لعبة عض الأصابع بين طهران وواشنطن حول الاتفاق النووي .. فمن يترك أولاً؟

mainThumb

12-02-2021 08:37 PM

الاتفاق النووي الإيراني بات على محك الاختبار.. وقد سعت الأطراف المتحالفة لإخضاع الموقف الإيراني؛ وكان من الطبيعي أن تستقر المعايير على "العدالة" وفق رؤية القوي المتمثل بأمريكا ودول الاتحاد الأوروبي. وحينما لوح الرئيس الأمريكي السابق دوناند ترامب بالعصا الغليظة ضد إيران، وثبوت عزمه على ضربها؛ بدلالة ذلك الحشد العسكري الأمريكي الأضخم في الخليج العربي قبالة السواحل الإيرانية، ناهيك عن ضم الكيان الإسرائيلي إلى القيادة الوسطى للجيش الأمريكي لبناء جبهة مباشرة ضد إيران.. وعليه فإن الموقف الإيراني حينذاك أنهك تماماً، حتى شارف على الانقلاب على نفسه بقبول أحد الخيارين:

فإما المواجهة أو الرضوخ والعودة إلى المفاوضات بشروطها الترامبية الجديدة.
 
الموقف الأمريكي الأخير بعد فوز جو بايدن في الانتخابات الأمريكية، لم يكن يوحي بالثقة المطلقة بالنسبة لإيران، رغم أن بايدن وعد الأخيرة بالعودة إلى الاتفاق النووي الإيراني؛ لأن إيران لمست بعض التغييرات في الموقف الأمريكي من الاتفاق تتلاءم مع الأجندة الإسرائيية التي تدفع إلى أحد أمرين:
 
فإما المواجهة العسكرية المباشرة مع طهران، أو التخفيف من حدة المواجهة بفرض ثلاثة بنود جديدة في الاتفاقية المجمدة وهي:
 
ضم تل أبيب كطرف مفاوض في الاتفاقية، وإدراج الصواريخ البالستية الإيرانية والطائرات المسيرة في سياقها،. وإيقاف دعم طهران للجماعات التي تدور في فلكها كحماس وحزب الله وجماعة الحوثي. 
 
من جهتها رفضت إيران كل ذلك؛ مع أن الموقف الأمريكي كان قد خفف من لهجته التصعيدية وصولاً إلى حدود المساومة والتراخي من باب المعالجة الدبلوماسة.
 
 
من هنا يحاول الإيرانيون استغلال هذا التراخي في الموقف الأمريكي  والذهاب  إلى أقصى المستطاع لتعزيز موقفهم الثابت من الاتفاق الأمريكي، على قاعدة "كبّرها تصغر"  حيث أعربت القيادة الإيرانية عن رفضها قبول أية مساومة على الاتفاق النووي الإيراني.. وعليه فقد جاء الرد الإيراني ليضخم الأزمة إلى أقصى المستطاع، لتحقيق عدة أغراض أهمها:
 
- سد الطريق أمام الأجندة الإسرائيلية التي فرضت على الموقف الأمريكي من قبل اللوبي الصهيوني. 
 
- إلزام الجميع بالعودة إلى الاتفاق الأصلي دون قيد أو شرط،
 
 - فك الحظر الأمريكي المطبق على إيران خلافاً للمطالب الأمريكية المستجدة.
 
وحتى تثبت إيران نواياها الجادة في حماية الاتفاق النووي، فقد  أوعزت للحوثيين -كما قيل-  بقصف مطار أبها بطائرة مسيرة، ثم شرعت بتخصيب اليورانيوم تحدياً لإرادة أمريكا وحلفائها في الاتحاد الأوروبي.
 
 
إذ أعلنت الحكومة الإيرانية على لسان المتحدث باسمها، لوكالة "مهر شبه الرسمية للأنباء" الاثنين الماضي إنها استأنفت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المئة في منشأة فوردو النووية تحت الأرض.
وبرر المتحدث موقف بلاده قائلا بأن  إيران فعلت ذلك "تطبيقا لقانون تبناه مؤخراً البرلمان الإيراني". وأضاف "بأن الحكومة لم توضح موعد بدء أنشطة التخصيب".
 
من جهته صرح المتحدث باسم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، السبت الماضي، قال فيه بإن إيران أبلغتها اعتزامها إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمئة. وهذه النسبة أعلى بكثير من تلك المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم بين طهران والدول الكبرى في العام 2015.
 
وزير الخارجية الأمريكية، بلينكن، أكد في أكثر من مناسبة خلال تشاوره مع اطراف الاتفاق الأوروبيين بأن حكومة الرئيس بايدن مستعدة للعودة إلى الاتفاق النووي مع ايران، شرط أن تفي طهران مجدداً بالتزاماتها.
 
وقال بلينكن إن الرئيس المنتخب "يعتقد أنه إذا عادت إيران للتقيد (بالاتفاق)، فنحن أيضاً سنتقيد به"، مشيراً إلى أن إدارة بايدن ستلجأ إلى ذلك "كنقطة انطلاق، مع حلفائنا وشركائنا الذين سيكونون مجدداً إلى جانبنا، سعياً لاتفاق أقوى يستمر وقتاً أطول"، معتبراً أن أي اتفاق جديد يجب أن يشمل البرنامج الإيراني للصواريخ البالستية، بالإضافة إلى "أنشطتها المزعزعة" للشرق الأوسط.
 
إذن فالأزمة بشأن الاتفاق النووي الإيراني مرشحة للتصعيد في ظل تعرض الموقف الأمريكي للمصادرة من قبل اللوبي الصهيوني الساعي إلى عرقلة الاتفاق تمهيداً لضرب إيران.. وقد عادت جميع الأطراف إلى لعبة "عض الأصابع"، ويبقى الرهان على من يصمد حتى النهاية؟ و قد يتعامل جو بايدن مع التعنت الإيراني بمرونة تنسجم مع وعوده بقبول الاتفاق قبل التقاطعات التي طرأت عليه مؤخراً.. وبالتالي العودة إلى الاتفاق دون شروط، حتى تجير لصالح سياساته الخارجية ومن ثم التفرغ لبقية الملفات العالقة.
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد