الشريعة أولى بالجامعيين - د. جمال أبو زايد

mainThumb

23-09-2017 09:56 AM

 الأردن بلد إسلامي عريق، يحمل أهله هم الأمة الإسلامية ونشر الدين العظيم بأساليب حضارية وعلمية مشرفة، ولازالت جامعاته تمثل قبلة لطلبة العلم الشرعي من جميع أنحاء العالم. 

لكن ومنذ اتخاذ القرار الخاص برفع معدلات القبول لطلبة كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، اهتزت هذه الصورة المشرقة وتمخضت عن هذا القرار مجموعة من المخاطر التي تهدد سلامة المجتمع الأردني العقدية والأمنية والأخلاقية. 
 
وبعيدا عن المقدمات الإنشائية نوجز هنا أهم هذه المخاطر في الآتي:
 
أولا: نشر التطرف، فالجامعات الأردنية كانت ولا زالت منابر للوسطية والاعتدال، وإخراج طلبة العلم الشرعي من حوزتها إلى حوزات تفتقر للانضباط والوسطية، مما يجعلهم فريسة سهلة للتطرف، فالضمآن يقبل أي شيء ليسد ضمأه، والأجدى أن نفكر في تحسين مستوى من يرغب بدراسة الشريعة بسنة تحضيرية أو مواد استدراكية تعوض تدني معدلهم بدلا من إغلاق الأبواب أمام طموحاتهم. 
 
ثانيا: الافتقار لأصول تلقي العلم الشرعي ونشره، لأن المساقات الشرعية التي تدرس في الجامعات الأردنية توفر منظومة لا بأس بها من الأصول والآداب والإرشادات المنهجية التي تنظم أفكار طلبة العلم وسلوكياتهم، وتبني فيهم أصول الفتوى والاجتهاد، وإفراغ الجامعات من طلبة العلم الشرعي يهوي بهم نحو الغوغائية في تلقي العلوم وإصدار الفتاوى، والبناء على الجهل، والتغول في تصنيف الناس. 
 
ثالثا: تفاقم مشكلة نقص الأئمة الجامعيين في المساجد، مما جعل المحاريب والمنابر لغير أهلها، وكثيرا ما يتصدى للإمامة من لا يحسن قراءة الفاتحة، ويخطب فيهم من يعذب اللغة العربية ويمزقها كل ممزق، وإذا كانت مساجدنا تعاني من نقص الأئمة قبل صدور هذا القرار، فما القول بعد صدوره. 
 
رابعا: نقص عدد مدرسي التربية الإسلامية والاضطرار لتعويض النقص بإساليب غير حضارية أو استراتيجية كتكليف غير المتخصصين بتدريسها أو اللجوء إلى مدرسين غير أردنيين او جعلها ضمن المواد الاختيارية، وربما نضطر لإلغائها في نهاية الطريق. 
 
وإذا كنا نسعى للمواءمة بين مخرجات التعليم ومتطلبات السوق، فهنا يأتي الحديث عن سد احتياجات السوق من خلال توفيرها والجامعات قادرة على ذلك من خلال إصلاح مكامن الضعف ومعالجة الخلل.  
 
وختاما هذا غيض من فيض لمجموعة كبيرة من المخاطر التي تحيط بالمجتمع الأردني نتيجة لرفع معدلات القبول في كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، وإذا كنا جادين في البحث عن حلول واقعية، لنوجه بوصلتنا نحو فلذة الأكباد بعد دخول الجامعة، فالقدرة على الإصلاح والارتقاء أكبر لأنهم أصبحوا أكثر نضجا وتقبلا. 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد