كيف حلل ابراهيم الغرايبة ظاهرة التطرف؟؟ - تهاني روحي

mainThumb

13-10-2018 08:25 PM

يعتبر كتاب (التطرف) والذي صدر حديثا عن دار سيرين للنشر والتوزيع ، موسوعة فكرية تقدم كل شيىء حول التطرف، فكرا وايدولوجيا وطريقة للتنفيذ. واعتتبر ابراهيم غرايبة مؤلف الكتاب أن التطرف هو نتاج أزمة الخطاب الديني السائد وهو ما يستدعي تغيير المنظومة الدينية  لسحب البساط من تحت أقدام المتطرفين. كما أن تكريس مبدأ التعددية في الفهم سيحرر الدين من التوظيف السياسي للصراع بين الدول والجماعات والذي في جوهره صراع على السلطة؛ أي تحويل الدين من عنصر تفريق إلى عنصر توحيد باعتباره موردا اجتماعيا و روحيا للمجتمعات.ويتسائل الكاتب ان كان من ثمة فرص لمواجهة التطرف وتخفيف الحقد والكراهية؟ واخذ مثال ابومحمد المقدسي الذي اطلق سراحه بعد تصريحات واقوال له، ومن ثم اعيد سجنه وخلق مشروع تطرف من جديد. وهذا ينطبق على العديد من الاشخاص ولربما لو اتيحت لبعضهم الفرصة للعمل والاستقرار في الأردن لتحوّل كأي مواطن عادي كما في حالة أبومصعب الزرقاوي تحديدا.
 
ويعود غرايبة ليتسائل من جديد عن غياب مادة الفلسفة في التدريس حيث تنشا الفلسفة حول السؤال، بينما التدين ينشأ حول الخوف، وهو ما يؤكد بأنه يجب السماح للشباب مثلا ان يوجهوا اسئلة خارج الاطار لان التفكير والبحث والشك يؤدي الى الايقان في النهاية. وهنا يؤكد ابراهيم الغرايبة بأننا نحتاج الى جعل الدين وتعليمه وفهمه وتطبيقه يأتي في سياق منسجم مع الضمير وايمانه ويتفق ايضا مع اهداف الدوله والمجتمع.وقد عدد بعضا من التحديات التي تواجه التعليم الديني، وهي تنطبق أيضا على معظم الدول العربية ومنها، صعوبة وان لم تكن استحالة استيعاب التعددية المذهبية والاتجاهات الفردية والاجتماعية المختلفة في فهم الدين وتطبيقه وغيرها الكثير.ويتدرج الكتاب ما بين التطرف بمنظور شبكي الى ازمة الخطاب الديني السائد مرورا بأنسنة هذا الخطاب ومن ثم يبحث غرايبة بعمق جميل لقيم الصداقة والارتقاء بالذات في مواجهة الكراهية. وبالفعل فان هذا الفصل بالذات،استوقفني عدة مرات حيث يجعلك تتعرف على الاساليب التي يمكن الارتقاء بالذات وتحريرها في مواجهة الخواء والكراهية وهو اشد ما نحتاجه في مجتمعنا حاليا. 
 
ويعود الغرايبة ويطرح عدة تساؤلات : هل نعترف بالفعل بالمخزون الهائل من الكراهية التي تجتاحنا كافراد ومجتمعات؟؟ وهل فعلنا ما يكفي لمواجهتها؟ أم اننا نعزز الكراهية ونزيدها صلابة؟؟؟ وكيف نسنطيع أن نميز بين الارهابي وغيره؟ وكيف يمكن للغرب حتىأن يميز ما بين المسلم المعتدل والمتطرف؟؟ وكثير من الاسئلهالتي تركتها ابراهيم الغرايبة للقارىء لأن يتمعن بها، ليفهم بالتدريج هذه الظاهرة باسلوب سلس وبموضوعية راقية جدا قلما نجدها في الكتاب العرب.
 
انها دعوة من الغرايبة لأن نحلل الواقع ، كل في فضاءه ومحيطه وبدعوة لنا بالمبادرة . فلا يمكن مواجهة الارهاب من غير بناء اجتماعي يرفض ثقافة الكراهية والتي تغلغلت في مجتمعاتنا وعلى جميع المستويات .. كما لا يجب التقليل من خطورة العنف والسلوك السائد خاصة ضد المستضعفين والمهمشين والاطفال ما يتعرضوا له يوميا من عنف لفظي وجسدي وجنسي واستقواء وتنمر. فهم الجيل الذي نعول عليه ان كنا نريد اجتثاث هذه الظاهرة من جذورها.
 
قد يحتاج هذا الكتاب لسلسة من القراءات، فمن المجحف أن نختزل صفحاته ال 478 في قراءة واحدة سريعه، فكان من الأجدر به أن يقسم الكتاب الى ثلاثة مؤلفات، ينتقي منها القارىء ما يحب أن يقرأه ويحلله. انها دعوة الى قراءة هذا الكتاب القيم ، اختتم ما قاله مؤلفه في حفل الاشهار: " أن الدول العربية الحديثة اقتبست النموذج الغربي في التحديث، ولكنه تحديث منفصل عن شروطه، ولم يكن من الممكن حماية هذا التحديث إلا بمنظومة اجتماعية وثقافية جديدة ملائمة من المجتمعات التي تجد المعنى في الارتقاء بنفسها وحريتها، فلا يمكن أن يذهب الناشئة إلى المدارس والجامعات ويتواصلون مع العالم ويعرفون كل شيء، ثم تواصل النخب السياسية والاجتماعية وهمها بالقدرة على السيطرة ومواصلة الاحتكار والامتيازات ورفض المشاركة والحريات والمساواة".
 
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد