أنزلوا الناس منازلهم - د. علي منعم محمد القضاة

mainThumb

17-05-2019 05:25 PM

أعتقد أن مجموع من كتب عن موضوع النائب السابق هند حاكم الفايز، أكبر بكثير من المبلغ الذي أفرج به عنها، ولعل تكرار الكتابة في موضوعها لا يأتي بالجديد الخارق عن العادة. شبه إجماع من الأردنيين وخاصة المعلقين أن طريقة القبض عليها لا تعكس أي نوع من أنواع الحضارة في التعامل مع الناس، فضلاً عن أنها إنسانة معروفة لكل أردني، أباً عن جد. وأنه هذا لا يعني أنها فوق القانون وهي لا تقبل أن تكون ولا أي شخص يبحث عن الإصلاح في هذا البلد.
 
ولعله اشد أنواع الغباء أن يقال إن ما جرى كان بشكل صدفة لدورية من رجال التنفيذ القضائي، لأنهم يعملون ضمن نظام كمبيوتر، ولا تكون الدوريات في العادة الا على الطرق الخارجية غالباً، ولم نشاهد - أو على الأقل لم أشاهد أنا شخصياً- دورية على الطرق الخارجية فيها من بناتنا الشرطة النسائية في سلك الأمن العام على الإطلاق؛ حيث تقوم الدورية بتوقيف معظم المارة للبحث عن المطلوبين، أو على الأقل الطلب منهم تخفيف السرعة إلى حد التوقف، وتكون بأيديهم أوراق أو وريقات مكتوب عليها أرقام السيارات المطلوبة، وبمنتهى الأدب يتحدثون مع الشخص المعني (لو سمحت أنت مطلوب تفضل معنا)، حصلت مع أكثر من صديق أو قريب، وأنا هنا لست بصدد الدفاع عنهم ولا أؤمن بما فعلوه في الفيديو، ولا أتفق معه، واعتبرها طريقة غير حضارية بكل ما في الكلمة من معنى. ولو كان النظام معطل لما استوقفوها، أو وقفوها، ولما كان معهم من مرتبات الشرطة النسائية، ولذلك لو كان النظام الآلي (السيستم) متعطل لما عرفوا بها، ولما تم اعتقالها بطريقة مهينة، ثم إن مكان الاعتقال وطريقته تقول إن الحكومة غير رشيدة على الإطلاق بهذه الطريقة، سواء أكان المعني وزير العدل، أم وزير الداخلية، أم أية جهة أخرى.
 
كنت يوماً ما، قبل أكثر من عقد من الزمن أزور مديرية التنفيذ القضائي في بعض دراساتي، وأجلس في مكتب المدير؛ وإذا بأحد الصحفيين المعروفين في الأردن يدخل ويلقي السلام، ثم يشكر المدير على ما فعل معه، وعلى الطريقة التي احترمه بها، لأن الصحفي كان مطلوباً للتنفيذ القضائي بقضايا نشر على ما أظن ولكنه مطلوب. لم يرسل له المدير دورية تقتاده، ولا ألقى عليه القبض على مرأى ومسمع من الناس، بل كل ما فعله أن أرسل له أحد مرتباته، صباحاً قبل أن يخرج من بيته، وعند خروجه أخبره أنك شخص مطلوب ويجب حضورك إلينا، ولا نريد أن نأخذك مغفوراً أنت انس معروف ومحترم، فما كان من هذا الزميل إلا حضر شاكراً حامداً.
 
ما أريد قوله أنه لا يمكن أن يصدر الحكم القضائي ويتم إدخاله إلى الحواسيب بلحظات، ويتم تعميه في ساعة أو سويعات، وتكون جاهزة كل هذه الطواقم في حي سكني مأهول، وشارع مطروق، لم يكن المقصود إلا الإساءة للشخص المطلوب، والتقليل من شأنها وشأن من تمثل، وهي تمثل الصوت الحر في الأردن.
 
أكرر القول أنها لم تكن مطلوبة على قضية فساد، ولا قضية أخلاقية لا سمح الله، ضريبة المسقفات والعقارات حق للدولة رغم أنوفنا– إن كان ما يقال صحيح أنه تأخر بدفع ضريبة المسقفات- هذه الضريبة مطلوبة ربما من ما يزيد عن ثلثي الأردنيين، والحكومة في كل عام تمدد وتجدد فترة الإعفاءات للمتأخرين عن الدفع، فلماذا ضاق صدر الحكومة برسوم مسقفات، هند حاكم الفايز،  فألقت القبض عليها بهذه الطريقة الفجة المستفزة لكل إنسان حر شريف.
 
الرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا أن ننزل الناس منازلهم، وعندما خاطب المقوقس؛ خاطبه ب عظيم القبط،، وعندما فتح مكة  أعلن أنه من دخل دار أبو سفيان فهو آمن. إنزال الناس منازلهم، لا يعني بحال أني يأخذوا ما لا يستحقون، ولا أن يتطاولوا على غيرهم بما لا يليق، وهي لم تفعل بحسب الفيديو المسرب.
 
نعم أقيموا العدل فينا 
ولكن أنزلوا الناس منازلهم
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد