إضراب عن القراءة - د.محمد جنيد الوقفي

mainThumb

15-01-2020 11:22 PM

 سأبدأ غدًا إضرابًا عامًا وشاملًا ومفتوحًا عن القراءة، وسيشمل إضرابي قراءة الروايات والقصص والمجلات والصحف الورقية والإلكترونية والمقالات الأدبية والعلمية والفلسفية، ومنشورات (الفيس) ورسائل (الواتس)؛ الصباحية والمسائية والكتب بعمومها وأشكالها وبأنواعها.
 
    أنا جادٌ في ذلك, وتأكَّدوا بأنَّ إضرابي سيكون ضروسًا, وواسع النطاق, ولن أستجيب لأيّ نداءٍ أو مناشدة من أحد، حتى تعود للكتابة ألقها وللجملة رونقها وللكلمة معناها، ويعود للقلم دوره المفقود، وللكاتب أفكاره المعهودة.
 
     ولن أتراجع مادام  نصف ما قرأته غامضًا مع وضوح المرحلة ، ونصف ما فهمته واضحًا مع غموض المرحلة.
 
     فالصحف اليومية مشغولة بأخبار لاعبي كرة القدم  وممثلات اعتزلن الفن، ودعوة للرحلات السياحية، والعالم يتحدّث عن فوضى في الشرق والغرب، وتغيُّر في مراكز القوى، واتفاقيات هنا وهناك. والمجلات مشغولة أيضًا بمساحيق التجميل وأعشاب التنحيف وطلاء الأظافر، والعالم يتحدَّث عن( الهوفر بورد). والمقالات غدتْ مصفوفات  من مفردات لغوية خرساء، الصمتُ أبلغ منها،  ومنشورات (الفيس والواتس) عبارة عن كوارث طبيعية  وورشات في الأخلاق المفقودة، وبعضها أمْزجة  تبدأ من التغزُّل بنكهة القهوة أو مذاق الشاي  وتنتهي باستعراض  أطباق اللحوم والمحاشي أو تناول (الهمبرغر) في (مكدونالدز)، والعالم يتحدَّث عن شاحن (البلوتوث) ، والذكاء الاصطناعي - لا فرق-!!. 
 
    وأنا على يقين تامٍ  بأنَّ إضرابي هذا لن يلتفت إليه أحد؛ لا منظمة حقوق الإنسان، ولا منظمة الصحة العالمية ولا منظمات العالم مجتمعة ، فهو لن يؤدي إلى جروح أو نحول في الجسد، أو تدهور في الحالة الصحية أو وعكة صحية. لكنه في المقابل قد يستعطف مَن يحافظ على سلامة عقله قبل جسده، ونمو فكْره قبل عُمْره, ومن قدَّم لذَّة القراءة على لذَّة الطعام.
 
 وسأبقى هكذا، ولن أتنازل عن إضرابي ،،، ولكن سأقرأ الرماد وأنفخ فيه شهيقًا وزفيرًا، فما زالتْ هناك جمرة تومض فيه .    
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد