العجارمة يفجر الأسئلة الجادة في وجه البرلمان الأردني

mainThumb

28-05-2021 08:47 PM

ما زالت قضية النائب اسامة العجارمة تتفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيطرح السؤال نفسه:
هل "الإجماع البرلماني" ينحصر فقط على معاقبة من ينتقد أداءه، من ممثلي الشعب أنفسهم كما حدث مع النائب الشجاع أسامه العجارمة الذي وضع يده على الجراح! مع أن العناونين التي أشار إليها خطيرة وتهم رأي الشعب وتضع الدولة أمام الأسئلة الكبيرة.. وبخاصة أنها تتعلق بمناقشة أسباب قطع الكهرباء في جميع انحاءالمملكة، ولم يقتنع العجارمة بحجة رئيس المجلس في أن هناك جلسة مغلقة بهذا الشأن ستعقد بحضور وزارة الطاقة وخبراء من شركة الكهرباء؛ لكن النائب العجارمة استشاط غضباً وأصر على فضح الطابق بحديثه عن الأسباب التي قال بأنها "الحقيقية" حول قطع التيار الكهربائي عن المملكة وإغلاق محطات الوقود في الطريق بين الكرك وعمان، منوهاً إلى أنها جاءت؛ لمنع مسيرة عشائر الكرك التي زحفت إلى عمان تعبيراً عن رفض الشعب الأردني للحرب الإسرائيلية الشعواء على الشعب الفلسطيني وممارسة سياسة الفصل العنصري في غزة والداخل والضفة الغربية والقدس(الأقصى، وحي الشيخ جراح). 
 
ورفض معاهدة وادي عربة ومخرجاتها التطبيعية، والمطالبة بطرد السفير الإسرائيلي من العاصمة عمان، منوهاً إلى أن الأجهزة الأمنية قامت بتغريم كل سيارة رفعت من نافذتها العلم الفلسطيني. 
وإزاء رفض رئيس البرلمان الأردني الاستجابة لمطالبه، الأمر الذي استثاره، قام العجارمه بشتم البرلمان الأردني رافضاً الاعتذار مباشرة. ورغم أن العجارمة اعتذر في جلسة مغلقة (ضمنياً) إلا أنه عوقب بإيقافه لمدة عام وحرمانه من مخصصاته أثناء العقوبة التي وصفت بالشديدة، وأثارت الرأي العام الذي انبرى للدفاع عن العجارمة عبر منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر العجارمة نائباً شجاعاً يعبر عن موقف الشارع الأردني باقتدار.
 هذا خطير جداً ويطرح العديد من الأسئلة في الشارع الأردني وعبر الإعلام الموازي في مواقع التواصل، حول مصير أهم الملفات المطروحة على هذا البرلمان فيما يتعلق بقدرته على التعامل معها دون خوف أو محاباة للحكومة.
 ما يعني -وفق تحليل الشارع!!!- بأن الاجتماعات السرية التي كانت تعقد عبر مسيرة المجلس "قد" تعني بأنه دخول للحكومة على خطوط المناقشة النيابية السرية التي من شأنها أن تستحلب القرارات وفق رؤيتها. وقس على ذلك ما جرى عام 2016 من صمت مطبق أصاب مجلس الأمة الأردني إزاء توقيع شركة الكهرباء الأردنية لاتفاقية استيراد الغاز الطبيعي من الاحتلال الإسرائيلي مع شركة "نوبل إنيرجي" الأميركية المطورة لحوض شرق البحر المتوسط مقابل عشرة مليارات دولار،  دون عرضها على مجلس الأمة في حينها.. ورأت المحكمة الدستورية في 16 أوغسطس 2019 بأن الاتفاقية نافذة دون موافقة مجلس الأمة.
ورغم ذلك فشل البرلمان الأردني عام 2020 في إلغاء الاتفاقية على اعتبار أن شركة الكهرباء مملوكة للحكومة.. فهل يكتفي البرلمان يائساً عند هذا الحد! أم أنها موافقة مُقَنَّعة! إذن لماذا يذهب المجلس عادة بالمناقشات في القضايا الحساسة إلى الجِلسات السرية! فهل ثمة مَنْ يضغط عليه بذريعة اتفاقية وادي عربة-مثلاً- ! ألا يفتح ذلك شهية المتربصين بالأردن ليشيطنته؟ 
 هذا ما يرَشْحَ ْمن الغرف المغلقة وفق تحليلات الشارع، وإلا فلماذا يصر العجارمة على بقاء الجلسة مفتوحة إعلامياً وقد اكتسب تأييد الشارع الأردني الجارف، وحظي بتعاطف الأردنيين عبر الإعلام الرقمي الموازي!؟
ألا يقودنا الأمر إلى طرح السؤال التالي:
لماذا لا يكون البرلمان الأردني، وهو الأكثر عراقة على صعيد عربي، مَنْ يُحْتَذَى من حيث القوة والأداء في عالم بات مكشوفاُ إعلامياً!؟ لماذا الغرف المغلقة من أصله! 
وما دمنا نتحدث عن العراقة والاقتداء بالقدوة فيما يتعلق بفرض قرارات مجلس الأمة على الحكومة وتحويلها إلى قوانين سيادية.. فدعونا نعقد مقارنة بريئة بين برلمانين عربيين عريقين: الأردني الذي تأسس عام 1947  والكويتي الذي تأسس عام 1967؛ فيما يتعلق بالعديد من القضايا والملفات ولعل من أهمها التطبيع مع العدو الإسرائيلي.
فما الذي يمنع البرلمان الأردني من اتخاذ مواقف صارمة ضد اتفاقية وادي عربة ورفض مخرجاتها وما بُنِيَ عليها مقارنة بنظيره الكويتي، مع أن الأردن من أكبر المتضررين من وجود هذا الاحتلال الإسرائيلي، بينما يُعْتَبَرُ الشعب الأردني صاحب موقف ثابت ضد الاحتلال الإسرائيلي، وأن اتفاقية وادي عربة وما نجم عنها من اتفاقيات مذلة، مثل اتفاقية الغاز مع دولة الاحتلال، ووجود السفارة الإسرائيلية في عمان. ويتساءل الشارع الأردني:
هل "الإجماع البرلماني الأردني" على معاقبة النائب سامي العجارمة الذي انتقد أداء البرلمان حول العديد من القضايا، يُعَدُّ  أهم من الإجماع على العديد من الملفات التي تَمُسُّ مصالحَ الشعبِ وسَنِّ القوانين المتعلقة بالفساد والقيام بإصلاحات جادة!! هل ما يَسْهُلْ على البرلمان الكويتي العريق يَصْعَبُ على نظيره الأردني الأعرق، ولماذا ؟ سؤال ما لبث يطوف في المجالس الأردنية ودواوينها دون أن يحظى بجواب.. ما يؤدي إلى خليط من الإجابات المضللة التي يتم استغلالها من القريب والبعيد .
ولعقد المقارنة دون رتوش إليكم الخبر التالي الذي يقول بأن مجلس الأمة الكويتي وافق، الخميس، على اقتراح قانون يقضي بمقاطعة "إسرائيل" من حيث المبدأ، وأحالته إلى لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس.
وقال رئيس مجلس الأمة، مرزوق الغانم (وهو برلماني كويتي شجاع ومثقف وداعم للقضية الفلسطينية): "لا نريد أن يكون تصويت المجلس على تجريم التطبيع بلا إجماع، فقد تكون لذلك إسقاطات سياسية، خصوصاً مع وجود موافقة عليه من حيث المبدأ"، بحسب ما جاء على موقع (روسيا اليوم).
وأصدر مجلس الأمة في جلسته الخاصة، بياناً بشأن الاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين، أعرب فيه عن "تضامنه الدائم والقائم مع نضال الشعب الفلسطيني، لنيل حقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس"، ومؤكدا "الرفض التام للعدوان الصهيوني الأخير وكافة جرائم الاحتلال في مدينة القدس".
صحيح أن مجلس الأمة الكويتي كان قد مارس صلاحياته في رفع الحصانه عن نواب كويتيين عبر تاريخه الطويل؛ ولكنه لم يتخذ إجراءات قمعية وتأديبية بحق نائب كان ذنبه أن طالب باستمرار عقد جلسة حساسة كانت مدار البحث، على الهواء مباشرة، لأن رفع الحصانة في البرلمان الكويتي كان يتم بطلب من القضاء الكويتي على ذمم قضايا حقوقية وجزائية مفتوحة، وقد فعلها 12 مرة منذ تأسيسة.. كان آخرها في 21 يناير 2014 للنائب فيصل الدويسان بسبب اتهامة لشركة كندية بأنها إسرائيلية، وقد تمت الموافقة بأغلبية أعضاء الحاضرين لأن تهمة التطبيع في الكويت خطيرة وتعتبر قتلاً للشخصية خلافاً لما هو الحال عليه في الأردن بعد اتفاقية وادي عربة المرفوضة شعبياً.
إذن هل لمستم الفرق! 
نريد برلماناً أردنياً قادراً على تحمل المسؤولية بعيداً عن الخوف ويأنف ضغوطات المصالح ولا يخشى النقد الشعبي حتى لو كان مُوْجِعًا، ويؤمن بالحوار! برلماناً لا يؤمن بالجِلسات السرية المغلقة إذا كان الشعب معنيّا بتفاصيلها لإبعاد أي قرار عن الشبهات..
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد