سَبْعٌ سِمَانٌ في مِهْنَةِ التَعْلِيمْ - اياد صيام‎

mainThumb

04-12-2016 11:22 AM

شهرُ كانونِ الأولِ من كلِّ عام ، تتزاحمُ فيه المناسباتً السعيدةُ ، بين ذكرى ميلاديَ الذي يُمَيِّزُهُ هذا العام بانقضاءِ العَقدِ الثالثِ منه ، نهايةُ العام وفيه يُجرد الحسابُ ، وتبدأُ آمالُ عامٍ جديدٍ بالنموْ ، وشهرٌ يحملُ في طياتهِ الذكرى السنويةَ لنيلِ شرفِ العملِ في مهنةِ التعليم . 
في هذا العام وقبل سبعِ سنواتٍ باشرتُ عمليَ معلماً في وكالةِ الغوثِ وتحديداً في التاسعِ من كانونِ أولِ لعامِ ألفينِ وتسعة . 
 
سبعُ سنواتٍ مضتْ ، حملت في جعبتها الكثير ، نقلتني من حيث أنا إلى حيث أحلم وأريد ، حملتني طيراً يحلق عالياً في سماء مهنة الأنبياء والمرسلين ، فعلاً لقد كانت سبعٌ سِمانْ . 
 
في هذه السنوات تعلمت كيف يحب الشخص عمله ويعمل من أجل التفوق فيه ، وفيها عَلِمْتُ وتعلَّمت أن ليس للإنسان إلا ما سعى ، وأن سعيه سوف يُرى من كل الآخرين . لم تكن أبداً هذه السنوات عجافٌ ، بل جاءت فيما أظن سماناً أكلت ما سبقها من سنوات عجاف عشتها بعيداً عن حُلُمي . كان كل يوم يمر من هذه السبع يأتيني بخبرة جديدة ، وعلاقات سعيدة ، وبذار انثرها في أرض خصبة تزينت للعلم وقالت للمعلم هيت لك . 
 
سمعت في مهنة التعليم الكثير من الكلام ، بين ممجد لها ، وساخط وناقم عليها ، قرأت شعر شوقي حين قال : 
 
قم للمعلم وفِّهِ التبجيلا كاد المعلم ان يكون رسولا
 
وقرأت أيضا رد طوقان عليه : 
 
لو جرب التعليم شوقـي ساعـة لقضى الحيـاة شقـاوة وخمـولا 
 
فلم ألتفت لهذا وذاك ، وقررت أن أصنع لنفسي تجربة كان الكثير قد وضع بصمةً فيها . سبعٌ سمانٌ بكلِّ ما تحملُ هذه العبارةَ من معنىً ، فبعد مضي هذه الأعوام ما زاد القلب إلا تعلقاً بها ، وإيماناً برسالتها ، وحباً ليومياتها التي صدق فيها طوقان حين قال : 
حسـبُ المعلـم غمـةً وكـآبـةً مرأى ( الدفاتر) بكـرة وأصيـلا 
 
سبعٌ سمانٌ ، وحسبيَ أنني اخترت هذا الطريق لنفسي ، ووجدت فيه ذاتي ، وعرفت فيه مرادي . تجولتُ كثيراً بعيداً عن هذه المهنة ، فلم أجدُ لذّةً كالتي وجدتها بمهنة المعلم . شعرتُ بالفخرِ حين كتب الكاتب أحمد حسن الزعبي عنّا ، ووصفنا بِحُماة الحرف ، ابيّضت عيناي فرحاً حين وصف المعلمين بطاهري القلوب ، شامخي الجباه . 
 
في زمن تغيرت فيه الأعراف ، وتبدلت فيه الأحوال ، وتراجعت فيه القيم ، وتقهقرت فيه المبادئ . في زمن أصبح المعلم موظفاً ، وأصبحت الفلوس سيداً ، وتبدلت فيه محبة القلوب كرهاً ، وصفاء النوايا حقداً ، وسلامة الصدر خبثاً . 
 
مع كل ما نراه ونعاينه من مشقةٍ يوميةٍ في هذه المهنة ، إلا أنها منبعُ الحبِّ والعطاء ، نهرٌ فياضٌ بكل خير ، بحرٌ تشرقُ شمسُ الصباحِ عليه كل يومٍ لترسمَ صورةً ساحرةً ينتظرُ المصورون التقاطها ساعاتٍ وساعات . 
 
الآن وبعد انقضاء هذه السنوات ، حان الوقتُ أن أُعلنها مدويةً ، وأقول للجميع كفى ، نعم أعشق عملي و أسعى لإتقانه .


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد