استعدادات نفسية‎

mainThumb

23-08-2017 10:52 PM

 سمعته يكيل بعض التقييمات القاسية لشخص كان يناقشه قبل دقائق! فقلت له لا يليق بمثلك أن يقسو على مثله، فكلاكما يحمل فكراً، أو يحمل تعاليم طيبة تدعو الى التسامح والهدوء في التعامل مع الآخر.

 
أخذ نفسا عميقا وشعر أني أدنته بعدم تقبل الآخر، فعاد الهدوء اليه شيئا فشيئا، وكان قائما فجلس، ثم نظر إليّ وقال: بعد انقضاء ثلاثين عاما من العمل الحزبي، ومداومة النقاش مع من يحمل الدعوة أو من ينتمي الى حزب سياسي أو فكري، وجدت أن الانسان "أي انسان" يتمتع باستعدادات نفسية - وقد تكون فكرية- لكنها نفسية أكثر! تجعل الشخص يقبل طروحات الحركات السياسية والفكرية على اختلافها. فتستطيع أنت أو أي مراقب أن يصنف هذه الحركات من الأدنى الى الأعلى.. ابتداء من الجمع بدون رباط وثيق الى الأحزاب الفكرية التي تسبك أفرادها كلهم بقالب فكري واحد، وهذه الاستعدادت قد تكون إيجابية أو سلبية، وعلى حجم الايجابية أو السلبية في شخصيته، يقبل الشخص على هذا التجمع ويصطبغ بصبغته أو يذهب الى الحزب الآخر وينسكب في بوتقته.
 
ولذلك فالذي يتقبل التطرف المغرق، تقبله بناء على استعداداته النفسية، والذي يتعصب لفئة لم يرَ غيرها ولم يطلع على غيرها، اختارها لنفس الأسباب، وكذلك من يختر الصعب، له استعدادات، ومن يختر السهل له استعدادت معاكسة للاخر، ومن يختر العنف والتطرف له استعدادت ومن يختر السهولة والتطرف أيضا اختارها بناء على استعدادات نفسية يتمتع بها.
 
وحتى أوصل لك الفكرة، أنظر للناس - ليس كل الناس-، بل الناس الذين ينتمون لتلك الحركات، وتصفح أشكالهم ولباسهم، ترى فيهم تلك الاستعدادت، أو استمع لحديثهم وقس درجة عنادهم وانكفائهم على أنفسهم، وعدم تقبلهم الرأي الآخر تجدها النفسية الخاصة!.
 
عندما يشعر شخص انخرط في تجمع ديني أو حزب سياسي، أو جماعة أيا كان هدفها، أنه يمتلك الحقيقة كاملة، وأنه هو المنظّر لجماعته، أو عليه نزل الوحي إن كان في تجمع ديني أو يتنازل قليلا ويشعر أنه معاصر للرسول وسمع منه مباشرة، وأن الآخر ما هو الا متطفل أو مارق جاء ليعتدي على كينونته وكينونة الدين، وأن طريقته التي اتخذها هي خير ما توصل له البشر من تقدم فكري.
أطرق صاحبنا، ثم أخذ نفسا عميقا آخر، وقال لقد أخرجني عن طوري ذاك الأحمق، ثم أردف: ألست معي، بأن استعداده النفسي السلبي هو من جعله يتبع تلك المجموعة، ويعطيه ذاك العناد الأعمى، والشكل المنفّر؟!!
 


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد