السيد بحر العلوم في حوار مع السوسنة : نأسف لشتمنا على بعض المنابر الأردنية

mainThumb
السيد زيد بحر العلوم

26-02-2017 08:46 AM

عمان - السوسنة  - عبر رجل الدين الشيعي السيد  زيد بحر العلوم عن أسفه من سب مسلمي الشيعة على بعض منابر المساجد الأردنية في خطب الجمعة، ووصفهم بـ "الروافض"، معتبراً ذلك منسجماً مع المؤامرات الخارجية في زيادة الفرقة بين المسلمين .

وقال بحر العلوم في حوار شامل مع صحيفة السوسنة الاردنية على هامش مشاركته في برنامج مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات "كايسيد" الذي عقد في عمان الاسبوع الماضي أنه "يعلم أن خطب بعض الائمة تخالف قرارات وزارة الاوقاف الاردنية ولا تعبر عن الموقف الرسمي الأردني" ، مشيراً الى أنه كما يوجد مُتشنجين لدى السنُة، يوجد مُتشنجين لدى الشيعة، وهذا كله يصب في صالح الانقسام وخدمة المصالح الخارجية التآمرية.

وأشاد بحر العلوم بالاردن ونظامه وشعبه، ووصفه بالبلد المميز والنادر،وملاذ كل العرب الذين تعرضوا للحروب والظلم بغض النظر عن طوائفهم، مشيراً الى أنه زار المملكة أكثر من مرة، وتجول في مُدنها، ولديه أصدقاء كثر من شيعة العراق يعيشون بأمن وسلام دون مضايقات في عمّان.

كما أشاد بحر العلوم بسلطنة عُمان، واعتبرها دولة مماثلة للاردن، في احترام الطوائف والتنوع، مشيراً الى أن الوقت قد حان لدفن الطائفية في البلاد العربية التي غذتها أيادي خفية هدفها تدمير الأمة، ولا بد في نهاية المطاف من تقبل الآخر واحترام المذاهب كافة .

وعبّر بحر العلوم عن  قناعته بأن الصراع بين السُنة والشيعة في أيامنا الحالية يعود الى تضارب المصالح السياسية بين قطبي المنطقة إيران والسعودية، وبالتالي فإن الخلاف  سياسي قبل أن يكون ديني، فجميعنا مسلمون متفقون على الاصول وان اختلفنا بالفروع .

وقال ان :" اختلاف المذهب والاعتقاد لا يعني أن تتولد الفرقه بين السُنة والشيعة، كما يريدها الغرب، خاصة أن هناك جهوداً اميركية سعت وتسعى الى توسيع الفرقة بين السُنة والشيعة "، مشيراً الى ان اركان الاسلام خمسة وهذا أمر مسلم به عند جميع المسلمين بغض النظر عن اتجاهاتهم الدينية والعقائدية، وان هذه القاعدة الجامعة، تنسف فكرة التكفير ونبذ الآخر .

وطرح السيد بحر العلوم مثالا على ذلك، قائلا ": زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان هناك تنوع ديني بين أهل المدينة، ولعل "وثيقة المدينة" خير دليل على ذلك، وتعد دستوراً بين كل التيارات الدينية ، وهدفت إلى تنظيم العلاقة بين جميع طوائف وجماعات المدينة، وعلى رأسها المهاجرين والأنصار والفصائل اليهودية وغيرهم، يتصدى بمقتضاها المسلمون واليهود وجميع الفصائل لأي عدوان خارجي على المدينة.

وعن العراق وأسباب تراجعه ومستقبله في ظل الانقسامات وخطر الارهاب الذي يجتاحه، قال السيد بحر العلوم، أن هناك  ثلاثة مراحل رسمت واقع العراق الحالي، المرحلة الاولى تمثلت في دخول القوات الاميركية الى  العراق عام 2003، التي تحولت فجأة من قوات  محررة الى محتلة.

والمرحلة الثانية أن الاحتلال الاميركي لم يكتف بإسقاط نظام صدام حسين، بل تعمّد الى تخريب وتدمير كل البنية التحتية للعراق، ومؤسساته،وحضارته، وأشعل الفتنة الطائفية في المجتمع العراقي.

المرحلة الثالثة تمثلت في حل الجيش العراقي وتفتيته،واجتثاث البعث، مشيراً الى أن معظم الشعب العراقي كان في حزب البعث، نتيجة الاجبار في ظل نظام صدام، ومن أجل العيش، فكيف يتم اجتثاث طبقة واسعة من الشعب ؟؟!!!

وأوضح أنه كان على سياسي العراق بناء نظام جديد، والعفو عما سلف ايام النظام السابق الا من تلطخت يديه بدماء العراقيين وهؤولاء يمكن محاسبتهم ضمن محاكم وليس على مبدأ شريعة الغاب، مشيراً الى أنه اذا تم تحكيم العقل والعقلاء فان العراق في طريقه للازدهار والصمود من جديد، مبيناً أن اقطاب المنطقة يجيرون صراعهم السياسي على حساب الصراع الطائفي بين السُنة والشيعة.

وفيما يتعلق بالتوغل الايراني في العراق، أكد بحر العلوم  أن  90% من الشيعة العراقيين غير مستعدين للتعامل مع النظام الايراني على حساب بلدهم ، منوهاً الى أن شخصية الدولة العراقية بعد الاحتلال الاميركي كانت ضعيفة في التعامل مع السُنة والشيعة، موضحا أنه من عام  2005 الى عام 2008 كان التعامل صعب جداً مع طرفي الاعتقاد " السُنة والشيعة"، لكن بعد ذلك أصبح هناك تعاون وثيق بين سُنة وشيعة العراق، لمحاربة داعش وخطر الارهاب، حيث اندمج الشيعة والعشائر السُنية تحت مظلة الحشد الشعبي لمحاربة داعش.

وحول الحديث عن المرجعيات الشيعية ، بين بحر العلوم أن الشيعة لا يعتمدون فقط المؤلفات والمراجع الشيعية، بل أنهم يستندون بشكل كبير الى المؤلفات السُنية مثل شرح ابن عقيل وابن مالك وابن عربي وعدد كبير من التفاسير القرآنية السنية.

وبين أن لا خلاف بأن يكون هذا الكتاب لمرجع سُني أو شيعي المهم هو صحة هذه المؤلفات واحتوائها على ما يبني المجتمعات ويصحح أخطائها دون أي فرقة.

وأوضح أن حال المسلمين اليوم متراجع جداً، بسبب الجهل في الدين، وولادة أجيال بعيدة عن الدين، سببها الأول عدم وجود استراتيجيات تربوية وفكرية واعية، موضحاً أنه لا يقبل ابداً ان يطرح سؤالا يتعلق بالاسلام ولا يكون له جواب واضح، لاننا ندعي بأن الاسلام دين له القابلية على الاستمرار على مر العصور الى يوم يبعثون .

أما فيما يخص الأحاديث النبوية الشريفة سندها ومتنها، قال السيد بحر العلوم أن :" للشيعة طريقة مختلفة عن السُنة في اتباع سند ومتن الحديث النبوي وذلك بالاعتماد على المراجع الاربعة وهي: الكافي في الأصول والفروع لثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني ويحتوي هذا الكتاب على 16199 حديثاً.وتهذيب الأحكام— لشيخ الطائفة الطوسي ويحتوي على 13905 حديثاً.والاستبصار— لشيخ الطائفة الطوسي ويحتوي على 5511 حديثاً.ومن لا يحضره الفقيهى— للشيخ الصدوق ويحتوي على 5998 حديثاً".

وأوضح أنه بالرغم من أن هذه المراجع تعد الوجهة الأولى لعلماء المسلمين الشيعة ، غير أنها لا تعامل بقدسية مُطلقة وكاملة، مبيناً أنه ليس من الضروري أن يكون كل سلسلة الرواة من الشيعة لتأكيد صحة الحديث أو عدمه.

وبين أن الجميع يعلم ما قاله أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه - وهو بين أهل السنة : " لولا السنتان لهلك النعمان "، ويريد هنا بالسنتين اللتين صحب فيها الإمام جعفر الصادق لأخذ العلم  ، وقد أخذ العلم والطريقة من الإمام الصادق ومن أبيه الإمام محمد الباقر ومن عمه زيد بن علي بن الحسين رضي الله تعالى عنهم .

أما فيما يخص ما روي من أحاديث عن أبو هريرة رضي الله عنه، تساءل السيد بحر العلوم كيف يعقل أن ينقل أبو هريرة أكثر من خمسة الاف حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو لم يعيش معه الا فترة قصيرة جداً، في حين أنه لم ينقل عن فاطمة الزهراء إلا أربعة أحاديث وهي إبنته وقد عاشت معه فترة طويلة ؟!!.

وحول السب واللعن بين بحر العلوم في حديثه للسوسنة أنه عند اطلاق حكم على أي مجتمع معين لا بد من الاستماع لعقلاء وعلماء هذا المجتمع وليس  لجهاله وعوامه.

واضاف ان :"هناك فرقاً عند الشيعة بين السب واللعن وفي كل من الحالتين فأن المراجع الشيعية المعروفة لا يقبلون بالسب أو اللعن إطلاقاً، مستشهدا بما قاله الامام السيستاني عن الاخوية التي تجمع السُنة مع الشيعة :( لا تقولوا اخواننا السُنة بل قولوا أنفسنا) ".

وحول رمزية العمامة لدى الشيعة بين بحر العلوم أن العمامة السوداء يرتديها من ينحدرون من سلاسة الامام علي بن ابي طالب رضي الله عنه، والعمامة البيضاء من هم من نسب آخر.

يشار الى أن  السيد زيد بحر العلوم طالب علم في مرحلة متقدمة  "البحث الخارج" وهي المرحلة الثالثة والأخيرة في الحوزات العلمية التي ستؤهله للاجتهاد والحصول على  لقب آية الله، ليكون أحد المراجع المهمة للشيعة، ويشغل حالياً مدير قسم الحوار بين الاديان في مركز النجف للثقافة والبحوث في العراق .ومن الجانب الاكاديمي حاصل على البكالوريوس في الفقة والماجستير في الشريعة والعلوم الاسلامية والدكتوراه في في الفكر الاسلامي المعاصر.

ويختم السيد بحر العلوم حديثه للسوسنة  "يوجد في  العراق ما بين 4 مراجع يحملون لقب آية الله"، مبيناً أنه صاحب رسالة، تنبذ الظلم والطغيان، وتدعو للتعاون والاخاء ونبذ الفرقة، ويسعى لملاقاة وجه الكريم بنفس مطمئنة مرتاحة.

 

 






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد