من يحاسب المسؤوليين؟

من يحاسب المسؤوليين؟

30-09-2009 12:00 AM


حينما قرأت جرائم القتل والشرف والاعتدءات على رجال الامن ، والاعتداءات على موظفي المستشفيات والاطباء وأن تعمل حنفيات الحكومة وتجري فيها مياه الشرب تذكرت احتجاج اهل الطيبة الجنوبية وقدومهم الى الرئاسة في عمان.
هذا يعتبر إنجازا للحكومة، لأنها تدرب وتشجع الأردنيين على سلوك الاحتجاج، وهي تنمية سياسية من نوع خاص تسجل للحكومة، على أعتاب الانتهاء من عامها الثاني.ففي عهد هذه الحكومة ظهر الاحتجاج الشعبي، بما فيه شد الرحال الى الرئاسة في العاصمة، لكن السبق السياسي أن الاحتجاج هو على شربة الماء، إذ أصبح الاردني مضطرا لرفع صوته حتى في أعمال غير سلمية، حتى تستمع إليه الحكومة وتعطيه حقه في المياه.هذا الإنجاز فريد من نوعه، وخفض لسلم المطالب، فبدلا من ان تطالب الناس بالرفاهية او بتخفيض اسعار السياحة او رسوم الجامعات او حتى بتعديل قانون الاحزاب، فإن سقف المطالب يهوي إلى حد اللجوء إلى المطالبة بشربة الماء وتفعيل دور حنفية الماء في حياة الاردنيين.أي تنمية سياسية رفيعة حدثت، وأي رفع لمستوى مطالب الناس، وبخاصة في المحافظات البعيدة التي كانت تأمل بأن يرتفع فيها مستوى الفعل التنموي لنكتشف أن الطيبة الجنوبية بلا ماء منذ شهور طويلة، وأن مسؤولا لم يدخلها منذ عقود، وأن أهل عرجان العجلونية مضطرون لحرق الإطارات حتى تسمع الحكومة بعطشهم! سيذكر المنصفون والمحللون للحكومة الحالية أنّها صنعت تنمية سياسية من نوع خاص، وشجّعت على الفعل الاحتجاجي على مطالب يفترض أننا انتهينا منها قبل سنوات طويلة، وأن بلدات وقرى أردنية لم تجد طريقة لشكوى عطشها إلا عبر احتجاجات وهجرة جماعية إلى العاصمة، وبدلا من أن تكون الحكومة قد فعلت الفعل الميداني ووصلت إلى الأردنيين، فإنها دفعت الناس إلى اللجوء إلى أساليب بدائية للفت الأنظار إلى مطالبهم مثل إشعال الإطارات في زمن الإنترنت والخلوي! وهذه القصص الحزينة، سياسيا، تذكرنا بحديث الرئيس عند لقائه مع المحافظين ، عندما قال إنه سيحاسب المقصرين، لكننا لم نجد حسابا إلا لموظفين صغارا.
منطق الامور يقول إن الحساب السياسي يجب أن يدفعه الكبار، ولو كان لدينا حالة متقدمة سياسيا وديمقراطيا لكان تكرار عطش الناس واضطرارهم لأساليب مختلفة للشكوى ولإسماع صوتهم يدفع وزراء ومسؤولين كبارا للرحيل إلى بيوتهم، أو ربما حتى استقالة الحكومة، لأننا في زمن ليس مطلوبا فيه من الحكومة تحرير فلسطين، بل خدمة الناس. وعندما تعجز حتى عن سماع الصوت وتكون الاحتجاجات وحرق الاطارات هي وسيلة الشكوى من العطش، فإن في الامر خللا في أداء الحكومة لدورها الاساسي، هذا اذا افترضنا انها حكومة تقوم بكل واجباتها الاخرى!لا ضرورة لكل الندوات والمحاضرات حول التنمية السياسية، ولا حتى للوزارة، لأن الاردنيين يمارسون هذه التنمية بحكم حاجتهم إلى إيصال صوتهم والتعبير عن عطشهم، فهذا هو التمرين العملي على التنمية السياسية، على حساب سقف طموح الناس، لكنه يبقى إنجازا حكوميا رفيعا!


تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد