ثقوب في جدار الشرعية اليمنية والتحالف العربي -عبدالواسع الفاتكي

mainThumb

20-11-2018 01:37 AM

  عندما تدخل التحالف العربي في اليمن ، بقيادة المملكة العربية السعودية ، في 25 مارس 2015م ؛ لاستعادة الدولة اليمنية المنقلب عليها ، حظي باصطفاف رسمي وسياسي ومجتمعي منقطع النظير ، قل تدريجيا مع مرور الوقت؛  نتيجة إدارة الرياض وأبوظبي للملف اليمني، باستخدام سياسة اللون الرمادي ، كطريقة احتواء مرن لأطرافه، تناقض تماما الأهداف المعلنة من تدخل التحالف ، ناهيك عن استراتيجية التنبؤ بالمخاطر والوقاية منها، التي تعد أقل تكلفة من تكلفة العلاج ، ففاتورة دعم السلطة الانتقالية التوافقية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي ، والحيلولة دون انقلاب تحالف الرئيس السابق علي عبدالله صالح والحوثيين ، كانت أقل بكثير من الفاتورة التي يدفعها اليمنيون والخليجيون ؛ لمعالجة تبعات الانقلاب الداخلية والإقليمية والدولية،  وإعادة الوضع اليمني لمساره الصحيح .

 
 
صرف التحالف العربي نظره عن إسناد الشرعية اليمنية ، وتدعيم سلطتها على الأرض، ولملمة كل القوى المناهضة للانقلاب تحت كنفها ، وتوفير بيئة آمنة ، تمكنها من بقائها في الداخل ، متجها نحو خلق واقع ، يتسم بفوضى عائمة وأزمات متفاعلة ، عبر إضعافه للسلطة الشرعية ، برعايته تشكيل قوى عسكرية وأمنية لا متناظرة ، دون تنسيق مع الشرعية ، ولا تخضع لها، تملأ الفراغ الناجم من إضعافها ، متغذية على ثقافة مليشياوية ومناطقية ، يوظفها تجار الأمن ومرتزقة السياسة؛  لتمزيق الجسد اليمني، حفاظا على مصالحهم الذاتية ، وتحقيقا لرغبات مموليهم ، فألوية حراس الجمهورية المشاركة في تحرير الساحل الغربي ، مازال قائدها طارق محمد عبدالله صالح ، لم يعلن اعترافه بالسلطة الشرعية ، ممثلة بالرئيس هادي ، وهناك وحدات عسكرية قادتها ينتمون للتيار السلفي ، وإن كانوا يدينون بالولاء لرأس الشرعية الرئيس اليمني ، إلأ أن لديهم مواقف من وحدات عسكرية أخرى ، تقاتل الحوثيين مصنفة في نظرهم ونظر التحالف، بأن لتيار سياسي مساند للشرعية تأثيرا كبيرا عليها ، والحراك الجنوبي الانفصالي والأحزمة الأمنية والألوية العسكرية المساندة له، ما كان له أن يبسط سيطرته على جل المحافظات الجنوبية، ويمنع السلطة الشرعية رئاسة وحكومة من ممارسة أعمالها ، لولا رضى وقبول التحالف للدور الذي يؤديه . 
 
 
لم يمكن التحالف الشرعية اليمنية من إدارة المناطق المحررة عسكريا واقتصاديا ، فحتى الوقت الراهن مازالت الشرعية غير قادرة على إعادة تصدير النفط والغاز ، ولا تبسط سيطرتها الفعلية على الموانئ الجوية والبحرية ، كما أن التحالف في أحيان كثيرة ، يتجاوز الأطر والهياكل الرسمية للشرعية ، داعما قوى عسكرية وسياسية وقبلية ، دعما ليس مرهون بمدى تفانيها في مقارعة الانقلاب ، بقدر انسجامها مع توجهات وتصورات التحالف للمشهد اليمني ، الأمر الذي حرف مسار تلك القوى ، من مؤازرة الشرعية في تطبيع الحياة في المناطق المحررة ، إلى تمددها على حساب الدولة والوطن ، ملقية بظلالها على استقرار المجتمع اليمني ، عابرة لكل القيم والأواصر الوطنية الجامعة لكل اليمنيين .
 
 
تركت الشرعية اليمنية  الملعب مفتوحا أمام التحالف العربي ، وانتقلت لدكة البدلاء ، ولأنها ضعيفة ، أو هكذا يراد لها أن تكون ، غدونا نشهد انكفاء الدولة والشرعية اليمنية ، أمام التحالف العربي ، بل أمام الأحزاب السياسية اليمنية المنضوية تحتها ، وهو ما دفع بالتحالف لتكثيف لقاءاته ومباحثاته ، مع قادة تلك الأحزاب بشكل مباشر ، وبدلا من أن تضغط الأحزاب على الشرعية ؛ لتصويب مسارها مع التحالف ، انشغلت بالتنافس على الاستحواذ على كعكة المؤسسات ، بينها وبين المتواطئين معها سياسيا واقتصاديا ، ناقلة انحرافاتها لها ، مهمشة كل الكفاءات النشيطة التي شكلت استثناء في هذه الأحزاب ، ونشازا في نظرها ؛ لأنها تقول ما يجب أن يقال ، ولا ننسى الإشارة للفساد المهول المستشري في الأجهزة الحكومية ؛ لغياب الدور الرقابي والمحاسبي ، الناجم من الشلل شبه التام لمؤسسات الدولة الشرعية ، فضلا عن أن التعيينات المدنية والعسكرية ، غير مرتبطة في أغلبها بمعايير الكفاءة والنزاهة ، بقدر ارتباطها بظروف الوضع الراهن وتوازناته وحسابات التحالف . 
 
 
لن ينسى اليمنيون للتحالف العربي وقوفه إلى جانبهم، وتلبية نداء الأخوة والمصير المشترك ، كما يؤمن اليمنيون ، بأن اليمن ودول الخليج العربي وحدة جغرافية واحدة ، ذات مصالح مشتركة ، ووشائج اجتماعية وثقافية مترابطة ، تفرض ضرورة ملحة ، توقف التلكؤ والترهل والهشاشة والتضارب ، في معركة استعادة الدولة اليمنية وإسقاط الانقلاب ، في ظل جهود المجتمع الدولي الرامية لإنهاء الحرب ، بصياغة حل لا يستأصل الداء ، يخفف من أعراضه فقط ؛ ليظهر مجددا متى استكملت شروطه وظروفه.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد