، وتدخل الجيش الروسي في الشرق الأوكراني، ودعم الأقلية الروسية هناك وإمدادها بالسلاح والمساعدات اللازمة للوقوف في وجه الجيش والدولة الأوكرانية التي كانت تشكل المرتكز العسكري والسياسية الثاني بعد روسيا في منظومة الاتحاد السوفياتي قبل انهياره، إضافة إلى ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا حدى على ما هو معلوم بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات سياسية واقتصادية وفي مجال التعاون الأمني أيضا على الاتحاد الروسي نتيجة تلك الخطوة أحادية الجانب التي فرضتها روسيا، وتشدقت بها انطلاقا من رغبتها الجامحة في العودة إلى واجهة الأحداث الدولية ومقارعة الدولة الأمريكية في الأحداث والمصالح المتبادلة للطرفين في العالم ككل.
 
وبالإضافة إلى ذلك، وجدت الدولة الروسية ضالة أخرى في إعادة هيبتها الدولية التي فقدت إبان انهيار الاتحاد السوفياتي التي كانت تشكل روسيا ركيزته الأولى، فكان أن تدخلت بقوة عسكرية كبيرة جوية وبحرية وأرضية في الدولة السورية لصالح النظام السوري الذي يواجه ثورة عسكرية من شعبه الذي يعاني من ويلات قصف الطائرات الحربية التي تقوم بها الطائرات الروسية وتلك التابعة للنظام معا، والقوات الإيرانية، وقوات "حزب الله" والقوات المرتزقة الآتية من العراق، وغيرها من الدول ممن باع ضميره للقتال ضد إرادة الشعب السوري الحر.
 
ما يلفت النظر في سورياأن أمريكا نأت بنفسها عن التدخل العسكري المباشر في سوريا منذ  بدايات الأزمة السورية، خوفا من انهيار المفاوضات النووية مع إيران، وكذلك الامتناع عن إمداد المعارضة السورية بسلاح نوعي يمكنها من الصمود في وجه قوات النظام والطائرات الروسية التي تشير التقارير إلى استخدامها أسلحة فتاكة في قصف مناطق المعارضة السورية، واتباعها سياسة الأرض المحروقة في عمليات القصف، ما أدى إلى استشهاد المئات من أفراد الشعب السوري العزل في مدينة حلب على وجه من الخصوص.  هذا التردد الأمريكي الذي يقابله ضغط عسكري روسي وتشدد في المواقف السياسية عبر عنه المندوب الروسي تشوركين في مجلس الأمن باستحالة التوصل إلى حل سلمي في سوريا يحمل في طياته عنصر المناكفة السياسية والعسكرية الروسية للولايات المتحدة الأمريكية.
 
ليس الغرض هنا مناقشة التردد الأمريكي في التدخل في سوريا عسكريا أو تباكيها على ما يحدث للأرض السورية والشعب السوري وأخر ما ورد في ذلك تصريح الرئيس أوباما بأن ما يحدث في سوريا يفطر القلب، ما دام أن ما يحدث في كل منطقتنا العربية يصب في صالح الكيان الإسرائيلي سياسيا، وعسكريا وأمنيا، وصالح الكيان الإيراني بعيد التوصل إلى الاتفاق النووي مع أمريكا والغرب، والذي يبدو أن أحد شروطه كان بقاء الأسد على كرسي الحكم في سوريا، وحماية الأقلية العلوية في سوريا من أية عمليات انتقام من قوى المعارضة، والمحافظة على المصالح الإيرانية والروسية في الدولة السورية.
 
ما يظهر على السطح، أن روسيا تدفع باتجاه تأزيم الوضع في سوريا بغية الحصول على تنازلات غربية في الملف الأوكراني ورفع العقوبات الاقتصادية والسياسية وغيرها بعد تدخلها في أوكرانيا كما تمت الإشارة إليه. فهل تستخدم روسيا الأسد ورقة مساومة مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجلتغيير الوضع القائم في سوريا، والتوصل إلى حل سلمي فيها.  هذا ما سيبينه المستقبل والأيام القادم، فهل تتخلى روسيا عن الأسد، وتتراجع أمريكا عن موقفها من المسألة الأوكرانية في سبيل الحل المأمول.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد