ما بين عبدون وكفرسوم

ما بين عبدون وكفرسوم

08-04-2009 12:00 AM

ما بين عبدون وكفرسوم تطول المسافات ، وتتشعب الطرق ، وتتباعد الدروب . ما بين عبدون وكفرسوم رائحة البورغر وفتات الخبز ، ما بينهما عذابات عطش واشتهاءات ، وتلون وجوه ولجلجات ألسنة .

هنا في كفرسوم ، أناس يفرحون لهبة هواء تشرينية ، تسوق أمامها أوراق خريف منسية ، بين حواريها وأزقتها ، معلنة بدء الوسم ، وارتجافها لأول وابل يقبل صفحة وجهها ، ويغسل أغصان زيتونها ورمانها ، ويعبث بدفء لذيذ بسطوح منازلها ، ويلهو بمرح بسقوف عرائشها .

في كفرسوم ، تختزن صدور أبنائها وأجفانهم ، ذرات تراب عشقوه ، وحلفوا بـ ( شرف أمهاتهم وأخواتهم ) أن يصونوه ، غنوا له في موالدهم وفي أعراسهم ، وعند حصادهم ، ومن عصارته تغذت شرايينهم . من تضاريسه أخذوا أرقامهم الوطنية وألوان وجوههم ، ولأجله فقط حملوا جوازات السفر. لكفرسوم مع أهلها قصة حب ووفاء ؛ قلما روت مثلها كتب العشق ، وحكايات العاشقين ...

هنا صبيات وصبية ، حفظوا نشيدنا الوطني ، وآمنوا به وأحبوه ، يرددونه كل صباح ، لا يمارون بحب ، ولا يداهنون بايمان ، ما تنطلق به الأفواه ، هو بالضبط وجيب الأفئدة ، ونبض الشرايين . صبيات وصبية ، حفظوا دروس الهواشم ، صفحة صفحة ، أحبوا عميدهم ، فبادلهم الحب بحب .

بنات كفرسوم عصابة رؤوسهن العز والشموخ ، يتزنرن بالعزم والإباء ، ورضعن المجد من أرض ما ضنت يوما بعطاء ، ولا أصابها عقم أو وباء . وهن بالذات من أوصاهن عرار

يا أردنيات أن أوديت مغتربا فانسجنها ـ بالله ـ أنتن أكفاني

في كفرسوم رجال أحبوا الوطن ، وأقسموا على أبنائهم بحبه، وسطروا عشقه في تمائم علقوها على صدور الأطفال ، ونثروا ترابه ترياقا على حبالهم السرية ، وعمدوهم بطينه الممزوج بعرق الأجداد ، وحين خافوا على الوطن ماتوا لأجله .

آه يا من تظنون الوطن حقيبة سفر ، أو محطة ركاب منسية !! ألف آه ! يا من تظنون تراب الوطن غبارا وأوحال على زجاج وإطارات سياراتكم !! كم أشفق عليك وأنا أقرأ فصل الانتماء للوطن ، والولاء لقائده في سفر كفرسوم .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد