إلى متى .. ؟

mainThumb

30-08-2020 11:50 PM

في الوقت الذي كان يتجول باص بلدتي الجميلة "الحصن" بين ازقتها وشوارعها باحثاً عن ركاب، خوفاً من الذهاب إلى مجمع اربد فارغاً،بما سيتكبل من خسارة قد يتحملها وحده، يبدو على السائق التذمر منزعجاً ويتكلم بصوت مسموع" وين راحت الناس ؟" ما تطلع من بيوتها ؟ "هسا الناس بطلت تعجبها مشاوير لأربد ؟؟ " .
ومن ثم يرى شخص يسير على الشارع الذي يبعد كثيراً عن الخط العام "شارع الرئيسي" فيذهب إليه مسرعاً كأنه يرى كنزاً مع تشغيل الزامور الطويل لتسمعه كل الحارة ويزعجها لدرجة اهل الحارة حفظت من هو السائق " الشوفير " وتقول" هو هذا ما غيره؟" باسمه وكنيته وانه يبحث كالعادة عن ركاب وأنه وصل لحد انه قد فقد صبره او " استفلس " ولم يبق عنده أمل وأن الأمل منصب في هذا الرجل الذي سيملأ ذلك الكرسي الذي ينظر اليه من خلال مرآة الباص كل دقيقة ليتفاجأ في رفض هذا الشخص بالركوب بالباص ليقول له "يا رجل بدك توديني على اربد بالغصب؟" .

وفي موقف آخر توجهت الى أحد المراكز الصحيّة الحكومية وقلت في نفسي بما أنني أملك تأمين صحي لماذا لا استفيد منه وأن كل شهر الدولة تقتطع من ذلك الراتب مبلغ بدل تأمين صحي ،فاستقبلني طبيب أكثر من رائع ليسألني " شو وجعك يا اختي "ابتسمت وتذكرت ذلك الوجع بحجم الوطن الذي شككني أن الألم قد يكون سببه في إذني أو في رقبتي ويظهر بالنهاية أنها "طاحونة العقل " التي تتربص بآخر سن من فكي السفلي يشبه ذلك الفاسد الذي في وطني الذي يتجمل بالمقدمة ويعمل بالسر ويألم الوطن ليضيع مصدره ألمه، المهم على صعيد الشخصي وجدنا مصدر الألم وأن الحل هو " خلع الطاحونة" وأي طاحونة أنها طاحونة " العقل " واتفاجأ بنصيحة من ذلك الطبيب الصريح جدا و بأسلوب الفكاهة قال لي :"بما أنه عندك تأمين صحي وبتقتطع الدولة من هالراتب بتروحي على ذلك المستشفى "بدون ذكر أسمه" لأن مركزنا ليس عنده امكانيات لخلع ذلك السن ، "وقبل ما تذهبي يا اختي لكي مني النصحية" و بعد صمت دقيقتين قال " اكتبي يا اختي "وصيتك " وخلي الشهود يوقعوا عليها و ودعي أهلك كوداع السفر وانا طبعا أفهم ما يعني ،ودعا لي أن اقوم بالسلامة بعد خلع السن ونراكي على خير باذن الله فتقبلت النصيحة وانا أبتسم وقلت يمكن معه حق .

وفي حادثه أخيرة حينما ذهبت لشراء بعض الخضروات أقتربت من بائع الباذنجان "العجمي" واردت أن آخذ واحده فقط وكان حجمها كبير بعض الشيء لكن استغربت بأنه وضع حبيتين في الكيس ووزنهم معاً وانا اتفرج لأقول له " يا عمي ما أنا بدي وحده نظر لي وقال ما حدا احسن منك خذي ثنتين وحده للمقلوبة ووحدة للمتبل " طبعا بسعر الثنتين وقبلت الثنتين وبكل سرور .

من هنا علمت أننا في مرحلة "الاستفلاس " أي أننا قد اصبحنا بمرحلة اليأس القصوى التي وصفها المطرب "صباح فخري "جدول لا ماء فيه " وأن حجم التذمر زاد عن تصور سائق الباص "الشوفير " وعن حالة عدم الثقة بالمستشفيات الحكومية بالرغم أن الناصح يعتبر زميل وطبيب ،وعدم انتظار لذلك البائع لمشتري آخر ليأخذ حبة بيتنجانه لأخذها أنا خجلاً بسبب وقف الحال وتعسر البيع .
إلى متى هذا الحال ...إلى متى ؟



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد