الموازنة بين العقلانية والعاطفة

mainThumb

12-07-2017 03:34 PM

استخدام العقلانية المجردة عن العاطفة في الحكم على الأمور قد يعطي نتائج صحيحة، لكنها في غالب الأحيان تكون مرفوضة لأنها لا تلامس الجانب العاطفي في الإنسان، وهو جزء مهم من تكوينه، فيكون الأسلوب جاف مجرد، فيتم رفضه قبل الوصول إلى النتائج وإن دل السياق على صحتها.
 
       واستخدام العاطفة المجردة عن العقلانية في الحكم على الأمور، دائما يعطي نتائج كارثية، رغم قبولها من البعض ورفضها من البعض الآخر، فالحكم على الأمور بالعاطفة، بين الحب والكره، على اختلاف مقايس القبول والرفض، سيقود إلى الغوغائية في الأساليب المستخدمة، وبالتالي إلى نتائج كارثية.
 
       فالأفكار والأحزاب والدول التي قامت على الفكر العقلاني المجرد، وتناست الجانب الغرائزي والعاطفي لدى الإنسان، كان مصيرها الفشل، مثال ذلك الفكر الشيوعي الإشتراكي.
 
       والشعوب التي يغلب عليها الجانب العاطفي، هي شعوب غوغائية، تعيش في تخبط وفساد على جميع المستويات، ومثال ذلك شعوب العالم الثالث، والشعب العربي بالأخص والذي يتصف بعاطفته حد الجموح، بحيث يعيش بين الحب والكره بمقايس نهى عنها رب العزة في كتابه الكريم: عاطفة عصبية القربى، وعاطفة البغض والحقد بسبب المواقف التي لا توافق الهوى.
 
قال تعالى: { وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَبِعَهْدِ اللهِ أَوْفُوا ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } (سورة الأَنعام 152).
 
وقال تعالى: { وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } (سورة المائدة 8).
 
       أما المصيبة فتكمن في تحكم العقلانيون المجردون من العاطفة، أصحاب المصالح الشخصية والهوى، في العاطفيين الغوغائيين، حيث تنتهي الأمور بالتجرد من الإنسانية، والتراجع والإنحطاط الحضاري، والتخلف والإنهزام الفكري.     
 
لذلك فإن الموازنة بين العقلانية والعاطفة في الحكم على الأمور كلها هي سبب من أسباب نجاح الأفراد والجماعات والأمم، وطريق لبناء حضاري سليم، ومقومات هذه الموازنة هي الأبعاد الثلاثية للإنسان، وهي: إنسانيته، بعده الحضاري، وثقافته.


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد