متعلقين بقشة

mainThumb

09-09-2020 09:35 AM

في كل يوم اقف امام تلك الرزنامة كغيري من الناس التي لم يبقى منها أوراق كثيرة لأقطع منها ورقة وأرميها في سلة المهملاة وكأنني تخلصت من هم كبير كان على عاتقي ويوم مرّ بسلام ،واتأكد بعدها من تاريخ اليوم التالي لأستعد له واقرأ المكتوب الذي على خلفها من الحكم و المواعظ وربما اجد شيء من توقعات الأبراج تحت ما يسمى حظك اليوم لأقرأ حظي وابتسم واعود أقول في نفسي لو كان يدرك صاحب المطبعة التي طبع تلك الرزنامة أن مصيرها في المهملاة ورقة تلك الأخرى ما كان قد خسر من وقته ليبحث للناس عن حكم وحظوظ ترضيهم .

وانا كمواطنة اشبه هذا الشعب الطيب والبسيط الذي انتمي له الذي فيه العكسري والمدرس والطبيب وغيرهم من فئات الشعب، وكما قال المثل "الغريق بتعلق بقشة" ونحن نبحث عن أمل في طيات الزمن لنجد ما يهمنا هو كيفية أن نصرف اوراق الشهر من تلك الرزنامة لتمضي الأيام بسرعة لنفرح في بداية الشهر باستلام الراتب ونسعد بمتعة اول عشر ايام حينما تملئ الخمسينات والعشرات والعشرينات تلك المحفظة لأجد الجميع يهلل ويرحب بي لدرجة إني أشعر بأن المحلات التجارية مفتوحة لأجلي والمطاعم ايضاً والتكاسي تكثر امامي واجد الشوارع مزدحمة بالناس والسيارات، وتكثر البضاعة المعروضة على البسطات و العروض التجارية في اسواق التموينية والبضائع تكدس لأجلي وأجل الناس لتشتري ، وكل ما يلفت نظري أيضا أن الأسواق في بداية كل شهر "اي في وقت نزول الراتب" تتغير نفسيات الباعة واجدهم مبتسمين ينتظرون الزبائن كما ينتظروا يوم العيد ليعود رب الأسرة صاحب الراتب لمنزله محمل بأكياس من الخضرة والفواكة والحلويات والملابس ، وبعدها وبكل أسف تتناقص كل يوم تدريجياً محتوى المحفظة من اوراق النقدية لتستبدل الخمسينات والعشرات والعشرينات بالخماسات وبعض الدنانير ونصف الدينار واخر ما يبقى هو العشر قروش والشلن لأن تنتهي المحفظة بلا شيء إلا بعض من وصولات الفواتير الكهرباء والماء المدفوعة ،و بعدها أشعر بكساد الاسواق و بعدم الترحاب وتذمر التجار وتبدوا الكشرة معلنة مرحلة "الطفر والملل " وعلى أثرها تتراكم الديون والفواتير وخلو الشوارع من الناس والسيارات والحركة التجارية، وأيضاً وجدت من يشاركني بالشعور حينما يقف منتظراً يتأمل الصراف الآلي بشغف وهو يسحب مبلغ من المال كان يعتقد أنه سيوفره للمستقبل تحت بند الأدخار وخاب أمله في اللحظة الأخيرة.

حينما نجد أنفسنا أننا نرضخ لذلك الراتب المحدود الذي يشكل قيد لحياتنا اليومية وفيه الخط الأحمر الذي لا يرغب بتجاوزه لحتى لا ندخل اسمائنا في دفاتر الديون المتراكمة .
هذا ما يملكة الموظف في قطاع العام والخاص ،وصدقا اقتصاديا نحن كمواطنين من يرفد الأسواق ونحن من يحرك عجلة الاقتصاد فما بال اذا ذهب الراتب كله في قسط المدرسي والجامعي من باب الاستغلال بحجة التعليم ،وعليه هناك من يخلق ازمة مالية لأجل قطاع التعليم ينتعش بالمقابل يقف قطاع التجاري بكامله مكتوف الأيدي لأن ينتهي شهر دفع الاقساط المدرسية ليأخذ فرصته ،علماً بأن هناك من قام بالاستغناء عن بعض المشتريات لأبنائه الطلبة لأجل أن تمرر اقساط المدرسية .

نحن نبحث عن قشة نجاة في منأة وحينما نجد الحل نكسر القشة بلا رحمة والقشة هو ذلك الراتب ونحن بمختصر المفيد الطرف الوحيد المستغل مادياً بكل أسف ويتكرر هذا بكل شهر



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد