النقل العام ليس مغريا .. فهل العودة الى الدراجة احد الحلول؟

mainThumb

22-04-2008 12:00 AM

في الوقت الذي تشهد فيه أسعار النفط ارتفاعا متواصلا محطمة في الأيام الأخيرة كل الأرقام القياسية لتصل الى اكثر من 110 دولارا للبرميل، مما انعكس على سعر المحروقات في الاردن التي شهدت زيادة معتبرة في ثمن البنزين، وأصبحت السيارات الخاصة تمثل عبئا ماديا كبيرا على أصحابها بالنظر إلى كلفة استهلاكها للوقود التي تضاعفت تقريبا في ظرف ثلاثة شهور وكذلك بالنظر إلى ارتفاع أسعار قطع الغيار يضاف إلى ذلك تكلفة التأمين التي ترتفع بدورها سنويا ورسوم الترخيص وما الى ذلك من مصاريف عادية أخرى كمصروف الصيانة واستبدال الزيوت والفلاتر والعجلات وبعض قطع الغيار التي تتآكل بصفة دورية، هذا إذا لم نعتبر المصاريف الطارئة الناتجة عن المخالفات وحوادث الطرق وما تخلفه من خسائر.

وإذا ما قدرنا جملة هذه المصاريف نجد أن السيارة العادية تكلف صاحبها تقريبا ما لا يقل عن (2400) ألفان وأربعمائة دينار سنويا أي بمعدل (200) دينارا شهريا في الظروف العادية وفي حركة عادية لصاحبها.

فالمعدل الشهري لاستهلاك سيارة دون (2000 CC)في عمان تسير يوميا حوالي35 كلم لا يقل عن 100 دينارا بنزين شهريا".واذا ما أضفنا اليها التأمين الذي لن يقل عن 20 دينارا شهريا (معدل 250 دينار سنويا) ورسوم الترخيص الذي لن يقل بدوره عن 10 دنانير شهريا (140 دينارا سنويا) والصيانة الخاصة بالزيوت والفلاتر وغيره والتي لا تقل عن 200 دينار سنويا.ويضاف إلى كل هذا تغيير بعض قطع الغيار بمعدل 400 دينار سنويا في الظروف العادية، وإذا ما نظرنا إلى مجموع هذه المصاريف فان تكلفة السيارة تكون حوالي2400 دينار سنويا. يمكن أن يضاف لها مبلغ يتراوح بين الـ 160دينارا والـ220 دينارا إذا كانت السيارة مقتناة بقرض...

هذه الأرقام يمكن أن ترتفع وبشكل كبير باختلاف نوع وحجم و قوة السيارة، وكذلك بمستوى وحجم حركة صاحبها وأيضا بعمر وحالة السيارة. وبالتالي أصبحت السيارة الخاصة تمثل عبئا كبيرا على صاحبها وإرهاقا لجيبه ...

 

رفض للنقل العام

ورغم أن البعض لا يفكر كثيرا في هذه التكاليف، ولا يكلف نفسه عناء القيام بالعمليات الحسابية والنظر في مخلفات ارتفاع مصاريف السيارة، فإن البعض الآخر والذي أرهقته الكلفة الحالية للسيارة بات يفكر وبصفة جدية في حلول تحد من المصاريف الباهظة التي تذهب بها سيارته على حساب متطلبات عائلية وشخصية أخرى.وإذا كان البعض وجد في النقل العام حلا مريحا، فان البعض الآخر لم يستسغ اللجوء إلى الحافلة والسرفيس خاصة في ظل بقاء النقل العام على حاله من البطء والتأخير والاكتظاظ، وما تشهده وسائل النقل العام حاليا" من مشاكل تشغيلية ومظاهر سلبية لا أخلاقية... فمن يحس بارتفاع سعر البنزين ويعاين التكلفة المتزايدة للسيارة يلجأ إلى التخلي عن سيارته كليا أو جزئيا ويهرب في البداية الى النقل العام.. لكنه سرعان ما يعود إلى وسيلة نقله الشخصية بعد أن يعاني الأمرين من النقل العام. وهكذا يفضل ضرر جيبه على ضرر أعصابه ووقته .

 

العودة للدراجة

وبين هذا وذاك هناك بالتأكيد حلول أخرى تساعد على التحكم في الطاقة وترشيد الاستهلاك من ناحية، وتحد من إنفاق الشخص على سيارته من جهة أخرى بل وتقدم خدمات للمواطن على مستوى جيبه وصحته وأعصابه وتحل كذلك مشكلة تؤرق الجميع منذ سنوات وهو الاكتظاظ والاختناق المروري وكذلك التلوث البيئي وانبعاث الغازات من عوادم السيارات... من هذه الحلول التي لجأت إليها عديد الدول الأخرى نذكر العودة إلى الدراجة سواء منها النارية وبالأخص العادية.فالدراجة العادية لا كلفة لها تقريبا باستثناء دنانير بسيطة ممكنة للإصلاح .أما الدراجة النارية فمعدل تكلفتها السنوية لا يمكن أن يتجاوز 300 دينارا إذا ما اعتبرنا ثمن التأمين المحدد ب 60 دينارا وتكلفة بسيطة للبنزين لا تتجاوز الـ20 دينار شهريا مع مصاريف لا تذكر للصيانة لا يمكن أن تتجاوز الـ30 دينارا سنويا.

فهذا الحل له عدة فوائد اقتصادية وصحية وبيئية، ووجب تشجيع المواطن على التخلي ولو جزئيا عن السيارة وتعويضها بالدراجة. فلم لا يتم التشجيع على فكرة اقتناء الدراجة مثلما فعلت عديد الدول الأخرى. فالتجربة الصينية تظل رائدة ولا يجوز الحديث عنها باعتبار أن الدراجة في المدن الصينية دخلت ضمن الموروث الثقافي وضمن وسائل عيش المواطن الصيني. فترى أغلب شوارع المدن الصينية الكبرى خالية من السيارات تقريبا لتعوضها جحافل الدراجات التي خصصت لها مسالك واسعة وإشارات مرورية خاصة ومآو بإمكانها إيواء الآلاف من الدراجات.وأصبح استعمال الدراجة تقليد لدى المواطن الصيني.

وفي بعض الدول الأوروبية كذلك ,دخلت ظاهرة استعمال الدراجة في عادات وتقاليد المواطن الأوروبي الذي تضرر بدوره من غلاء أسعار البنزين ولم يعد قادرا على تحمل التكلفة العالية للسيارة. واللافت للانتباه أن الأوروبي عمد إلى التوفيق بين حاجته للسيارة والحد من استعمالها، وذلك بأن يقطع مسافة سالكة بسيارته ليتركها جانبا في أحد المآوي عند مدخل المدينة ويركب دراجته ليواصل بها الطريق. وبذلك يتحكم في استهلاك الوقود ويحد من إنفاقه، كما يكسب الوقت للوصول إلى عمله بتجنب الوقوف المطول في إشارات المرور والاختناق المروري. كما يتمكن في نفس الوقت من ممارسة الرياضة والمحافظة على صحته...كما أن استعمال الدراجة في أوروبا بدت ظاهرة وتقليد عائلي حيث ترى كامل أفراد العائلة كل على دراجته سواء أيام العمل أو أيام العطل.

 

أين مسالك الدراجات؟

سؤال نطرحه ونحن نرى المخططات ومشاريع البنية التحتية من طرقات وجسور تتجاهل تخصيص مسالك خاصة بالدراجات والدراجين وقد خلت الأرصفة من كل أثر لها بأنه قد حان الوقت لذلك.

وهذه دعوة للمهندسين والخبراء والمقاولين لعدم تجاهل تخصيص مسالك خاصة بالدراجين على الارصفة والطرقات. لاحياء فكرة العودة لاستعمال الدراجة وكذلك تجنب التسبب في بعض حوادث المرور لو فكر البعض في استعمال الدراجة في طريق عادي وسط السيارات والحافلات...

وعلى الرغم من عدم نجاح استخدام دراجات السكوتر أو الفيسبا "Vespa" بسبب عدم التشحيع الحكومي الكافي لذلك وعدم توفر أي مسلك خاص للدراجات فان المواطن سيجد نفسه مضطرا" لها تدريجيا" مع الوقت.

ومن شأن العودة الى الدراجة العادية أو النارية أن يجنب المواطن مصروفا هاما كان ينفقه على السيارة، ويكسبه ماديا ونفسيا وصحيا. ويكسب كذلك الدولة ملايين الدنانير التي تنفق سنويا"على البنية التحتية وتكاليف الحوادث وتقليل أثر التلوث البيئي والسمعي والبصري فلماذا لا نسارع بإيجاد الصيغ المشجعة على جعل الدراجة أحد البدائل الضرورية للسيارة ولو بصفة نسبية؟

نائب رئيس التحاد العامي للمواصلات العامة *



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد