الأردن وعواصف التغيير

mainThumb

24-08-2008 12:00 AM

           د.عبد اللطيف الرعود
( 1 ) يتأثر الأردن وبشكل متسارع بمرحلة تحول وتغير استراتيجي بفعل عدد كبير من المؤثرات الإقليمية والدولية على مختلف الصعد تاركة آثار ومتغيرات مستقبلية على الإنسان الأردني والأرض والموارد والثروات داخليا ً وخارجيا ً تهب من خلالها عواصف التغير تاركة ً ضجيجا ً غجرياً في ضعن ترحال !!

الأردنيون بين هاجس الخوف والشعور بالقوة ؟!!

تدور على حدود بلدهم الأردن حرباً ضروساً وعمليات قتل وتدمير مستمرة تقودها في الشرق الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن احتلت العراق في عام 2003 ، وفي الغرب عمليات الإبادة التي يمارسها الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين منذ بداية الصراع العربي الإسرائيلي واحتلال فلسطين واندلاع الانتفاضة الأولى ولغاية هذه اللحظة تاركة آثار سياسية واقتصادية و ديمغرافية على الأردن البلد محدود الموارد والإمكانات ، وقد ترافق مع هذه الآثار ضغوط نفسية تمثلت في بالونات اختبار وتهديد تطال وجوده كوطن وكنظام وشعب ودولة وهي ليست وليدة اللحظة بل ترافق هذا التهديد مع قيام دولة الصهاينة واغتصابهم لفلسطين على أساس وعد بلفور .

تهديد إسرائيلي

أصر أتباع الزعيم الصهيوني جابو تنسكي على رفض قرار عصبة الأمم عام 1922 الذي استثنى الأردن من وعد بلفور وقد أراد أن يقيم دولة إسرائيل لتشمل فلسطين وشرق الأردن ، ويعتبر أصحاب هذا الفكر الأيديولوجي أصول حزب حيروت والذي يعرف الآن باسم الليكود . وعندما جاء بيغن على رأس حزبه " حيروت" عام 1965 اعترف بحدود الهدنة وبالتالي الاعتراف بالأردن غير أنه اعتبر أن الأردن هي فلسطين ، وتبعه في تبني مقولة الأردن هي فلسطين رؤساء الأحزاب اليمينية وبخاصة شامير وشارون وقد نشرت مجلة الفورن أفيرز عام 1988 مقال يطلب فيه الأخير اعتبار الأردن مملكة فلسطينية كحل للصراع العربي الإسرائيلي ولكن الظروف الدولية لم تكن تساعد على ذلك . ومع توقيع الأردن لاتفاقية السلام عام 1994 خفت هذه التهديدات الصادرة عن زعامة حزب الليكود بتوقيعه لصالح المعاهدة باعتبار الليكود أن الأردن بلدا ً مستقلا ً .

غير أن زلمان شافال سفير إسرائيل السابق في واشنطن وقيادي في حزب الليكود صرح لواشنطن بوست بأن هناك تحولا ً في بعض قيادات الليكود التي تتبنى الخيار الأردني بإقامة كنفدرالية أردنية فلسطينية وعندما أصبح زلمان شافال مستشارا ً سياسياً لرئيس الوزراء الإسرائيلي "إرييل شارون " صرح في 17 82002 أن تغير النظام في العراق هدف أساسي لأنه مرتبط بإضعاف المقاومة الفلسطينية ودفعها لقبول التسوية ؟!

وأكد محللون إسرائيليون أن غزو العراق تؤدي لضعضعة الأوضاع في الأردن عندها تستغل إسرائيل هذه الفرصة بإجراء عقاب جماعي ضد الشعب الفلسطيني تمثل في الإبعاد وهدم المنازل والتهجير القسري باتجاه الأردن ، وقد صرح عبد السلام المجالي الذي ترأس وفد الأردن بتوقيعه على اتفاقية السلام مع إسرائيل بأن شارون كان ينوي اجتياح الأردن في عام 2003 مع بدء الاجتياح الأمريكي للعراق ومن المصادفة العجيبة أن شارون كان قد أسر على أيدي الجيش الأردني في معركة اللطرون واقتيد مع المئات من الجنود الإسرائيليين إلى معسكرات اعتقال في المفرق وتمت مبادلته لاحقا بأسير عربي .

في النهاية جاءت كل التحولات والسيناريوهات مخالفة تماما لكل التوقعات إذ بقي الأردن صامدا ً ومشكلا معادلة صعبة ولغزا ً محيرا ً لدى الكثيرين إذ لم يمكن ملاحظة شيء يحدث بحجم العاصفة التي تمر يبدو أنها قد تتبدد إلى دوامة هوائية تظهر وتختفي حسب التقلبات الجوية وتداخل الفصول !!!!ولكن هنالك سؤال الى أي مدى يكون الأردن في مأمن من هذه التغيرات والعواصف التي تضرب المنطقة بلا رحمة .

وازداد الطرح قوة فترة بعد ذلك مع تعثر قيام الدولة الفلسطينية والتعنت الإسرائيلي في خرق الاتفاقيات التي تدعو إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة قادرة على الحياة وبطبيعة الحال ما كان لإسرائيل إلا أن تتملص من الاتفاقيات المبرمة مع العرب لولاء الغطاء المستمر من قبل الولايات المتحدة الأمريكية .

يستشعر الأردنيون بأن الشعور بالقوة !! ليس حدثا ً عابرا ً أو وليد الصدفة بل هو ملتقى التواصل الحضاري الذي شهد قيام ممالك كبرى وحضارات على مر الحقب التاريخية من أهمها مملكة مؤاب ومملكة الأدوميين في جنوب الأردن ، ومملكة الأنباط التي امتد حكمها من بصرى الشام إلى مدائن صالح واعتبر شمال الأردن الركن الأساسي لتحالف المدن العشر اليونانية ، وبعد خضوع الأردن للحكم الروماني كان جزءا ً لا يتجزأ من إمبراطورية قوية . وخلال انتشار الإسلام كان الأردن بوابة الفتح لبلاد الشام وشهدت أرضه معارك مؤته واليرموك ويفتخر الأردنيون بوجود أضرحة قادة المسلمين العظماء والصحابة الكبار أمثال جعفر بن أبي طالب وأبي عبيدة عامر بن الجراح وضرار بن الأزور وشرحبيل بن حسنة وغيرهم .

وفي فترة الحكم الأموي والعباسي كان للأردن الأهمية لأنه شكل نقطة اتصال فيما بين مصر والشام والحجاز والعراق ، وقد ساهم الأردن بفعالية في نصرة المسلمين في الحروب الصليبية . وفي فترة الحكم العثماني الذي بدأ في العام 1516 بعد انتصارهم على المماليك وبسط نفوذهم على المنطقة والتي استمر حتى العام 1917بعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى .

ثورات وثوار!!!

تنامى الشعور القومي العربي واليقظة العربية لدى الأردنيون مما جعلهم يثورون للتحرر ومن أبرز هذه الثورات على الحكم العثماني: 1

-ثورة الكرك التي اندلعت في العام 1910 حيث أقدم السكان على الهجوم على السراي الحكومي التركي فقتلوا 65 جنديا ً وقتل من السكان 12 شخصا ً وعلى إثر ذلك تاريخ 1611911 هاجمت كتيبتين من القوات التركية عشائر المواجدة فاعتقلت 84 شخصا ً من أبنائها ثم قتلتهم بطريقة بشعة إضافة إلى آخرين قتلوا من أبناء عشائر الكرك المختلفة .

2-ثورة الشوبك : انطلقت الثورة الأولى سنة1900 كان سببها كثرة الضرائب والرغبة في الاستقلال وقد شارك أبناء بئر السبع في هذه الثورة ، أما الثورة الثانية 1905 حيث احتل السكان القلعة وكان سبب الثورة هو قيام أحد الجنود بالتحرش بنساء البلدة وقد سيق زعماء الثورة إلى السجن وتعتبر ثورة الشوبك بداية لتحريض السكان على الثورة والمطالبة بالاستقلال.

وهناك ثورات أخرى قامت في الأردن من أشهرها ثورة بني حميدة وثورة الطفيلة . حدثت هذه الثورات لانحراف الحكم العثماني واستبداده وظهور الطورانية الداعية على التتريك وإلغاء .القومية العربية .

وقد انظم أهل الأردن بكل ما يملكون من قوة للثورة العربية في عام 1916بدءا ً من جنوبه فالوسط فالشمال واستطاعوا أن يحرروا الأردن وأرض الشام باحتضانهم لهذه الثورة .

3- وفي العام 1921 حدث عصيان الكورة بزعامة كليب الشريدة إبان عهد الحكومات المحلية وأراد أن يستقل عن حكومة عجلون وطالب بأن يتبع إلى عمان مباشرة ، وفي 12 أيار 1921 أرسلت الحكومة المركزية في عمان قوة للسيطرة على العصيان إلا أن القوة وقعت في كمين وقتل خمسة عشر جنديا واثنين من الأهليين وأخطر كليب إلى إطلاق سراح المعتقلين أمام تهديد الحكومة والتجأ كليب إلى قرية سوف ثم أذعن للحكومة فاصدر الأمير عفوا ً عنه وبعد عام سيطرت الحكومة على المنطقة وأخضعتها للحكومة .

الأردن ملاذ !!

شهد ساحات الأردن حوادث مفصلية هامة: 1- فقد جرى في مدينة أذرح في معان التحكيم بين أنصار علي بن أبي طالب رضي الله عنه وبين أنصار معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بعد أن لم يتم الاتفاق على موقع دومة الجندل في سنة 37 هجري تم الاتفاق على بلدة أذرح في سنة 38 هجري .

2- وفي بلدة الحميمة التي احتضنت العباسيين وكانت انطلاقة الدعوة العباسية منها إلى خراسان ثم استلام الحكم في العراق ويعود تاريخ بدء الدعوة العباسية في الحميمة إلى 100هجري ابتدأها محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وهو دعوة قامت على أساس الدعوة إلى آل البيت وتم إرسال الوفود إلى العراق وخراسان لحقهم في الخلافة واختاروا الحميمة لأنها بعيدة عن الأمويين ولتماسها مع قوافل الحجاج ومواصلة دعوتهم ، وقد شيدوا القصور وزرعوا البساتين . 3- وفي تموز 1922 لجا سلطان باشا الأطرش إلى شرق الأردن بعد أن قاوم الفرنسيين واعتقال المجاهد أدهم عنجر الذي تم إعدامه في بيروت فكان هذا سببا بأن يثور الأطرش على الفرنسيين وقد رفض الأردنيون تسليمه إلى الفرنسيين وبقي في الأردن إلى أن أصدر الفرنسيين عفوا عنه وعاد إلى بلده مرفوع الرأس.

حكومات شرق الأردن . . . . .

عند وصول الأمير الهاشمي إلى معان في 21 تشرين الثاني 1920 واستقبل بحفاوة من أعيان البلاد وبقي في معان 4 أشهر وبعد معارك شهدتها العقبة والطفيلة وباقي المدن الأردنية ، دخل الأمير عمان في 2 آذار 1921 وسط ترحيب الأهالي كانت هناك حكومات قد سبقت قدوم الأمير وكانت قائمة وهي :

حكومة السلط ومركزها السلط يرأسها مظهر ارسلان يساعده مجلس الشورى.

?حكومة الكرك ومركزها الكرك يرأسها رفيفان المجالي يساعده المجلس العالي .

?حكومة عجلون ومركزها اربد يرأسها علي خلق الشراري ويساعده المجلس الإداري .

وبعد انتهاء الحكم الفيصلي أصبحت منطقة شرق الأردن تعيش فراغ سياسي فحاولت فرنسا جعلها ضمن نفوذها ، فاعترضت بريطانيا وأخذت تعمل على وضع المنطقة تحت وصاتها ، اجتمع هربرت صموئيل المندوب السامي في فلسطين بزعماء البلاد ووجهائها في مدينة السلط في 1920 وتم الإعلان عن تشكيل حكومة شرق الأردن خاضعة للانتداب البريطاني تولى عدد من الضباط البريطانيين تنظيم الأمن وهي حكومة محلية لم تحمل خطة دولية وأبقوا على الحكومات تحدد بما يشبه شكلا محددا للدولة فرض من خلال مؤتمر أم قيس 1920 حيث كانت المطالب الأردنية هي تصور للتسوية مع الإمبراطورية البريطانية بان الأردن لا يحكم مباشرة عل مدى تاريخ الإمبراطوريات مما أدى إلى رضوخ البريطانيين وتشكل القطر الأردني وتقرر وضع النجمة على العلم الأردني في أم قيس وليس في لندن أو أي مكان آخر.

معارك وحروب شارك بها الأردنيون ..........

صد هجوم خارجي ... تعرض الأردن لهجوم الوهابيين على فترتين ففي 2281922 حيث تمكنوا من الوصول إلى أم العمد والطنيب والمشتى وبعض القرى المجاورة والتي يقطنها قبيلة بني صخر واستطاعوا أن يهزموهم وتم قتل 300 مهاجم وفر الآخرون وأسر عدد كبير منهم ونتيجة هذه المعركة تم إيقاف الزحف الوهابي بعد أن تم استيلائهم على تيماء والجوف وحايل بعد أن سقط حكم ابن رشيد في حايل استمروا بالزحف شمالاً ونتيجة هذه المعركة تم القضاء على آمالهم وأطماعهم في شرق الأردن .

الهجوم الإسرائيلي :

بعد إعلان قرار تقسيم فلسطين وقرار الانسحاب البريطاني من فلسطين بتاريخ 1551948 قرر الأردن إدخال قواته بنفس التاريخ بهدف إنقاذ الأراضي من الزحف اليهودي وقد خاضت الأرض الكثير من المعارك أهمها :

1-معارك القدس ( 2851948 ) : ?معركة اللطرون : استمرت المعركة ثمانية أيام متتالية كان قائد الجيش الإسرائيلي ارييل شارون الذي أصبح رئيسا ً للوزراء الإسرائيلي فيما بعد وقائد القوات الأردنية النقيب حابس المجالي الذي أصبح برتبة مشير وقد جرح شارون في المعركة ووقع في الأسر وقد تم إرساله إلى معسكر الاعتقال في المفرق مع 430 أسيراً آخر، وكان عدد القتلى الإسرائيليين في معركة اللطرون حسب الاعتراف الإسرائيلي 1000 قتيل .

?معركة باب الواد : إحدى معارك القدس حدثت بعد أقل من أسبوع من معركة اللطرون قاد هذه المعركة الضابط نواف جبر الحمود استطاعت القوات الأردنية تحرير القدس من القوات الإسرائيلية وكانت خسائر الاحتلال هائلة بالمئات والجرحى أكثر من ألف بينما خسر الأردن 14 شهيدا ً من قواته والجرحى 25 و10 شهداء من المناضلين العرب . واعتبرت معركة القدس نصر تاريخي لأنه كان السبب الرئيس ببقاء القدس القديمة وما جاورها بيد العرب .

2-معارك كفار عتسيون (1351948) : كانت سياسية الجنرال جلوب في فلسطين تجنب الاشتباك المباشر مع اليهود إلا في حالة الدفاع عن النفس !! ولكن ما جرى في مستعمرات كفار عتسيون لم يتقرر من السلطات العليا للجيش العربي " القيادة البريطانية" وإنما قرره شاب أردني أعد للحرب هو عبد الله التل ، وقد نجح في احتلال المستعمرات الأربع التي تربط القدس بالخليل والتي كانت حسب قرار التقسيم الذي رفضه العرب تابعة لسلطة شرق الأردن بموجب تفاهم (1947) بين بريطانيا والحكومة الأردنية .

ساند الجيش العربي قوة مشاة من أهالي المنطقة بقيادة محمد علي الجعبري وقد بلغت خسائر اليهود في معركة الدفاع عن كفار عتسيون 233 قتيلا وأسر 183 بينهم فتاة برتبة ملازم هي ابنة أحد مؤسسي الكيان الصهيوني شرتوك .

وبعد سقوط المستعمرات الأربع والمذبحة التي تعرض لها المستوطنون أدى ذلك إلى الإخلاء الفوري لبقية المستعمرات اليهودية الواقعة داخل مناطق عربية مثل عطروط ونيفي ومنطقة كاليه . ?

معركة ناجحة لفك الحصار عن القوات المصرية في شباط 1949 ، وهناك معارك حاسمة أخرى سبقت ذلك وهي معركة بيت نبالا ومعركة حيفا ومعركة مستوطنة النبي يعقوب ومعركة غيشر في أواخر شهر نيسان 1948 .

في 1191956 تصدت القوات الأردنية لقوات إسرائيلية مهاجمة على قطاع الخليل وبعد اشتباك عنيف اضطر الإسرائيليون للانسحاب مدحورين.

وفي 10 101956 تصدت القوات الأردنية لقوات إسرائيلية غرب منطقة النبي الياس مكونة من كتيبة مشاة مدعومة بالمدفعية والطائرات المقاتلة وأجبرت على التقهقر خلف منطقة قلقيلية . و في العام 1956 اتخذ الملك حسين من الضباط الأحرار واجهة استند عليها في تعريب الجيش العربي و طرد الضباط الانجليز من قيادة الجيش العربي الأردني و تلاها في العام 1957 إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية .

3-معركة السموع (13111966): حدثت معركة السموع الضارية في محافظة الخليل حيث تصدى الجيش العربي الأردني لهجوم إسرائيلي تكون من لواء مشاة وكتيبتين من الدبابات مدعوم بالطائرات والمدفعية وبعد قتال مرير أجبر الإسرائيليون على التراجع رغم ما تعرضت له القوات الأردنية من خسائر قاسية .

4-حرب1967 : خسر الأردن المناطق التي ضحى جنوده واستطاع الحفاظ عليها طيلة حربه مع اليهود في معارك القدس الشهيرة اللطرون وباب الواد وجبل المكبر وجنين ونابلس والشيخ جراح وغيرها خسرها نتيجة حرب لا يتحمل الأردن وحده تبعاتها وإنما القيادة العربية التي انسحبت قواتها بعد ساعات من بدء المعركة ولم تفي وعود العرب بتأمين الغطاء الجوي للقوات الأردنية ، وحسب الرواية الأردنية " قاتل الآخرون بضع ساعات وبقينا نقاتل أياما ً حتى آخر رجل وآخر طلقة " ، فأضيف إلى النكبة نكسة أخرى لا يزال يعاني الشعب الفلسطيني في الداخل منها الأمرين .

5-معركة الكرامة (2131968): شنت إسرائيل هجوما ً بقوات تقدر بحوالي 15 ألف جندي ومظلي مدعومين بالطائرات المقاتلة والمدفعية وحاولت القوات الإسرائيلية التقدم عن طريق أربعة محاور هي : - جسر الأمير محمد أحبط الهجوم وتراجع الإسرائيليون غرب النهر بعد أن تكبدوا قتلى وجرحى . - جسر سويمة افشل عملية التجسير على النهر وتراجع الإسرائيليون بعد أن تكبدوا قتلى وجرحى . - غور الصافي تمكن الإسرائيليون من الوصول إلى غور الصافي وتم تدمير عدد كبير من معداتهم وأجبروا على الانسحاب . - جسر الملك حسين تمكن الإسرائيليون من الوصول إلى الشونة والكرامة ودار قتال ضاري بين القوات الأردنية والإسرائيلية وحسب مشهور حديثة القائد الأردني في المنطقة فقد شارك بعض الفدائيين الفلسطينيين في معركة الكرامة إلى جانب القوات الأردنية ، ولم يتوقف القتال إلا عندما تم انسحاب آخر جندي إسرائيلي وكانت الخسائر الإسرائيلية 250 قتيلا و450 جريحا فيما أستشهد 61 جنديا أردنيا وجرح 108 وقد تجلت اللحمة الوطنية بأن استطاع المرشح في الجيش العربي الشهيد عارف الشخشير وهو من مدينة نابلس من تدمير عربة قائد الهجوم على الكرامة ابن آل الون وقد أستشهد البطل فيما بعد .

-*إعلان العدو عن سبب الهجوم هو القضاء على المقاومين إعلان غير صحيح لأن من أهداف الهجوم حسب الرواية الأردنية هي : 1

-حشد العدو الإسرائيلي قواته لاحتلال مرتفعات البلقاء والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شرط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل . 2-وضع موضع قدم على أرض شرق الأردن لتحقيق أهداف إستراتيجية وتوسيع الحدود .

3-ضمان الأمن على خط وقف إطلاق النار وتدمير القوات الأردنية وزعزعة الروح المعنوية للأردنيين وإبقاء الروح المعنوية للإسرائيليين عالية بعد انتصارهم العام 1967. وسرعان ما بدأت المنظمات الفلسطينية حمل السلاح واتخاذ المدن قواعد لها وبدأت قوات الأمن والجيش تفقد سيطرتها وبدأ القلق ينتاب الأردنيين وبات يشعر الملك حسين بأن هناك دولة بدأت تنمو داخل دولته وقد اتخذ الأردن عدة إجراءات بتوقيع اتفاقية المنظمة التي تدعوا إلى توجيه العمل الفدائي إلى العدو الصهيوني وإخلاء المدن وعدم حمل السلاح في المناطق المدنية .

5-في (16-9-1970)القوات الأردنية تتحرك لمواجهة المنظمات الفلسطينية المسلحة التي عاثت في الأردن فسادا ً وأصبحوا يغلقون مداخل المدن ويجبون الضرائب وأنشأوا دولة داخل دولة وكانت دعوتهم إسقاط النظام وأخذوا يتطاولوا على الجيش وقوات الأمن ، وبحلول صيف عام 1971 أكمل الجيش الأردني مهمته وأخرج المنظمات المسلحة من أراضيه ، وعلى خلفية ذلك أستشهد رئيس الوزراء الأردني وصفي التل في القاهرة على أيدي أربعة من أعضاء من منظمة أيلول الأسود في 28نوفمبر 1971 . محاولة اغتيال الملك : 1

-نجا الملك حسين من محاولة فاشلة لاغتياله في 9يونيو1970 أثناء مرور موكبه في منطقة صويلح وقد قتل عدد من حراسه.

2-محاولة أخرى حينما اعتلى قناص فلسطيني كان مختبئا ً في مئذنة المسجد الحسيني " وسط عمان " بإطلاق النار على سيارة الملك حسين وقد أصيب زيد الرفاعي في ظهره .

صد هجوم خارجي :

تصدت القوات الأردنية للقوات السورية المهاجمة وتكونت من 5الآف جندي مدعمة 250 دبابة وتوغلت في شمال الأردن ووصلت إلى مدينة الرمثا وكان الهدف السوري هو تخفيف الضغط عن المنظمات الفلسطينية التي كانت تخوض قتالا شرسا ً داخل المدن مع القوات الأردنية واستمر القتال بين القوات السورية والقوات الأردنية مدة 16 ساعة وتمكنت القوات الأردنية المدرعة وسلاح الجو من دحر القوات السورية وقد خسر السوريين 100 دبابة وخسر الأردن 20 دبابة وتوسطت السعودية لدى الأردن للسماح للسوريين بسحب معداتهم المدمرة .

مهمات خارجية :

اتخذ الأردن الحياد الإيجابي والذي لا يعني الجمود وعدم التفاعل مع مجريات الأحداث وقد قام الأردنيون بمهمات خارجية أهمها :

1-قوات أردنية للكويت : في 1961961 أعلن الرئيس العراقي عبد الكريم قاسم ضم الكويت إلى العراق عقب إعلان استقلالها فقررت جامعة الدول العربية إرسال قوات لضمان استقلال الكويت وكان الأردن من أوائل من أرسل قواته المكونة من كتيبة مشاة مدعومة بسرية دفاع جوي وعادت القوات الأردنية إلى أرض الوطن في 13121963.

2-قوات أردنية لليمن : انقلاب في اليمن يقوده العقيد عبد الله السلال مدعوما من قبل مصر وسوريا أطاح بالإمام محمد البدر فقد أرسلت مصر 60 ألف جندي لمساندته ، فتحركت الأردن والسعودية ضد هذه الثورة وفي 12111962 وقعت الأردن والسعودية اتفاقية دفاع مشترك وعلى إثر ذلك أرسل الأردن 1500 جندي وجاء تدخل الأردن لحماية دول الخليج من تهديد الانقلابات التي دعا لها السلال لتطال دول المنطقة.

3- قوات أردنية على الجبهة السورية:

أرسل الأردن خيرة قواته اللواء المدرع 40 نتيجة لتدهور الموقف على الجبهة السورية في 14101973 ويخوض معركة ضارية أجبر العدو على التراجع إلى الخلف مسافة 10 كم ويبقى هناك لحين توقف العملية العسكرية .

4-قوات أردنية لسلطنة عمان : شارك الجيش الأردني من سنة 1974 ولغاية سنة 1979 في مواجهة ثورة ظفار الشيوعية في سلطنة عمان التي كانت تهدف إلى قيام جمهورية اشتراكية على غرار جمهورية اليمن الديمقراطية وقد أرسل الأردن كتيبة قوات خاصة وعدد من طياري الهوكرهنتر وكان لهم دور بارز في تأمين الأمن في سلطنة عمان.

5-الأردن يقف إلى جانب العراق في حرب الخليج الأولى (1980-1988 )بين العراق وإيران دفاعا ً عن البوابة الشرقية للوطن العربي .

6-القوات الأردنية تشارك في مهمات قتالية وإنسانية وحفظ سلام في معظم المناطق الساخنة في العالم واكتسبوا خبرة فنية عالية ومصداقية يشهد له بها الجميع .

ماذا يعني الوطن البديل أردنيا ً وفلسطينيا ً

يعني الوطن البديل للأردني أن القضية الفلسطينية التي عانى وناضل من أجلها عقود من الزمن وقدم التضحيات من أجلها وتقاسم لقمة العيش مع من لجأ إليه مرغما تاركا ً حقوقا ً ومكتسبات غربي النهر قد حلت على حساب أرضه وشعبه و لربما لاحقا سيطال نظام الحكم فيه ، وأن الأعداد الهائلة من أشقائه الفلسطينيين قد حرموا بالرضا أو بالإكراه من حق العودة والتعويض ومن ثم تقديم فلسطين كاملة هدية للكيان الصهيوني بتواطىء أطراف عالمية وإقليمية ولربما عربية وفلسطينية أيضا .ً

أما فلسطينيا فيعني الوطن البديل للأغلبية الساحقة من فلسطينيي الأردن أن الأردن هو وطنهم وان العودة لفلسطين حلم صعب أن يتحقق في ظل الظروف الراهنة لذلك تجد ان الكثير من الأصوات تطالب بحصول الفلسطينيين على حقوق يدعون منقوصة خاصة على وظائف القطاع العام بعد أن تمت السيطرة شبه الكاملة على القطاع الخاص وبعد أن خمد روح النضال لدى شريحة كبيرة من الأجيال الصاعدة المرفهون في مناطق عمان الغربية وباقي المناطق الراقية في المدن الأردنية الرئيسية ؛ وهذا يعني أن هنالك خوف قائم على التنازل المجاني الذي يؤكده الجيل الجديد في غياب ثقافة المقاومة والبعد عن مسرح الصراع الأيدلوجي والفكري مع الكيان الصهيوني ، وبطبيعة الحال يختلف سكان المخيمات في هذه التطلعات عن السكان المرفهون في المدن وقد ظهر جليا ً في المناظرة التي حصلت على قناة الجزيرة بين المحلل السياسي د. عزمي بشارة وبين ياسر زعاتره عندما تبادل الطرفان الاتهامات بالولاء للقضية الفلسطينية ؛ فقد اتهم الزعاتره عرب 48 بعدم مساندتهم لإخوانهم في الضفة الغربية ورد عليه بشارة بأن فلسطينيي الأردن هم مشغولون ببناء الفلل الفخمة وإنشاء الشركات والمصانع واقتناء المرسيدس والسيارات الفارهة الأخرى .

غير انه وفي أحد الاستطلاعات للرأي فأن ما نسبته 90% من سكان المخيمات يفضلون البقاء في الأردن " المخيمات وليس سكان المدن والأحياء الراقية !!!" وتقوم الحكومة الأردنية بتطوير الحياة الاجتماعية لهذه المخيمات وقد تم صيانة وتطوير وتنظيم لهذه المخيمات وتم إنشاء مرافق عامة من مستشفيات وعيادات طبية شاملة وساحات عامة وقد قام الملك بتدشين الكثير منها مؤخرا ً .

وعن خطر المعادلة الديمغرافية في الأردن فقد صرح خالد حسن أن معدل 10الآف فلسطيني يدخل الأردن شهريا ًيستقر معظمهم فيه ويهجرون فلسطين بلا عودة !!!! ويستمر تجنيس الفلسطينيين بالجنسية الأردنية وقد أعلن مؤخرا ً عن تجنيس 6 آلاف شخص خلال النصف الأول من هذا العام (2008) ، وهذا يزيد من قلق الأردنيين على قلب المعادلة الديمغرافية في الأردن ويساعد على تفريغ الضفة الغربية من سكانها ويصب ذلك في مصالح إسرائيل .!!!

قلق وليس خوف !!!

إن رد الشعب الأردني على أية مقولة أو طرح يمس كيانه ومصالحه العليا لا يعني بالضرورة خوف بل هو باعث قوة مع الأخذ بالحسبان بأن المؤامرة موجودة فعلا ويكون ورائها الولايات المتحدة ومشروع الشرق الأوسط الذي يتضمن الخيار الأردني وان هناك إجماعا إسرائيليا على هذا الخيار يسوق له أصدقاء إسرائيل من اليمين المتصهين في الحزب الجمهوري الأمريكي .

القلق يلزمه اطمئنان

على المصير الوطني بتقوية الجبهة الداخلية بتوعية وتثقيف الشعب ورفع معنوياته وانبعاث روح النضال فيه وتوجيهه إلى أن الدفاع عن الوطن أمر قد يحدث في أي وقت وزمان وان ثقافة السلام الحالية ما هي إلا هدنة يحددها العدو الصهيوني حسب مصالحه واستراتيجياته " العدو لم ولن يصبح صديق وهو يحتل المقدسات ويشرد شعب بالكامل ويهدد وجود الأردنيين الذين لن يتخلوا عن النضال ودعم للشعب الفلسطيني وأن المؤامرة على الأردن هي مؤامرة على الشعب الفلسطيني .

وما يقلق الشعبين الأردني والفلسطيني هو ما تشهده دول الجوار من قلاقل واحتلال للعراق ولفلسطين كذلك فإن التداخل الديمغرافي في الأردن ، تعد الوحدة الوطنية ركيزة في دعم التعايش ودمج اللحمة الوطنية بل هو مدعى للقلق وللانقسام الحاصل فلسطينيا بين إمارة حماس وحكومة السلطة والقلق من امتداد هذا الخلاف داخل الأردن وعلى الرغم من أن السلطات الأمنية الأردنية تحظر أي نشاط تنظيمي للمنظمات الفلسطينية على أراضيها منذ عام 1970 غير أن هذا الخطر موجود سياسيا في الواقع إذ توجد مكاتب دراسات وأبحاث مثل مكاتب الجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وجبهة النضال الشعبي ومكاتب منظمة التحرير الفلسطينية تمثلها حركة فتح والسفارة الفلسطينية في عمان . أما عن حركة حماس فإن الحكومة ترى أن هناك رابطة قوية بينها وبين تنظيم الإخوان المسلمين وقد وصل التوتر ذروته حينما اعتقلت السلطات الأردنية أربعة نواب من الحركة بعد أن أشاد أحدهم علنا بالزرقاوي وزار الآخرون مقرا للتعزية بعد الإعلان عن مقتله ، كما أعلنت الحكومة في إبريل 2005 عن اعتقال عناصر من حركة حماس بتهمة تهريب أسلحة وتخزين متفجرات على أراضي المملكة باستهدافها دبلوماسيين ورجال استخبارات إسرائيلية وأحيل المعتقلون إلى محكمة امن الدولة .

الشعب الأردني كثير التعاطف مع الشعب الفلسطيني الشقيق وملك الأردن هو أكثر تعاطف مع هذا الشعب وقد جندت الدبلوماسية الأردنية ورحلات الملك المكوكية كلها لصالح القضية الفلسطينية ويبدي الملك قلقه من عدم قيام الدولة الفلسطينية وقد صرح في الكثير من المحافل على أن عدم قيام هذه الدولة يشكل خطرا كبيرا على الأردن .

وفي مجابهة هذه الأخطار على الأردنيبن العمل بالآتي :

1-تعزيز القدرات الأمنية والدفاعية الذاتية .

2-تقوية وإصلاح الجبهة الداخلية وتقوية الحس الوطني ضمن مبدأ العدالة الاجتماعية .

3-المحافظة على التوازن العسكري والسياسي القائم في المنطقة وعمل بدائل إستراتيجية .

4-التخفيف من الاعتماد على الدول الكبرى في مجالات تحقيق التوازن .

5-توعية الأجيال و بث روح النضال لديهم و تعريفهم بالقضية الفلسطينية و إعادة تدريس مادة القضية الفلسطينية لتكون حاضرة في ذهن الأجيال القادمة .

6-الإصلاح السياسي والمشاركة الشعبية في صنع القرار وإلغاء المناكفة السياسية والتي بدأت ملامحها تظهر خاصة بين النخب السياسية وصناع القرار على خلفية بيع أراضي وممتلكات الدولة التي أثارت جدلا ً واسعا ً في الفترة الأخيرة . 7- نفي مقولة أن الأردن صنيعة سايكس بيكو حيث أن الأردن شعب وارض شكل ويشكل جزءا رئيسيا من بلاد الشام وبأن هناك طروحات تدعو لاختزال التاريخ بالادعاء بان الأردن قد تشكل من ارض ونظام دون الإشارة إلى الشعب والذي يعد حسب النظريات السياسية لقيام الدولة شرطا أساسيا لقيام هذه الدولة وبدونه لا تقوم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد