صحيفة السوسنة الأردنية

زكريا ابراهيم العمري

الانسان هو ذلك الذي ينفعل لمشاكل غيره بنفس الحماس , بنفس الأثر والتأثير والمشاركة التي ينفعل بها لمشاكله الخاصة بإعتباره واحدا من إنسانية موصولة الأهداف متشابكة المشاعر 0

الانسان الانسان هو ذلك الذي لا يطيق أن يرى مظلوما يذرف دمعة , ولا بائسا يجتر مرارة بؤسه , ولا حتى دابة تلهبها السياط في وحشية وقسوة ولا اقول صاحبها , ولكن فينا نحن البشر من لم يطعم مرارة الظلم , فجاءت حياته خالية من الاحساس بالآم غيره , خالية من كل رحمة 0

ولكن فينا نحن البشر أيضا من طعم تلك المرارة فلم تمنحه الاحساس بالألم , ولا الرحمة , وانما اندفع في حساب الثأر ينكأ جرحا بجرح , دما بدم , وكأن العقاب وحده بوابة التعامل الامثل الى الرضى0

ولو ان الذين يحكمون بعذاب غيرهم ذاقوا ولو مرة واحدة ما يدفعون به من عذاب لكانت حساباتهم مع الآخرين أكثر عدلا , وأكثر تعقلا , ولما تكررت قصة ذلك الإعرابي الذي حكم عليه بمائتي جلده دفعة واحدة , فما كان منه إلا أن التفت الى صاحب الحكم , وعلى فمه إبتسامة ساخرة مذعورة قائلا :

أما أنك لا تعرف الحساب , أو انك لم تذق بعد طعم السياط , والرحماء من البشر هم أولئك الذين يعرفون الحساب قبل وبعد ,
كيف تكون الرحمة في ميزان التعامل بين الكبار , وبين الصغار 0