بكل ثقة ، طمأن الملك عبد الله الثاني الأردنيين بأن مستقبلهم سيكون مشرقا، وان الأوضاع الاقتصاديه وفرص العمل ستتوافر، مؤكدا ان" التشاؤم لا يبني المستقبل والإحباط لا يقدم حلولا" ، خاصة، وان المملكة واجهت في عقود سابقة تحديات كثيرة ، تجاوزتها بفضل قدرات الأردنيين الذين اثبتوا ان " إرادتهم ووعيهم أقوى من أقوى العواصف" وأن"الأردن ارض الإنجازات، وارض الخير " كما كان خلال عقود المئوية الأولى ، وسيبقى كذلك الى الابد .
لم تأت طمأنة الملك هذه لشعبه من فراغ ، بل انها ارتكزت على خريطة طريق جديدة ، واجبة التنفيذ ،واضحة المعالم، اعلن عنها امس في رسالة وطنية بمناسبة عيد ميلاد جلالته الميمون الستين ، لتكون خطة انقاذ اقتصادية ، تعتبر الأفضل، والأكثر واقعية ،وانسجاما مع الواقع الأردني، والمتغيرات الإقليمية والعالمية ، والتي يمكن ان يلجأ اليها الأردنيون لمحاربة الفقر والبطالة وتحقيق حياة افضل ، تطبيقا لشعار الهاشميين الأوائل حين اسسوا الدولة الأردنية .
خطة الإنقاذ الاقتصادي الجديدة ، التي ارتكزت عليها استراتيجية خريطة الطريق الملكية ، تقوم على تطبيق مبدئي التشاركية - محليا وخارجيا – ، والتأقلم السريع مع المتغيرات الدولية المعاصرة ، بالانفتاح على الأفكار الجديدة ،والتعامل معها بإيجابية ، لاجتذاب الاستثمارات الخارجية ، القادرة وحدها على رفع نسبة النمو الاقتصادي مابين 6-7 % ، ، لأن هذه النسبة - كما اكد الملك - هي الوحيدة القادرة على تحقيق اماني وامنيات الأردنيين، في التقدم الاقتصادي وتحقيق الحياة الأفضل ،والتجاوب مع رؤى جلالته ، الذي يرى ان أن الأردنيين "قادرون على صنع المستقبل المشرق الذي يحقق نموا مستداما ويضمن مضاعفة فرص العمل ، من خلال مضاعفة الاستثمارات ، وتوسيع الطبقة الوسطى، لضمان نوعية حياة افضل للجميع "
ومما يؤكد على صوابية ما تضمنته خريطة الطريق ، ان الدول التي حققت قفزات سريعة وهائلة في التقدم الاقتصادي، هي تلك التي اعتمدت في مسيرتها الإنمائية الانفتاح الاقتصادي، والتأقلم مع التغييرات الدولية ، والتشاركية - محليا وخارجيا - كمباديء ثابته واساسيه وخطة عمل لها ....في حين ان الدول التي تباطأت في التجاوب السريع مع التغيير والانفتاح ، مازالت تدفع ثمن ذلك ، بؤسا وتخلفا وفقرا ـ وبقيت على هامش المستقبل .
لقد جاءت رسالة الملك ، ترجمة حرفيه لتطلعات الأردنيين وآمالهم وطموحاتهم ، واستجابة لمطالبهم ، خلال لقاءات جلالة الملك عبد الله الثاني ،وسمو الأمير الحسين ولي العهد ، ورئاسة الديوان الملكي الهاشمي ،مع قطاعات واسعه من الفعاليات الشعبية الأردنية ، ،الذين تجاوبوا مع توجيهات الملك، الذي أمر بان يكون الديوان الملكي الهاشمي – بيتا لكل الأردنيين - مما جعله " قبلة " - بكسر القاف – و"قبلة" – بضم القاف – لكل الأردنيين من كل المنابت ، والأصول ، والاعراق ، والتوجهات ، والمناطق الجغرافية. الذين وجدوا في الديوان الملكي الهاشمي ، بيتا لهم، ولسان حالهم ، واملهم في التغيير الإيجابي ، وفي انقاذ الوطن مما يعاني منه .
وهكذا عبرت الرسالة الملكية ، تماما عما يجيش في صدور الأردنيين وعقولهم وقلوبهم ، الذين سئموا مماطلة الحكومات ، خاصة ان كل حكومة كانت تعتقد ان الأردن يولد معها اقتصاديا ، متناسية ان الأردنيين اكبر من كل الحكومات العبارة ، سيما وان هذه الحكومات لم تنفذ ما ورد في كتب التكليف السامية ، من توجيهات وتوجهات، وتأجيل لا مبرر له ، في تنفيذ المشاريع الراسمالية، حتى ااوصلت البلاد الى ما وصلت اليه ، من ضعف مؤسسي ، وترهل اداري، وعجز عن تنفيذ الخطط والبرامج الموضوعه ، ومديونية عالية .
لكن "عين الملك " لم تكن غافلة عما يجري ، فكانت التغييرات الوزارية العديدة ، على امل اصلاح الحال والاحوال ، وحين وصلت الأمور الى درجة لا يمكن السكوت عنها ، وتجاوبا مع الرغبات الشعبية ، اعلن الملك برنامج انقاذ اقتصادي ، يكون عابرا لكل الحكومات ، تلتزم به تماما ، بحيث تتم معاقبة كل مسؤول لا يلتزم بهذا البرنامج ، وفق السقوف الزمنية ، لخريطة الطريق، التي سيتم اعتمادها رسميا بعد لقاءات مع الخبراء الاقتصاديين في المملكة ، الذي سيضعون تفاصيلها وفق استراتيجية الملك ، التي هي ترجمة حقيقية للقاءات الملك وسمو ولي العهد ورئاسة الديوان مع الفعاليات الشعبية الأردنية مباشرة وبدون وساطة احد
وبعد
فان الثقة المتبادلة بين الملك وشعبه ، وسياسة الأبواب المفتوحة لرئاسة الديوان الملكي ، كانت المنارة والركيزة الأسا سيه للرسالة الملكية ، التي حددت معالم الطريق لأردن جديد بقيادة هاشمية متألقة بشعبها ، كما هو شعبها متألق بها ، تماما كما كان وسيبقى ،حال العلاقة بين الأردنيين والهاشميين منذ ان كان الأردن .
لقد عبر الملك عن ذلك حين خاطب أبناء الاسرة الأردنية الواحدة في رسالته قائلا : "لدي إيمان غير محدود بشعبي العزيز. أنت مصدر الأمل والعزم ، وخدمتك هي الهدف النهائي الذي كرست حياتي كلها من أجله ".