بأيِ ذَنبٍ نُهِكَت ! - رندا حتاملة

mainThumb

18-07-2017 06:13 PM

بعينين بريئتين وقلبٍ صافٍ وأعضاءٍ أنثوية لم تنضج بعد وبمشاعرَ فضولية تحاولُ اكتشافَ الحياة وبطاقةٍ تملؤها الاندفاعية تحاولُ الانطلاقَ للحياة بنقاءِ زهر اللوز وأبعد، كصفحةٍ بيضاء لم تُفَضُ بكارتها بكلمةٍ بعد، تنتظرُ تجاربَ الحياة لتخط عليها خبرة ً تُعينها على معترك الحياة وعندما نقول : خبرة نعني بها حصيلة التجارب التي تمر بها الأنثى خلال سنوات حياتها.
 
و بحسب علماء النفس والإجتماع يبدأ تشكل هذه الخبرة  بعد سن الثامنة عشرة بعد اكتمال جسدها بيولوجيا ولا يتحقق الاكتمال إلا بدخولها سن الثامنة عشرة هذا على الصعيد الجسدي أي أن العلماء يجمعون بأنها دون هذا السن تظل ضمن مرحلة الطفولة أو الأدق ضمن مرحلة المراهقة والتغيرات البيولوجية غير المستقرة ، وما دون تلك المرحلة تظلُ الأنثى طفلةً بوعيها وبقدرتها على اتخاذ القرار وإدراكها  لشؤون الحياة، في هذه الأثناء يأتي مشرّع غير مسؤول ويقرُ قراراً كارثياً ويسمح لمن بلغت خمسة عشرة عاماً بالزواج وكأنها تملك المقدرة والوعي الكامل لاتخاذ قراراً مصيرياً اسمه الزواج !
 
الأردن الدولة الحضارية  ومشروع الدولة المدنية التي سبقت الدول العربية بمئات الخطوات تجاه حماية حقوق المرأة وتحريرها تعودُ بهذا القرار مجدداً للأيديولوجية المتأسلِمة ، يأتي هذا القرار مفاجئةً لا مبرر لها في الوقت الذي تم إعادة النظر بقانون 308 الذي يقضي بتزويج المغتصب من الفتاة التي اغتصبها وإعفائه من العقوبة حمايةً للفتاة وردعاً للمغتصب ، لكن من يحميها اليوم ممن سينتهكون طفولتها بغطاءٍ شرعي وبحصانةٍ قانونية! وفي الوقت الذي يتم به تطبيق بنود معاهدة سيداو دعماً لحرية الأنثى الأردنية.
 
 أيُ تناقضٍ تعيشه التشريعاتُ الأردنية ومن هي قوى الشدّ العكسي المستفيدة من قرار يُعيدُنا ألفَ سنةٍ ضوئية للخلف، في الوقت الذي ينادي به المُتشدَقون للإصلاح بتأهيل الشباب ودعمهم وتنمية قدراتهم وصقل شخصياتهم لأجل الاستفادة من طاقاتهم الشبابية الكامنة في بناء الوطن يأتي قرار السماح بزواجهم إناثاً وذكوراً في الوقت الذي تتفاقم فيه مشكلات الحياة وتزداد البِطالة ويزدادُ غلاء المعيشة وتزداد نسب الطلاق للمتزوجين دون سن الثامنة عشرة بحسب الإحصائيات الأخيرة لدائرة قاضي القضاة .
 
هل يُختزل الزواج بمجرد إنتقال نفقة الفتاة ومعيشتها من منزل أهلها إلى زوجها دون أن تمر هي بمرحلة تصنع قرارها بنفسها ! 
 
لماذا هذا القرار في هذا الوقت تحديداً ؟ هل يأتي لتحريك ركوداً ساد بين التيارين الإسلامي والليبرالي؟ هل يأتي ليحقق نوعاً من الترويج السياحي للأردن بتزويج القاصرات لمن يرغب من الأثرياء الراغبين بالسياحة الجنسية على الطريقة الشرعية ؟
 
إنه انتهاكٌ بصِبغةٍ شرعية  إنه قانونٌ  لا يحترم البراءة ولا يحترم الأنثى الأردنية والرجل الأردني فكلاهما وصل من الثقافة والرقي والعقلانية مايجعلهُ يترفع عن موضوعاتلا تليق وفكره الراقي ولا تليق بأنثاه التي تجاوزت العنان بإنجازاتها وطموحاتها .
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد